الإثنين 21 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

سكة حديد إنجليزية بمحطة «إسلامية»

سكة حديد إنجليزية بمحطة «إسلامية»
سكة حديد إنجليزية بمحطة «إسلامية»


يرجع تاريخ إنشاء محطة مصر بالقاهرة- أول محطة لسكك حديد فى مصر- إلى عام 1853 م، وهى أول محطة فى الشرق الأوسط وأفريقيا، وثانى أقدم محطة على مستوى العالم بعد المملكة المتحدة.

 فى عام 1851 أبرمت الشركة الإنجليزية عقدًا مع الخديو عباس حلمى الأول، لمد خطوط السكك الحديدية، وانتهت الشركة عام 1854 من مد أول خط سكة حديد فى تاريخ مصر يربط بين القاهرة وكفر الزيات.
وعرف المكان «المحطة» الذى انطلق منه القطار فى أول رحلة له من القاهرة، بـ«باب الحديد» لأنها كانت محاطة ببوابة حديدية، وفى عام 1856 استكملت الشركة الخط ليصل إلى الإسكندرية، ليصل بعد عامين إلى السويس، ثم بورسعيد، كما بذل الخديو إسماعيل جهدًا كبيرًا لمد خطوط السكة الحديد فى أنحاء القطر، لتسهيل حركة التجارة والنقل.
«محطة تعلن عن هوية ورغبة سياسية»
اهتم الخديو إسماعيل ببناء وتزيين «محطة مصر» بالقاهرة، مع إعداده لحفل افتتاح قناة السويس، ولكن المبنى تعرض للحريق عام 1882 إبان الثورة العرابية ونهبت بعض محتوياته، فقرر الخديو توفيق إعادة بنائه واختار للإشراف على البناء،  المعمارى الإنجليزى «ادوين باتس» وافتتح المبنى فى عام 1893 م وهوالمبنى الموجود حاليًا.
شيد مبنى «محطة مصر» على طراز معمارى عرف بالإسلامى الحديث أو «المملوكى الحديث»، معبرًا عن فترة مهمة فى تاريخ مصر، حيث انتشر هذا الطراز من أواخر القرن التاسع عشر، إلى الربع الأول من القرن العشرين، وشاع استخدامه فى العديد من المبانى العامة، كمبنى وزارة الأوقاف ودار الكتب وجمعية المهندسين وغيرها.
ويرجع انتشار هذا الطراز، إلى الرغبة السياسية السائدة وقتها فى التأكيد على الهوية العربية الإسلامية لمصر، بعيدًا عن النمط العثمانى والأوروبى.
ويتميز مبنى محطة مصر بأشكال مختلفة من الزخارف والفنون الإسلامية كما يوضح الباحث بوزارة الآثار «سامح الزهار» فنجد من الزخارف الهندسية، ما يعرف بالأطباق النجمية، أما الزخارف الكتابية فالمبنى مزين بأنواع مختلفة من الخطوط العربية بألوان الأحمر والأخضر والأزرق.
 كما يضم العديد من الزخارف النباتية بأشكالها الصريحة، والأخرى المحورة أو التجريدية، التى تشبه فن الأرابيسك، وتزين واجهات مبنى المحطة، والتى شاع استخدامها فى العمارة الأندلسية، وتزين واجهات قصر الأميرة سميحة كامل بالزمالك وقصر الأمير محمد على بالمنيل. ويضم المبنى مجموعة من النوافذ التى تزينها من أعلى أشكال متنوعة من العقود المدببة، والمنكسرة وزخارف إسلامية من الجص كما فى المساجد.
رسميًا: المحطة «مبنى ذو قيمة تراثية وليس أثرًا»
وتعتبرعمارة وفنون مبنى محطة مصر امتدادًا لفخامة وغنى العمارة المصرية منذ عصر الفراعنة، كما يقول الزهار، مطالبًا بضرورة تسجيل مبنى محطة مصر بالقاهرة كأثر، يتبع قطاع الآثار الإسلامية والقبطية بالوزارة، ويتم الاعتناء به والإشراف عليه كمبنى «أثرى» مع ترميم الأجزاء التى تحتاج لترميم.
ويقترح الزهار أن يتم توظيف جزء من المحطة ثقافيًا، بعمل متحف صغيرللآثار «متحف القطعة الواحدة» لزيادة الوعى الثقافى والأثرى لرواد المحطة، بالإضافة إلى عمل بازار لبيع التحف مما يعود اقتصاديًا على وزارة الآثار.
من جانبه، صرح المهندس محمد أبوسعدة رئيس الجهاز القومى للتنسيق الحضارى،  أن مبنى محطة مصر مسجل ضمن قائمة «المبانى ذات القيمة التراثية» التابعة للجهاز وفقًا للقانون رقم 144 لسنة 2006، وأن الجهاز مستعد للتعاون فنيًا مع هيئة السكة الحديد لعودة ما تأثر من حادثة القطار بالمحطة إلى ما كان عليه من قبل. •