الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

أنوال حلب تعود للحياة

أنوال حلب تعود للحياة
أنوال حلب تعود للحياة


كتب: حمدى حسين
بما أن مهنتى الأساسية مرتبطة بصناعة الغزل والنسيج – لذلك كنت معنيا خلال زيارتى لسوريا، قبل شهر خلال المشاركة فى مؤتمر مجلس السلم العالمى، أن أتعرف على أحوال هذه الصناعة بعد كل هذه السنوات من مواجهة الإرهاب.. خاصة فى حلب... وكيف أصبحت صناعة الغزل والنسيج وزراعة القطن، بعد أن كانت سورية من الدول المتقدمة عالميا فى هذه الصناعة.

من المعروف أن صناعة الغزل والنسيج فى سورية بدأت فى حلب منذ أوائل الألف الثالث قبل الميلاد، وبحسب كتاب (حلب القديمة الحديثة للباحث فؤاد هلال)  كان عدد أنوال النسيج فى حلب عام 1890 أكثر من 15 ألف نول يدوي، وكان أى بيت فى حلب وضواحيها لا بد أن يكون فيه نول أو نولين تعمل عليها النساء، مما يؤكد مدى إنتاجية المرأة الحلبية ودورها المهم فى صناعة النسيج قديماً، أما الرجال فكانوا يعملون على الأنوال فى عشرات المصانع الموزعة فى حلب.
ويذكر أن عدد المنشآت الصناعية فى حلب عام 2000 وصل إلى9876 وعدد الحرف المرتبطة بهذه الصناعة إلى19087 أما فى عام 2011 (قبل الاعتداءات الإرهابية) فبلغ عدد المنشآت 11779 وعدد الحرف 21026، وتميز  حلب بالصناعات النسيجية جعلها تشكل 36 % من إجمالى الصناعات فى سورية، فضلا عن تخصصاتها العديدة المرتبطة بالنسيج  كصناعة الخيوط وغزلها ومزجها إضافة إلى الأنوال النسيجية والصباغة والطباعة والألبسة وهى حلقة إنتاجية مغلقة تبدأ من القطن انتهاء بالألبسة الجاهزة وغيرها من المنتجات.
وقديما فى حلب عام 1922 كان هناك ما يزيد على 270 مصبغة أقمشة منتشرة وممتدة، وكانت حوانيت الصباغة تمتد من جامع البهرمية (بهرم باشا) حتى باب أنطاكية وكان هناك مصابغ متفرقة فى بعض الأحياء، تخصصت فى غزل الخيوط الحريرية وغزل القطن والكتان، حيث كانت تمثل الأقمشة سوقا تجارية بين سورية وإسبانيا.
ومن أنواع المصنوعات النسيجية التى اختصت بها حلب: الصايات وأخذ كل منها تسمية خاصة مثل: سبع ملوك - شاهية - قشطة بعسل -  سمسمية - بللورية..إلخ.، وما تزال كثير من الأسر الحلبية تحمل أسماء لتدل على مهن صناعات نسيجية مثل: القطان - الصواف - الحريرى - الفتال - الملقى - الصباغ - الدباغ - الفرواتى - حايك – الطباع – المسدى – الدقاق - الصقال - القصبجى - الكتنجى من الكتان - المزيك .. إلخ‏ .
أما نسيج السجاد السورى فشهرته أيضاً عالمية، حيث إنه منذ القرن الـ16 والعائلات الأوروبية تقتنيه وتفتخر به لأنه مصنع من الصوف الخالص (يوجد فى متحف فيكتوريا وألبرت فى لندن إحدى السجادات السورية المعروضة على حائط داخل المتحف يعتبرها الزوار أنها من أجود ما احتوته متاحف عرض السجاد..
ورغم أن هناك العديد من مصانع النسيج فى حلب قد تمت سرقتها وتفكيكها ونقلها بواسطة الإرهابيين إلى حلفائهم فى تركيا بعد ما استشهد خيرة العمالة المهرة ورغم تهجير العديد من الطبقة العاملة.. إلا أنه وبعد استعادت الجيش العربى السورى لحلب وريفها عادت بعض المصانع للعمل بعد إصلاحها وبعد عودة العديد من المهجرين، وكذلك تم تشغيل المئات من أهالى إدلب فى مصانع حلب، كما عادت النساء لتشغيل الأنوال اليدوية. •