الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

علاج التوحد بالألوان والطين والصلصال

علاج التوحد بالألوان والطين والصلصال
علاج التوحد بالألوان والطين والصلصال


يلعب الفن دورا مؤثرا فى تنمية مهارات الاتصال لدى الأطفال الذين يعانون من اضطرابات فى النمو وفى التواصل مع الآخرين، لأنه يتيح لهم الفرصة للتعبير عما بداخلهم، وعلاج مشاكل التواصل مع الآخرين ومع كل الأشياء فى البيئة المحيطة.

هذه خلاصة تجربة رشا عادل منسق التربية الفنية فى جمعية التقدم للأطفال ذوى الإعاقة والتوحد التى تشرحها بقولها: «إن العلاج بالفن من أهم وسائل التنفيس عن المشاعر الداخلية المكبوتة للإنسان، وإذا كان لا يستطيع التعبيرعنها باللغة، فيكون التعبير بالألوان وحركتها وتناغمها مع بعضها.. وإذا دققنا النظر فى اختيار الطفل للألوان يمكن أن نعرف حالته المزاجية، ويمكن الاستدلال من حركة الخطوط وطريقة الضغط على القلم بأنه يعانى من مشاعر سلبية خاصة يعانى من مرض التوحد، فنعمل على التخفيف من هذا الضغط النفسى وتوتره وقلقه ومشاعره الحادة.. تتابع: «الأنشطة الفنية تساعد الأطفال ذوى التوحد على تنمية إدراكهم الحسى ومهاراتهم، من خلال تنمية إدراكهم البصرى عن طريق الإحساس باللون والخط والمسافة والبعد والحجم، ويعالج الفن الاضطرابات المختلفة التى يعانى منها الكثير من الأفراد، وهناك أنشطة فنية يتطلب من المريض القيام بها، وهناك أنشطة فنية حرة يترك له الخيار فيها وأما عن المواد المستخدمة فأهمها ألوان «الباستيل - الفلوماستر- وألوان المياه والشمع - الصلصال - الورق -  والطين الأسواني- وأشغال فنية مثل الموزاييك - اشغال الجلود – الطباعة».
معنى الألوان وطريقة الرسم
توضح رشا أهمية العلاج بالفن مع  الأشخاص ذوى التوحد: «إلى جانب التخفيف من الضغط والتوتر والعصبية لديهم،  يساعد فى تنمية الحواس، فهم يستخدمون ألوانا سواء بأيديهم أو بالفرش وبوسائل متعددة، للإشباع من حواسهم وسهولة  التواصل مع الآخرين بطرق مختلفة غير الكلام، يرسمون بألوان معينة أو يجسدون ما يشعرون به من خلال الصلصال أو الطين الأسوانى، ويمكن أن نستدل من خلال أعمالهم على وجود مشكلة أو اضطراب نفسى معين يواجهونه».. وعن تجربتها فى العلاج بالفن مع الأشخاص ذوى التوحد، تقول رشا: «مررت بحالات كثيرة وأصبحت أستطيع التفرقة بين ما يحتاجونه فى أوقات اضطراب حالتهم المزاجية، فأحيانا أترك للطفل حرية اختيار الألوان والورقة، وألاحظ كيف يرسم بألوان نارية ويستمر فى التلوين بحماسة وانهماك وبطريقة منتظمة وبعدها يشعر بالارتياح».. خلال ورشة العمل الفنية بالجمعية، لاحظت رشا أن إحدى الفتيات التى تعانى من التوحد، استخدمت ألوان الشمع وضغطت بشكل زائد على الورقة، وكأنها تريد أن تنفس عما تشعر به من ضيق، واستخدمت ألوانا نارية جدا، ورسمت أشكالا معينة و«شخبطت» عليها، فبدت كأنها بقع لونية، وكأنها تريد أن تقول أنها لا تطيق الناس خصوصا فى هذا الوقت.
لكن الفتاة بعدما انتهت من لوحتها شعرت أنها «مبسوطة» واستمر يومها عاديا من غير عصبية، وبعض الأطفال تفضل رشا أن تختار له الألوان حتى يعبر عما بداخله، «كل شخص يختلف عن الآخر، وأهم شيء  الثقة المتبادلة بين المعالج وبين الطفل ذي التوحد، لأن هذا يطور من التفاعل الإنسانى بينهما».. من بين الأنشطة التى تساعد على التواصل البصرى بين الطفل والمعالج، هى حركة اليدين على سبورة شفافة، وتعتبر من أكثر النماذج التى تساعد فى التواصل معهم، لأنهم لا يحبون الأوامر أو فرض أى شيء عليهم ويفضلون الحرية فى طريقة التعبير عن أنفسهم.. «العلاج بالفن عموما موجود فى مصر، لكنه ليس منتشرا بالصورة الواسعة، إلى جانب محدودية الجهات التى تعمل مع ذوى الاحتياجات الخاصة أو تمارس العلاج بالفن ويكون لديهم خبرة كافية كمتخصصين، وكثيرون يجهلون قيمة العلاج بالفن، وأنه يعمل بجانب باقى الوسائل الأخرى للعلاج، لكن الأمر يحتاج مجموعة من الأخصائيين النفسيين، يعملون كفريق عمل، ويتشاورون فيما بينهم لمعرفة مدى التقدم الذى وصل له علاج الطفل من خلال الفن، بما يثرى الفكر ويجعل كل معالج نفسى يسير على نفس التوجه والطريق السليم للعلاج والسعى لتطويره».. وحول ما يحتاجه هذا الفن كى يتطور أوضحت رشا أنه لابد من تسهيل دراسة المجال، لأن الكورس الواحد يحتاج لمبالغ طائلة، إلى جانب توفير مادة علمية فى الجامعات، ونشر التوعية بأهمية هذا العلاج وتأثيره، ودعم  الأشخاص ذوى التوحد فى رحلتهم حتى يندمجوا فى المجتمع ويتواصلوا مع باقى الأشخاص بصورة طبيعية.
«الصلصال والطين الأسوانى»
 واختتمت رشا بقولها: استخدام الأطفال ذوى التوحد للصلصال أو الطين الأسوانى يجعلهم أكثر قدرة على تجسيم الأشياء التى لا يستطيعون التعبير عنها، ولابد أن يجرى المعالج تجارب على الخامات المتاحة، ويحاول أن يكرر الأنشطة التى يفضلها الأطفال ذوو التوحد ويتفاعلون معها، حتى يخرج منها بنتيجة أفضل، ويبعد عن الأنشطة التى توترهم، وهذه الخبرة تحتاج أكثر من جلس، وعندما تبنى الثقة بين المعالج والشخص ذو التوحد، يساهم ذلك بدرجة كبيرة فى تحسين حالته الصحية والنفسية.