الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

بيبى شاور وصلاة الطشت عند الأقباط

بيبى شاور وصلاة الطشت عند الأقباط
بيبى شاور وصلاة الطشت عند الأقباط


«البيبى شاور»  أو «دُش البيبى» مصطلح دخل حديثًا فى أچندة مناسبات المصريين، بين الشابات الحوامل والنساء العصريات، مجاراة للموضة الغربية عند الاحتفال بقدوم المولود الجديد.. يبدأ الاحتفال قبل موعد الولادة بشهر أو أقل، عندما تقوم إحدى صديقات الأم بدعوة الأقارب والأصدقاء لترتيب الاحتفال بهذا اليوم الذى يتطلب تزيين المنزل، وإحضارالهدايا ومستلزمات الطفل بناء على القائمة التى قامت الأم بطلبها من الأهل والأصدقاء.

انتشرت عادة «البيبى شاور» فى أمريكا الشمالية في فترة الخمسينيات والستينيات كمجرد تطبيق لقواعد الإتيكيت والبرتوكول المرتبطة بالهدايا الخاصة بميلاد الطفل.. حيث يُفترض أن مصطلح الدُش يعنى إمطار الأم الحامل بالهدايا، وهكذا أيضًا يوجد مصطلح دُش الزفاف، حيث تطلب العروس من الأهل والأقارب لستة مطالبها ليجلبوها لها بدلا من الهدايا التى قد لا تحتاجها.
بيبى شاور .. أم سبوع الطفل؟
ورغم انتشار هذا المصطلح موخرًا بين بعض العائلات المسيحية، إلا أن البيبى شاور لا علاقة له بالتقاليد المصرية القديمة ولا الطقوس الكنسية المرتبطة عند المسيحيين بـ«سبوع الطفل». فلاتزال العائلات القبطية تصرعلى وجود المنخل «الغربال»، وعلى ممارسة صلاة الحميم كإحدى مظاهر الاحتفال بسبوع الطفل.. ظهرت مصطلحات كثيرة منها «البيبى شور» .. ولكن بالنسبة للـ«سبوع»، أنا عملت التقليد اللى مقتنع بيه كما يقول أنطونيوس ميشيل -26 سنة-: ففى الآونة الأخيرة ظهر مصطلح «البيبى شاور» واستعددنا للحفل وجمعنا أصدقاء الأم قبل استقبال البيبى المولود، ولكن ظروفها الصحية فرضت عليه الاكتفاء بالترتيبات الطقسية الخاصة بالأم بعد قيامها من الولادة، وبالطفل  كممارسة طقوس السبوع، فقام بإحضار أحد الأطباق وعبأه بالماء واتفق مع أحد الكهنة على إقامة «صلاة الطشت» التى يتم فيها تغطيس الطفل فى الماء ومباركته أثناء ترديد بعض الصلوات.
كيس الحلوى
وأضاف «أنطونيوس» السبوع لابنى عدم لكنى لم أهتم بإقامة مثل هذا الاحتفال وذلك  لكون حالة زوجتى الصحية والطبية فى المقام الأول لى فى هذه الفترة من الحمل، أما بعد فترة الولادة فقد قمت بالترتيبات العقائدية واتبعت بعض العادات فى إقامة السبوع لابنى، وأشار إلى أنه من الناحية العقائدية قام بإحضار أحد الأطباق المعدنية وتعبئته بالماء والاتفاق مع أحد  الكهنة لإقامة صلاة «الطشت» وهى عبارة عن تغطيس الطفل فى الماء  ومباركته  وتلاوة بعض الصلاوات.
أما من ناحية العادات والتقاليد الاجتماعية، فقال أنطونيوس: إنه قام هو وزوجته بتزيين المنزل  ودعوة الأهل والأقارب والجيران والأحباب لمشاركتهمها فى الفرح بميلاد الطفل، بعدما أحضر الشموع للأطفال، والمنخل «الغربال» بالإضافة إلى  تقديم كيس السبوع «كيس الحلوى» للأطفال والكبار، ويحتوى على «شمعة، وحلويات، وسودانى، وفشار، وشيكولاتة، وورقة باسم المولود».
 أما زوجته فقامت بإعداد «فُستان» باللون الأبيض لابنها الوليد، ولكن أنطونيوس أكد على استغنائه عن العديد من العادات والتقاليد التى يراها خرافات مثل وضع القُلة والإبريق فى صينية بها ماء تنقع فيه سبع حبات من الحبوب الجافة، كالفول أو الأرز أو العدس أو الذرة أو الحمص أو القمح، وتُرش على الأم والمولود أثناء الزفة، لكى يلقى «المعازيم» فى الصينية بعض العملات المعدنية اعتقادًا منهم أنها توسع رزق المولود، كما استغنى عن عادة  دق الهون النحاس وترديد بعض الأغانى بجانب أذن الطفل وتنص على تعليمات بطاعة الوالدين مثل «اسمع كلام بابا واسمع كلام ماما، ولا تسمع كلام فلان.. إلخ». ويرى أنطونيوس أنه ليس على الإنسان اتباع ماهو جديد عليه إن لم يكن مناسبًا له ولعاداته وتقاليده.
البيبى شور فى الحضارة الفرعونية
قد لا يعرف كثيرون أن عادات السبوع التى كنا متمسكين بها هى عادات فرعونية أصيلة، حيث وُجدت بعض الرسومات الجدارية من عصر الدولة الحديثة الفرعونية تتشابه مع احتفالية السبوع، ولقد توارث المصريون تلك الطقوس والعادات جيلا بعد جيل، فكان المصرى القديم يقوم بغطس المولود فى مياه المعبد الطاهرة وهى «مياه البحيرة المقدسة» حيث يقوم الكاهن برُقيته لطرح البركة عليه، ويقرأ له بعض الأدعية الدينية والتعاويذ لتمنع عنه الشر والحسد.
حمام ابن كليوباترا
ويُعد حمام ابن الملكة كليوباترا واحدًا من أشهر حمامات المواليد، حيث تم تعميده وتطهيره على نمط الطقوس المصرية القديمة فى معبد دندرة، كما كانت جدة المولود أو أكبر نساء العائلة ببعض المناطق الريفية تقوم بتغطيس المولود فى حوض صغير ممتلىء بماء النيل وهى تطرح الأدعية لحلول البركة والخير والصحة عليه، وهو ما نراه لوقتنا هذا، حيث يتم  أول حمام للمولود فى ليلة اليوم السابع من عمره.
 ولهذا ارتبط المصرى القديم برقم سبعة، واعتقد فى قداسته رابطًا إياه بوجود سبعة أرواح، كما أن كتاب الموتى الفرعونى «الخروج إلى النهار» يحدثنا عن رحلة المتوفى للآخره ومروره على سبع أرباب وسبع قاعات، وسبعة أحجاب، وسبعة مراقبين، وسبعة مُنادين. فقدس المصرى القديم رقم سبعة واعتقد أنه رقم الخير والسلام والصحة والحياة، مما أدى إلى عمل مظاهر احتفاليته بالمولود فى اليوم السابع، وارتبط ذلك ببعض العادات مثل رش الملح سبع مرات، اعتقادًا بأن الملح يمنع الشر والحسد، كما تخطى الأم على المولود سبع مرات اعتقادًا بأنها تبعد عنه الشر فى كل مرة، مثلما فعلت إيزيس مع مولود إحدى الفلاحات للتخلص من سم العقرب الذى أصابه.
الطريف أن الحبوب التى لا نزال نستخدمها فى السبوع ترمز للخير والنماء، كما ترمز السبع شمعات إلى أسماء الربة «حتحور» التى كانت تمثل الشمس بسبعة طرق. أما دق الهون النحاس سبع مرات، فاعتبره المصرى القديم بمثابة غرس للأخلاقيات الحميدة على مسمع الطفل منذ مولده، وهذا على اعتقاد أن حاسة السمع عند الطفل تبدأ من اليوم السابع.