الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

صباح الخير بعيون سودانية

صباح الخير بعيون سودانية
صباح الخير بعيون سودانية


الكاتبة السودانية:

مناجاة الطيب عوض الله
 
كانت مجلة صباح الخير مرآة تعكس لنا الجزء الشمالى لشعب وادى النيل، كنا نلتقيهم ونعانق ثقافاتهم المتعددة عناق الأشقاء فى وطن واحد أراد له الساسة الانقسام ولكن أبت إرادة الشعبين إلا التلاقى فى نقاط ومرتكزات فرضت وجودها بقوة، كانت الخرطوم تتلقى كل ما تخطه القاهرة، تقبل عليه فى نهم وشغف فهى العاصمة الأكثر حبا للقراءة تتعاطى الثقافة الواردة من الشمال مثلما تتعاطى مياه النيل لترتشفه لإطفاء ظمأ صعب أن يطفى ما بقى الزمان، فالبيوت لا تخلو من إصدارات القاهرة منبع المثقفين والأدباء لمعوا فى سماوات الوطن العربى بأكمله ولكننا كنا نراهم أكثر لمعانا وإبهارا أسماء خبرناها وأحببناها من خلال ما اختطته أقلامهم.
كانت الأسرة السودانية تجد ضالتها فى مجلة صباح الخير لما تقدمه من موضوعات كاملة الدسم كثيراً ما كانت مرجعاً يستشهد به فى مجالس الادب والثقافة ،كانت عائلتنا الممتدة من الجد والجدة (الحبوبة كما نطلق عليها) والخال والخالة والأحفاد كان يضمنا منزل واحد وفكر يكاد يكون واحداً بنسبة مقدرة فجدى عليه الرحمة هو من يوفر لنا وسائل القراءة والترفيه، سواء بإحضارها أو تمويلها ومن أهم تلك الوسائل كانت مجلة صباح الخير فقد كانت تتصدر قائمة الإصدارات المفضلة لنا وهذه الصدارة لم تكن فى منزلنا وحسب بل فى السودان فقد تربى وتتلمذ عليها كثير من حملة الأقلام عندنا فما تحتويه من مادة اجتماعية تصحبها رسوم كاريكاتورية ساخرة تعكس روح الفكاهة وخفة الظل الفطرية التى اختص بها الله المصريين كانت بمثابة السهل الممتنع.كانت والدتى وهى الأكبر بين أخوتها تحتفظ بنسخ نادرة من المجلة أضاعتها بسبب المجاملة فصارت نادمة على فقدها حتى يومنا هذا كانت تحكى لنا عن قراءاتها وحبها للثقافة لدرجة أثرت على أفكارها واختزنتها حتى واتتها الفرصة المناسبة لتطل، ففى السودان ما أن تستعد الأسرة لاستقبال مولود جديد حتى تجرى المشاورات لتسميته ولكن.. فى أسرتنا كان الأمر مختلفا فديكتاتورية أمى تفرض نفسها فى هذا الجانب بالذات فهذه منطقتها التى لا تسمح لأحد بالاقتراب منها فحق الاختيار مكفول لها وحدها وهى موجودة سلفا فمثلا اسمى كان عنواناً لقصيدة طالعتها فى إحدى المجلات وكذلك أختى أمل أما آخر العنقود فقد كان حظها أن يطلق عليها اسم صباح فأصبح بالأسرة اثنتان تحملان نفس الاسم، فمجلة صباح الخير كانت فردا من أفراد الأسرة دائمة الحضور، فوجد الاسم وقعا توافق عليه جميع أفراد العائلة وباركوه فمنهم من كان يعرف سر التسمية ومنهم من اعتبره مجرد اسم والسلام (دول طبعا اللى ما لهمش فى الثقافة) فالاسم لا يمكن الاختلاف عليه فمن منا لا يحب الصباح ولا يسعى للخير له ولغيره أضف إلى ذلك ما للاسم من وقع موسيقى ومعانٍ وأشواق متجددة. فى السودان يطلق اسم صباح للفتيات وإذا ما ركب وصار صباح الخير صار حكرا على الذكور ومع ذلك يحلو لوالدى مناداة أختى (صباح الخير). المهم حملت أختى الصغرى الاسم وهى سعيدة به يطيب لها إخبار الجميع بقصته فعندنا جرت العادة أن يسألك أحدهم عن اسمك فإذا ما ذكرته له أعقب ذلك بسؤال آخر (سموك على منو) يعنى على من تمت تسميتك ولكن..صباح فكثيرا ما تتبرع من نفسها لتوضيح ذلك مثلما حدث عند زيارتنا السعيدة لمقر المجلة الأقرب لقلوبنا والتى حملت زكريات جميلة لنا وقربت المسافات بين شعبين اكرمين هما فى الأصل واحد وفى الختام لا يسعنى إلا أن أقول كل عام وصباح الخير تحمل كل الخير والإدهاش ودائما فى الصدارة ودام الود والتواصل.