الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

إهمالنا السابق لإفريقيا «خيبة كبيرة» كلفنا المليارات

إهمالنا السابق لإفريقيا «خيبة كبيرة» كلفنا المليارات
إهمالنا السابق لإفريقيا «خيبة كبيرة» كلفنا المليارات


وصف العالم المصرى الكبير الدكتور فاروق الباز، فى الجزء الثانى من حواره لـ«صباح الخير» إهمالنا للتعاون الاقتصادى والأمنى والقوى البشرية مع دول أفريقيا بأنه خيبة كبيرة، مؤكدا أن هذا التعاون كان سيوفر علينا المليارات التى نتكبدها فى الاستيراد، وقال: إن الألمان يقدسون العمل ويعشقونه ونحن نكرهه، وهذا هو الفارق بين الدول التى تعظم قوتها البشرية من اقتصادها وبيننا وتفاصيل أخرى يكشفها فى سطور الحوار التالى.

هناك تحديات كثيرة معاصرة تواجه مصر والمصريين.. كيف ترى المنهج الأنجح لمواجهتها؟
- عندما نعود لمصريتنا الأصيلة ولمصرنا القديمة، سننتصر على كل التحديات التى تواجهنا «هو أنا طالع منين؟ أنا طالع من الفلاحين..من طين مصر وهو اللى فيه سر شخصية وثقافة المصريين» عندما أرسلت الملكة حتشبسوت بعثات إلى إثيوبيا كانت تقدر قيمة علاقة الجوار وشريان النيل الذى يربطنا بجيراننا، وأن هؤلاء بإمكانهم إغلاق هذا الشريان الذى هو سر الحياة فى مصر، وكانت ترسل مبعوثيها بالهدايا ويعودون لها أيضا بهدايا وكتب وحيوانات لم يرها المصريون من قبل، والآن نحن ننسى فعل ذلك أو لا نعطيه حقه المطلوب.
كيف تقيم دور القوى الناعمة فى العلاقة بين مصر وأفريقيا؟
- أعتقد أن مصر نسيت أفريقيا كليا منذ 30 أو 40 سنة مضت، وتناسينا أننا جزء من هذه القارة وهذه خيبة كبيرة لأن اقتصادنا وأمننا والتنمية الناهضة كان يمكن أن يكون كل ذلك أفضل مما هو عليه الآن بالتعاون والاهتمام بالعمل مع الدول الأفريقية، وممر التنمية الذى طرحته كان يهدف إلى ربط مصر بداية من مرسى علم بكيب تاون فى جنوب أفريقيا ويمتد الممر حتى البحر المتوسط لأنه من المفروض أن يكون هناك خطوط عرضية تمتد من العواصم المختلفة لدول حوض النيل، ويمكن لنا أن نكون بوابة التجارة الإفريقية وتبادل الحرفيين والسلع تحقق التكامل الاقتصادى وتوفر المليارات التى تنفق على الاستيراد من القارات الأخرى.
ما هى حكاية تعلمك للغة الألمانية؟
 - ذهبت إلى ألمانيا دون تخطيط بعد أن انتهيت من الدكتوراه، لأن أستاذى فى رسالة الدكتوره كان سوف يعين فى جامعة «هيديلبرج» رئيسا لقسم كبير بالجامعة، وقال لى لو أتيت معى إلى ألمانيا سوف نعطيك وظيفة لمدة عامين، وتكتب فى كل ما تعلمته فى أمريكا وتعمل أبحاثا وننشرها هناك، فوافقت وكنت لا أعرف شيئا عن اللغة الألمانية، ولم أذهب هناك من قبل وكنا نقول إن ألمانيا سبب الخراب والحرب العالمية الثانية، ومتفجراتهم فى الصحراء الغربية بمصر كنا نخاف منها فى رحلاتنا الجيولوجية، وعندما انتهيت من الدكتوراه كنا فى أول يونيو وكان بداية عملى هناك فى سبتمبر وكان لدى فرصة 3 شهور الصيف بلا عمل وأتقاضى خلالهم أجرا باعتبارى أستاذا، فتعلمت الألمانية خلال هذه الفترة.
كيف ترى الاختلاف بيننا وبين الألمان فى توظيف واستخدام الشخص المناسب فى المكان المناسب؟
- الألمان يختارون أفضل شخص فى التخصص المطلوب، وإذا لم يؤد عمله بالشكل المرضى لهم، يوقفونه عن العمل على الفور فالتعيين يكون بصعوبة شديدة والطرد بسهولة شديدة، وهذه نقطة مهمة، فالمؤسسات التعليمية فى ألمانيا محترمة جدا فى عملها، ولذلك أعجبتنى تجربة التدريس هناك، وشاءت إرادة القدر أن يقول لى الدكتور الذى اختارنى إننا سنذهب فى رحلة إلى جنوب فرنسا وجنوب إسبانيا لمرافقة الطلبة فى زيارتهم للمناجم، وكان عدد الأساتذة ناقصا لديهم بالنسبة لطلاب الرحلة، فقلت للدكتور، ولكنى لا أعرف كلمة واحدة من الألمانية، وكنت قد اشتريت نسختين من كتاب «كيف تتعلم الألمانية» إحداهما لى والثانية لزوجتى وفى هذا الكتاب حمل بسيطة مثل كيف تطلب بيضا وكيف تشترى طعاما وما شابه وقولت لزوجتى استخدميه فى تعاملاتك هنا وأنا سوف أذهب فى رحلة مع الطلاب لمدة 6 أسابيع، وفى الرحلة أخذت الكتاب وورقا وطول الوقت الذى قضيته فى الأتوبيس كنت أتصفحه وأحفظ ما فيه كان الزميلان الألمانيان لى من المدرسين يشرحان لطلابهما بالألمانية وأشرح أنا بالانجليزية وكان الطلبة يساعدوننى ووجدت أن اللغتين متقاربتين فتعلمت من الطلاب المترادفات الألمانية للمصطلحات التخصصية الإنجليزية، وعندما كان يأتى الليل كنت أسهر معهم وأمرح معهم فوجدوا أنه شيء جيد أن يعلمونى الألمانية وأعلمهم الجيولوجيا  وبعد الـ 6 أسابيع عودت إلى هيدلبيرج وأنا أتكلم الألمانية جيدا.
هناك قول شهير لدى الألمان معناه أن العمل يجلب السعادة.. ترى كيف نطبق ذلك فى حياتنا كمصريين؟
- نحن كمصريين نحطم أصحاب الفكر المبتكر والغالبية لا يغامرون ولا يجربون نظرية الاحتمالات فى عملهم، ولا يثقون فى أى فكر أو عقل لمبتكر شاب أو حديث فى عمله، وقد كان لى ابن خال يعمل مهندسا فى مصنع وعندما قال لمدير هذا المصنع إننا يمكن أن نقوم بهذا العمل بطريقة أخرى أفضل، رد عليه قائلا: «يا أخى إنت لسه ما طلعتش من البيضة.. روح جاتك خيبة» وهذا هو حالنا فى غالبية المؤسسات والأجهزة، وهذا هو الفرق بيننا وبين الألمان، فهم يعشقون العمل ويقدسونه وغالبيتنا يكرهونه».•