الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

اليتيم هـــو مـــن يعيــش بلا طموح

اليتيم  هـــو مـــن يعيــش بلا طموح
اليتيم هـــو مـــن يعيــش بلا طموح


قوة الإرادة والإصرارعلى تحدى ظروف النشأة، يكوّنان عزيمة لدَى صاحبها تقهر كل المستحيلات أمام النجاج والتميز وإثبات الذات..
مديحة حبيب تركى، لاعبة منتخب ناشئات مصرفى كرة القدم النسائية ولاعبة فريق المؤسسة حاليًا ووادى دجلة سابقًا، نموذج لهذا الإصرار والتحدى، فلم تقهرها ظروف نشأتها فى دار للأيتام، ولم يقتل حلمها عدم وجود أحد بجوارها يعضد من طموحها، ولم يقف أمام نجاحها اضطرارها للعمل فترتين للإنفاق على نفسها مع التدريب.. البطلة مديحة فتحت قلبها لـ«صباح الخير» لتحكى حكايتها فى السطور التالية:


 بدأت مديحة مشوارها مع الكرة وعمرها 7 سنوات وكانت تحلم أن تنضم إلى نادٍ كبير، وتحقق حلمها بالانضمام إلى صفوف وادى دجلة عندما كان عمرها 15 عامًا،  وتحكى مديحة عن بداية انضمامها للنادى قائلة: «كانت هناك  مُدرسة تزورنا فى الدار وكنا نلعب كرة القدم وتشاركنا اللعب رُغم أنها كانت مدربة الكرة النسائية فى نادى وادى دجلة، فتحدثتُ معها عن رغبتنا فى الالتحاق بأحد الأندية،  وبدأت تجرى لنا اختبارات، ونجحت فى الاختبار، واستمرت مشاركتى مع فرق الناشئين بوادى دجلة  9 سنوات أبذل قصارى جهدى دائمًا لأكون فى أفضل حالاتى ولياقتى،وكان لدَىّ قدرة تميزنى عن الجميع، وهى سرعة الجرى بقوة لمسافات طويلة، وأكرمنى الله واستطعت أن أكون إحدى اللاعبات الأساسيات فى الفريق الأول بالنادى، وواجهت مشاكل كثيرة منها أن  مسئولى الدار يرفضون فكرة أن ألعب كرة قدم مثل الشباب وأنا فتاة ولم أتزوج بعد، وكنت أقفز من فوق سور الدار حتى أذهب للتمرينات وأحقق حلمى الذى بدأته وأرفض أن يقتل أحد طموحى.
 وتضيف مديحة: «اخترت اللعب فى نادٍ آخر لأحصل على خبرة أكبر مع العلم أن وادى دجلة به أفضل فريق كرة نسائية فى مصر، وربما كان التحدى الذى وضعته أمام عينى وهو أن لدىّ ظروفًا خاصة يجب أن أتخطاها وأثبت ذاتى للجميع وأننى أستحق التفوق والنجاح.
وكانت مديرة الدار تخاف علينا بدرجة  كبيرة  وتمنعنا من اللعب، وكانت خائفة أن أقول لها «مش عايزة أتجوزعشان الكورة»  وكنت قريبة منها جدّا وأعتبرها أمى، فكنت أسمع كلامها وأحاول ألّا أتحدث أمامها عن المباريات أو التمارين، مع أنى كنت فى احتياج لمن يدعمنى ويشجعنى ويقوينى فعشت وحيدة طوال عمرى وسط الناس، وهناك الكثيرون كانوا يقتربون منّى بدرجة كبيرة، وعندما يعرفون ظروفى، يحدث أحد أمرين إما أن يشفقوا علىّ أو يبتعدوا عنّى، وللأسف نظرة المجتمع لليتيم «وحشة جدّا»، والحمد لله لدىّ قوة داخلية وصلابة وثقة بالنفس تعصمنى من مرارة هذا الإحساس، وأعمل منذ 3سنوات فى إحدى شركات الأحذية والحقائب وأعمل وأتمرن وفى المساء أعمل فى «جيم ايروبكس» لتدريب السيدات، وهذا كان يرهقنى بشدة، ولكنى دائمًا ما أدعو أن يرزقنى الله بقدر تعبى واجتهادى.
أطور نفسى لأشترى شقة وألأعيش مع إخواتى
وبنظرة تحدى وأمل تقول مديحة: «أحلامى أصبحت كبيرة وأعمل على تطوير نفسى دائمًا حتى أستطيع أن أوفر ثمن شقة وسيارة  لأعيش مع أخواتى وأحب الناس إلى قلبى.. «منال ونرجس ورشا وضحى» وأعتبرهن أخوتى الحقيقيين ومتأكدة من كرم ربنا وإنه هيرزقنى لغاية لما عينى تدمع من الفرح وبدأت فى البحث عن جمعيات  تساعدنى فى تحقيق أحلامى.. عارفة إن الحياة مش سهلة ومش هافضل فى نجاح على طول وفيه وقت هاييجى مش هاحس إنى عملت حاجة جديدة بس مجرد ما أحس باللحظة دى يبقى أنا على أول طريق النجاح.. عندى كلام كتير عايزة أقوله لكل الناس وأنه مفيش أبدًا يتيم على وش الأرض غير اللى ماعندوش طموح يبقى حتى ماعندوش حياة.
تشير «مديحة» إلى أن المكافأة التى كانت تتقاضاها من  النادى لم تكن تكفيها وتقول: «لم أتعود  أن أطلب  شيئًا من أحد، وهناك الكثيرون ساندونى ووقفوا بجوارى، ومن أسعد اللحظات فى حياتى عندما أرى الكثيرين يتمنون أن يصبحوا مثلى، واستغللت فرصة أن رئيس الشركة التى أعمل بها يساعدنى حتى لا أتأخر على التمرين دون خصم هذا الوقت، وكنت بالفعل أول من يحضر للتمرين لأنى أحب الالتزام، وفى الساعة الخامسة عندما ينتهى التمرين، أذهب للعمل  فى جيم السيدات وأنتهى فى الساعة 9مساء لأعود منهكة بشدة ولا أجد وقتًا لأتناول طعامى، فكنت أتناول طعامى فى الطريق بين المواصلات،  والحمد لله كنت لاعبة أساسية فى كل المباريات، والفضل يعود إلى رئيس الشركة أبى الروحى محمد المغربى لأنه أعطانى الفرصة للتمرين وكان يساندنى دائمًا ويشجعنى وأستمع لنصائحه وله جملة شهيرة دائمًا ما كان يقولها: «أنا زى القطار اللى هيحاول يشدنى وياخدنى فى اتجاه تانى هاقطع له إيده وهاكمل».. وله معى موقف أثر فى بشدة، حيث كان لدينا مشاكل كبيرة فى الدارتصيبنى بحزن شديد، ففتح لى بيته وجعلنى وسط أسرته وتأكدت وقتها أن الله كريم وأن من يتقى الله فى عمله ويجتهد فى تحقيق حلمه يسخر له الله دائمًا فى طريقه من يسانده ويشد من أزره وقت الضيق والشدة».