الأحد 8 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

أحب الموسيقى وأموت فى الغناء

أحب الموسيقى وأموت فى الغناء
أحب الموسيقى وأموت فى الغناء


هى نموذج للمرأة الأرستقراطية.. بتاريخ عائلتها التى ورثتْ عنها چـينات الزعامة.. ما أهلها  للانخراط فى العمل العام، ومواصلة الدور السياسى.. أستاذة العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية التى تحمل فى كيانها ذكرى التاريخ الجميل ووقائع الحاضر المثير.. وآمال المستقبل.. تعتبر أن اسمها هو رصيدها الوطنى، وتقول: ساعدنى كثيرًا فى عملى بالسياسة، والبرلمان، ومنحنى الكثير من التقدير، فصار رصيدى الأهم من رصيدى بالبنك!.


امرأة صعبة..
وقد ذاب جليد بدايات اللقاء، فسألتها لماذا يراها البعض «صعبة شوية»؟ فابتسمتْ قائلة: خُدى اقرى مقال رابطة زوجات الدبلوماسيين المصريين فى الأهرام ٢٠١٢! فبدأتُ أقرأ بصوتٍ عالٍ: د. منى مكرم عبيد.. امرأة عنيدة، جريئة منذ طفولتها. تحب المواجهة والجدل الخلاق، وتدافع بحماس عن أى موقف تتبناه، صاحبة خطاب سياسى ناصع مؤثر،  شغلتْ مناصب قيادية فى حزب الوفد، وكانت عضوة بالمجلس الاستشارى للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، والمجلس الوطنى لحقوق الإنسان.
تقول: يرانى البعض صعبة لأننى كبرلمانية سابقة.. أتخذ مواقف صارمة تجاه بعض الأحداث، لكنى أوافق على ما جاء بمقال زوجات الدبلوماسيين الذى يقول: هى امرأة من معدن مصقول يقبل النقاش الفكرى، والصراع السياسى دون تنازل حقيقى عن موقفها، مما أوجد خلافات لها مع العديد من رموز النخبة، رغم أنها تؤمن بالليبرالية كمحرك للاقتصاد، وتدافع عن حقوق المرأة والمواطنة، ولها علاقات ممتدة بالمراكز البحثية داخل مصر وخارجها.. مما جر عليها بعض الاتهامات بتبنى أفكار وافدة؛ لكنها تظل دائمًا على استعداد للنزال دفاعًا عما تؤمن به!.
أتأملُها، فأجدها شخصية بسيطة، وتلقائية.. مع اعتزاز بالنفس، ما يجعل البعض يفسرها بأنها سمات أولاد الأعيان التى تجعل طموح الإنسان على قدر إمكانياته، والعكس صحيح! فتقول: لا، أنا ضد كلامِك، مستطردة: صحيح أن أسرتى من أعيان البلد، ولكنى أرجع كل ما تقولين للجهد والعزيمة وبالأخص التعليم.. حيث كانت عائلتى من الطبقة المتعلمة، قبل ثورة 1919 التى بدأت مع المتعلمين.. فألهبتْ خيال الجماهير وأصبحتْ ثورة فكرية شارك فيها الشعب، وقد تأثرتُ بعائلتى فى الحرص على التعليم باعتباره سلاحًا مهمًا بالحياة، ما جعل تركيزى ينصب فى تعليم ابنى «كريم» تعليمًا جيدًا وفوق الجيد، فكان من أوائل خريجى جامعة أوكسفورد.
 يتفق بعض المثقفين على أنها شخصية بارزة، صاحبة بصمة وقيمة فكرية وسياسية كبيرة فى المجتمع، كما تُعرف بأنها دائرة معارف متنقلة لكل طالب علم، فبالإضافة لكونها أحد أقطاب حزب الوفد، تتمتع د.منى بشخصية مستقلة، وتحظى بتقدير الجميع كابنة الباشوات، خريجة المدارس الأجنبية والجامعات المرموقة مثل جامعة هارڤـارد بأمريكا، تخصصتْ فى السياسة وتفوقتْ فى الاقتصاد، فصارتْ عَلمَا يشار له بالبنان، بما تمتلكه من سمات الزعامة التى ورثتها من والدها وعمها، واكتسبتها من علاقتها القوية بالباشا فؤاد سراج الدين، ونيلسون مانديلا، والرئيس السادات، وياسر عرفات، وتحظى بمصداقية إلى أقصى الحدود.. كشخصية أفنت حياتها فى خدمة الوطن، فصارت نموذجًا نسائيًا نفخر به.
هكذا وصفت نفسها..
أسألها أن تقدم نفسها برؤيتها.. فتقول: منى مكرم عبيد أستاذة العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، شغلتْ مناصب عديدة منها خبيرة البنك الدولى لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لها مؤلفات عديدة بالإنجليزية والعربية والفرنسية، وحصلتْ على وسام برتبة جوقة الشرف برتبة ضابط من الرئيس الفرنسى ساركوزى، وذلك لدعمها للعلاقات المصرية الفرنسية، عُينتْ مستشارة سياسية لرئيس حزب الوفد منذ ترشيح المستشار بهاء الدين أبو شقة رئيسا للحزب، وهى أيضا عضو المجلس الاستشارى للوفد، قامتْ بالتدريس لمدة 6 سنوات لطلبة الماچستير فى العلاقات الدولية فى جامعة السوربون بأبى ظبى، كما قامتْ بالتدريس فى الجامعة الأمريكية بباريس لمدة سنة، وأيضا قامتْ بالتدريس فى كوستاريكا بجامعة السلام التابعة للأمم المتحدة، ثم عملتْ كمحاضرة فى جامعة هارڤارد سنة 2005، وأيضا فى هونج كونج حيث لبتْ دعوة رئيس البلاد الذى كان زميلها فى هارڤـارد!، كما قامت بعدة محاضرات فى جامعة الأمم المتحدة بطوكيو سنة 2017،  وجامعةMIT  المرموقة سنة 2018.
كانت عضوة مجلس إدارة الجامعة البريطانية لمدة ٦ سنوات، والجامعة الألمانية فى عمان لمدة سنة، مثلما سافرتْ كل الدول العربية، ومعظم دول أوروبا والاتحاد السوڤـيتى، ومعظم القارة الأفريقية، حيث كانتْ تعمل فى أواخر السبعينيات بمنظمة التضامن الأفروآسيوى، برئاسة الكاتب الكبير يوسف السباعى.. وقابلتْ العديد من الشخصيات العالمية مثل نيلسون مانديلا الذى جمعهما عشاء بإحدى الندوات فى جنوب أفريقيا بعد خروجه من السجن، ووقف لها تقديرًا حينما عرف أنها مصرية، ثم قال لها: سلمى لى على الرئيس مبارك. 
كانت عضوة برابطة الاجتماعيين المصريين، والمنظمة العربية لحقوق الإنسان.. كما مارستْ العمل بالجمعيات الأهلية، وقامتْ بتأسيس ورئاسة جمعية النهضة بالتعليم لمدة 15 سنة، بتشجيع من الوزير الذى تصفهُ بـ «النابغ د. حسين كامل بهاء الدين».. الذى كان ضمن مجلس الأمناء بهذه الجمعية الذى ضم البعض مثل د. أسامه الباز، ود. فتحى إسكندر، والمهندس محمد نصير، والمهندس أنسى ساويرس، والإعلامية درية شرف الدين، والبيانيست مشيرة عيسى، ود. أسامة الغزالى حرب... وغيرهم، ساهمت بعضويتها فى جمعة «تكريم» اللبنانية بالكويت، وعملت مع هيئة إنقاذ الطفولة   Save the Children، واليونيسيف UNICEF، وكاريتاس- مصر الذى كان يرأسها مع الأب نبيل غبريال اليسوعى!
 هى امرأة وفدية بجدارة رغم انسحابها وعودتها من حزب الوفد لأكثر من مرة لما يزيد على 30 سنة، تشهد أنها فى ذلك الوقت كانت تعمل مع «جهابذة» الرجال.. وعلى رأسهم الدكتور وحيد رأفت الفقيه الدستورى ، وفؤاد باشا سراج الدين رئيس الحزب، وإبراهيم باشا فرج، والأباظية إبراهيم ومحمود ووالدهم.. فسألتها عما قدمته الحركة الحزبية -ذلك الوقت- للمرأة؟ ولماذا لم تناهض التعتيم الذى نراه على أدوار المرأة فى المناهج الدراسية ووسائل الإعلام؟ ولماذا تتهم النساء التى تمارس السياسة بأنهن مسترجلات؟ فتلخص إجابتها قائلة: لأسباب كثيرة منها نوع التعليم والمعلومات التى يتلقاها الناس، وسيطرة الفكر الذى يعشش فى عقولنا عن طبيعة المرأة ودورها، متجاهلين الواقع اليومى الذى نرى ونلمس فيه تفاصيل دورها لصالح مفاهيم بعيدة تمامًا عن الواقع! مستطردة: ولكنى أتذكر كيف وقفتُ بمفردى وكنتُ المرأة الوحيدة المرشحة فى الانتخابات أمام بعض الشخصيات الثقيلة مثل كرم زيدان، وأحمد طه، وكيف كنا نشطين اجتماعيًا وقدمنا بعض الخدمات، مثل القافلة الطبية التى شكلناها فى إحدى مدارس الراهبات بشبرا، وكيف حولناها إلى مستشفى للكشف وتوزيع النظارات وغيرها من الأنشطة التى أنتجتها الحركة الحزبية بذلك الوقت.
 منى مكرم عبيد الإنسانة.. الفنانة
وماذا عن الدكتورة منى الإنسانة؟ فتضحك قائلة: يقولون إن دمى خفيف مثل مكرم عبيد، وقد ورثتُ عنه القدرة على التعامل مع الناس، فمنذ 28 سنة وأنا فى حقل التدريس.. ويسعدنى التعامل مع الطلبة لما بيننا من عطاء متبادل؛ هم يعطوننى الطاقة والحماس للاستمرار، وأنا أعطيهم من خبراتى، كما أن صوتى حلو، وأحب الموسيقى و«أموت فى الغناء» -منذ كنتُ فى فريق الترتيل بمدرسة نوتردام دوسيون بالإسكندرية أغنى باللاتينى فى حفلات الكريسماس- ليومنا هذا.. فأنا أغنى حتى فى الشارع! وتضحك قائلة: تصورى.. كنت منذ سنتين مع صديقتى بإحدى المقاهى فى جنوب باريس، ووقفتْ أمامنا امرأة تغنى لجمع المال، فاستأذنتُها وأخذتُ الميكروفون وبدأتُ أغنى الأغانى التى كانت تغنيها! مستطردة: وهو ما ورثتهُ عن مكرم عبيد -أيضًا- الذى كان مغرمًا بفن الغناء والموسيقى الشرقية والعربية، ويقال إن صوته كان رخيمًا فكان الوفديون يرشحونه للخطابة.
دار الحوار حول الشباب وكيف تأثرت حياتهم  سلبيًا بوسائل الاتصالات الحديثة، وعبرتْ عن أسفها قائلة: شباب اليوم لا يجدون القدوة.. وهذا ما يجعلنى سعيدة بالاحتفال بثورة ١٩١٩ حتى يتعرف الجيل الجديد على سلوكيات ومبادئ هذا الزمان، أما هى، فتقول إنها تأثرت بالدكتور زكى نجيب محمود، والكاتب أحمد بهاء الدين.. وحاليًا.. هى قارئة ممتازة للكاتب الشاعر فاروق جويدة، عضوة بيت العائلة تحت رعاية شيخ الأزهر، وعضوة إدارة الجامعة العربية المفتوحة التى أسسها المرحوم الأمير طلال بن عبد العزيز.. فرحت جدًا هذا العام حينما اتصلت بى ابنة عمى تخبرنى رسالة من ماما ماجى.. لكى أنضم لمجلس إدارتها، فرحبت بالفكرة لأنى أشتاق لتعليم المحرومين من التعليم وخاصة البنات.
الدكتورة منى مكرم عبيد.. كرمتها فرنسا وذلك لدورها السياسى فى دعم العلاقات المصرية الفرنسية.. فمتى نكرمها فى مصر كامرأة مصرية تحمل شرف السير على خطى المجاهد الكبير مكرم عبيد وعشقه لهذا الوطن؟. •