الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

حب أم.. Friends with benefits؟

حب أم.. Friends with benefits؟
حب أم.. Friends with benefits؟


زمان كنا نسخر من فكرة وجود علاقة صداقة بين الولد والبنت بمفهوم Boyfriend and girlfriend رغم الوعود والعهود التى تصنع من من تلك العلاقة التزاما قد ينتهى بالزواج، حتى أخبرنى بعض الشباب عن وجود ممارسات جديدة تخطت وتجاوزت هذه العلاقة وصار الأمر صداقة تسعى بكل وضوح إلى الهدف مباشرة، بدون أى شروط ولا التزام. حيث الحب ممنوع، والاستلطاف الوقتى لا مانع منه، واللقاء المستمر غير مرحب به..

بدون تدخل كثيرًا فى الشئون الخاصة.. وهو ما يعرف بعلاقة الصداقة بالامتيازات، أو صداقة المصلحة، أو صداقة الاستنفاع.. حيث لم يتفق بعد على التسمية المناسبة لما يعرف بـ (FWB (Friends with benefits تلك العلاقة التى لا تأخذ شكل الصداقة ولا تفتح بابا للحب؟
حب هو أم صداقة أم احتياج؟  وإن كنا أصدقاء.. فما مصير الحب فى ظل علاقةالـ (FWB)؟ خاصة أن لا أحد يعرف لأى مدى تنتشر هذه العلاقات فى مصر، بينما كانت المرة الأولى التى نتعرف فيها على ذلك المصطلح عام 2011 مع ظهور فيلم بنفس العنوان فى أمريكا.. ويدور حول ديلان وچيمى الشابين اللذين قررا بعد فشلهما فى العلاقات السابقة أن يوقفا بحثهما عن الحب الحقيقى ويهتمان فقط بالتركيز على المتعة، فى علاقة بلا مستقبل.. حتى بدأ الحب ينمو داخلهما دون اعترافهما بذلك إلا فى نهاية الفيلم التى تجىء كتحذير من الوقوع فى الحب لكل من تعاهدوا على ذلك النوع من العلاقات الانتفاعية!
صداقة مع الامتيازات
قلت لخالد، الشاب الذى أخبرنى عن هذا العالم.. أننى لا أرى غرابة، فتلك العلاقات قديمة كالتاريخ التى تتشكل بحسب التطور الذى يعيشه الإنسان، فاعترض قائلا: لا دور للمال هنا، ولكن الاتفاق الوحيد هو الرغبة فى الحصول على السعادة. مجرد شخصين لا يجمعهما سوى الاستلطاف والرغبة فى الحصول على المتعة معًا.. بدون عهود أو وجع قلب! ثم حكى لى قصة أحمد الشاب المغترب فى القاهرة، الذى كانت متعته هى قضاء وقت الفراغ على القهوة بين الناس، فدفعه الشغف للتقرب من إحدى مجموعات الشباب الذين بدوا فى منتهى التقارب والسعادة.. حيث كل شاب معه صديقته ولا يتطلع لأحد سواها، وفى أحد المرات كانت س برفقتهم.. وقد لاحظ أحمد أنها مضطربة قليلا وعيونها زائغة كمن تبحث عن شىء، ثم صارا مع الوقت صديقين قريبين.. رغم ملاحظته أنها ليست مثل كل البنات.. فهى لا تريد سماع قصصه، ولا تبدى تعاطفا مع حكاياته.. وكيف أنه حينما واجهها، فوجئ بأغرب رد عندما سألته: تحب تكون معايا؟ طبعا يحب.. قلتُ لخالد الذى استطرد: أخبرها أنه مش بتاع جواز.. فسخرتْ قائلة: وأنا مش بتاعة أسطوانات! ، فنحن Friends with benefits أصدقاء منفعة! المثير فى قصة أحمد أنه هو الذى أحبها بعد ذلك لأنه كان مُحدِثا وليس خبيرا فى تلك العلاقة! والأغرب أن كل بنت يعرفها من الشلة لا تقترب منه بحجة أنه لم يشفَ من قصته مع س..
بدأتُ البحث فى عالم صداقة المنفعة أو المصلحة التى يعرفها موقع جوجل بأنها صداقة مع الامتيازات! ورغم ندرة المواقع التى تتحدث فى هذا الموضوع، لكنى وجدتُ موقعا يشرح جميع التفاصيل الخاصة بكيفية بدء هذه العلاقات، وكيف أنه غير محبذ الانخراط فى أى مشاعر رومانسية لكل من يريد علاقة خالية من التعلق والألم الذى يتبعه! ناصحا باختيار الشخص الأعزب أو غير المرتبط بشخص آخر، والذى لا يمر بمرحلة انفصال عاطفى، ولا الذى يعانى من فقد شخص عزيز.. ومن المفضل أن يكون مرحًا ومتزنًا عاطفيًا ومنفتحًا.. مثلما ينصح الموقع باختيار الأشخاص الذين لن يتعلقوا بك بشدة.. والأفضل تجنب اختيار الشخص الذى تعلم أنه كان يكِن لك إعجابًا شديدًا فى الماضى،أما إذا كان إعجابه بك غير مؤثر فسيكون هذا مثاليًا!
يستطرد الموقع فى نصائحه قائلا: من الطبيعى أن تشعر بقدر مبدئى من الانجذاب نحو الشخص، ولكن تذكر أنك لست فى موعد حب Dating واحرص على ألا يكون إعجابك بالآخر شديدًا، وليكن فى إطار الشخص الذى تظنه لطيفًا، وأنه من الممتع التواجد بالقرب منه.. فكل ما عليك هو أن تستمتع برفقته مثلما تستمتع بقضاء يوم على الشاطئ مع الأصدقاء الآخرين.
سألتُ خالد كيف يلتقى هؤلاء الأصدقاء معا؟ فقال تقريبا مثلما حكيت لكِ قصة أحمد.. الفكرة ولدت Anonymously بطريقة مجهولة، ثم بدأت فى الانتشار.. بأسلوب يفهمه الشباب الذى اختبر الموضوع، ومع الوقت تجدينهم شلة تعرف بعضها بالنظرة والـ Common sense ومن طريقة التودد لبعضهم، حيث ينتهى الأمر بقضاء الوقت فى شقق مخصصة لتلك اللقاءات وهى منتشرة حاليا فى منطقة وسط البلد وأكتوبر!
نفع واستنفع
 يستمر الموقع فى تقديم النصح لأصدقاء المصلحة قائلا: كل ما هناك أن تلتقى العيون من خلال الكيمياء والانجذاب الطبيعى مع هذا الشخص، ولكن تذكر أنك تبحث عن شريك مميز وليس زوجتك أو زوجك المستقبلى، لئلا ينتهى بك الأمر بالوقوع فى حب هذا الشخص، ولهذا لا ينصح بتواجدكما معا لساعات طويلة، ولا التحدث حول معنى الحياة!
تستمر تلك العلاقات لعدة شهور فقط، لذا اختر شخصًا لديه خبرة مع التأكد أنه لم يدخل فى علاقة عاطفية طويلة! ولا تختر شخصًا ستضطر لرؤيته طوال الوقت. وليكن شخصًا من خارج دائرة معارفك الشخصية وعملك.
سألت بعض الشباب الذين لم يبدِ أحدهم أى تعجب حينما أخبرته عن الصداقة مع الامتيازات، فلم أبدِ أمامهم تعجبى أنا أيضا من رد لميس حينما قالت: عادى،كلنا عارفين الموضوع ده! فسألتُها إذا ما كانت توافق على ممارسته وهى خريجة الإدارة والنظم بإحدى الجامعة الخاصة، فقالت: واللهِ لو لم أجد الحب الطبيعى ووصلت لسن معين لم أحقق فيه احتياجاتى العاطفية وفقدت الأمل فى الزواج بمن يناسبنى.. سألجأ لهذه العلاقة.. نفع واستنفع!
وأوضح لى هنداوى أن هذه العلاقة لا تسمح للطرفين بالغيرة، ولا تعطى مساحة للتدخل فى الـ Anyone’s space المساحة الخاصة لكل فرد! فمن يدخل هذه العلاقة يواعد أشخاصا آخرين، ويدرب مشاعره على عدم انتظار الصديق الموجود.. فهذه العلاقات منفذ رهيب للتخلص من آلام وأوهام الحب!
وللمزيد من تثبيت المعلومات والترغيب فيها، يقوم الموقع بشرح كيفية الغزل والتعامل الحسى الذى ينصح بالتعمق فيه لإخبار الشخص بمقدار الانجذاب نحوه،ولكن بدون ثناء على شخصية الطرف الآخر أو التلفظ بأية ألفاظ توحى بالرغبة فى المواعدة!  للتأكد من أن الشخصين يفكران بنفس الطريقة فى السعى وراء المرح والحرية مع أشخاص آخرين، ما يستلزم ضرورة حصر اللقاء، مع التشديد على ضرورة تجربة أشكال مختلفة من العلاقة!..
سألت عن طبيعة هؤلاء الشباب وما هى ظروفهم واهتماماتهم؟ فعرفت أنهم غالبا أولاد ناس جدا، ومعظمهم خريجو أفضل الجامعات المصرية والأجنبية، بل إن معظمهم متدين وله مظهر التقوى.. يجمعهم الانفتاح الفكرى، والتمرد على قوالب المجتمع.. إلا أن الخوف من الارتباط والتقيد بروتينية الحياة الزوجية والتزاماته مع احتمالية الفشل هى التى تشجعهم على تبنى تلك الصداقة التى تنتهى بمجرد أن يتعلق شخص من الطرفين بالآخر.
وأخيرا، ينتهى الموقع بتحديد 4 أسباب رئيسية لإنهاء تلك الصداقة، أهمها هو ارتباط أحد الطرفين عاطفيا بالآخر، أو دخول أحد الطرفين فى قصة حب حقيقية مع شخص آخر، أو شعور الطرفين بالملل والرغبة فى قطع العلاقة، أو الانتهاء من الوقت المحدد الذى اتفق عليه الطرفان.. ببساطة!
هذا مجرد رصد لواقع تعرفنا عليه.. كجرس إنذار لما يحدث من تغيرات يعيشها الشباب حولنا، رغم التغيرات التى لا تناسب قيمنا وعاداتنا؟ فهل هو اختفاء للحب الحقيقى؟ أم عدم مرونة العادات والتقاليد التى لا تزال تحصر المرأة والرجل فى أدوار محددة يتمرد عليها الشباب بحسب الانفتاح العالمى الذى يتسارع حولنا؟ أعترف أننى أشعر بالرعب مما عرفت وكتبت!.