الروائي ناجي الناجي : الأدب الفلسطيني.. الوثيقة الأهم التي نورثها

صباح الخير
«كل قصيدة أو رواية أو فيلم فلسطينى فى مهرجان هو انتصار، كل أغنية أو عرض أو جائزة هى انتصار، كل طفل يقرأ ويكتب ويبدع هو انتصار، ستظل الثقافة هى خط الدفاع عن الهوية، وإن كان الواقع على الأرض قاتم، فالانتصار فى معركة الذود عن الهوية لا تزال فى صالح المثقفات والمثقفين الفلسطينيين».. هكذا بدأ الروائى الفلسطينى ناجى الناجى حديثه معنا عن تاريخ الأدب الفلسطينى «شعر و رواية معايير و تقنيات.. جوائز و انجازات» وغيرها من المحاورفى الحوار التالى معه:
• كان الأدب الفلسطينى حاضراً بقوة فى المشهد الأدبى العربي، هل ما زال يشكل نفس الحضور فى وقتنا الراهن ؟
- بشكل مختلف إلى حد كبير، فى أزمنة قريبة كان التعاطف مع القضية الفلسطينية يفرض ويستوجب وجود أدب فلسطينى معبر عن أيدولوجيات بعينها، أو يعبّر ويشبع حماسة المتضامنين مع القضية الفلسطينية، كان يجسّد ويعكس نضالات الفلسطينيين فى الأرض المحتلة ومآسيهم فى مخيمات اللجوء، اليوم الأمر مختلف بالرغم من أن الواقع الفلسطينى على الأرض ليس أفضل من ذى قبل، بل إن شراسة الاحتلال زادت و لكن ما ألمّ بالمنطقة فى السنوات العشر الأخيرات لم يجعل مساحات التضامن ذاتها، بمعنى آخر ثمة مآسىٍ أخرى تقاسم الفلسطينيين الاهتمام والتضامن، لذا أصبح الأدب الذى يصل ويفرض نفسه هو الجيد وفقاً لمعايير الإبداع لا وفقاً لعدالة القضية.
• وهل ترى أن يكون الإبداع هوالمعيار أمراً إيجابياً أم سلبياً ؟
- "هو ميزة وعيب فى الوقت ذات، القضية الفلسطينية بحاجة ملحّة ودائمة لإلفاف المثقفين والأحرارحولها، سيما فى ظل المواجهة مع محتل لديه آلة إعلامية ضخمة، وتقدير العمل الفلسطينى ودعمه يصب فى صالح الفلسطينيين فى المواجهة الفكرية والثقافية، أما ميزته فهو لجوء الأدباء الفلسطينيين إلى ح9 708
وأعتقد أن وجود الأدباء الفلسطينيين فى القوائم الطويلة والقصيرة فى جلّ الجوائز الأدبية فى السنوات الأخير أبرز دليل على ذلك
• هل يمكن اعتبار نجاح شاعر كبير مثل محمود درويش بسبب التعاطف ممزارعناع القضية الفلسطينية؟
- إطلاقاً، محمود درويش بالذات لا يمكن أن ينطبق عليه هذا الوصف، من أحب درويش أحبه لشعره، لموهبته، لقدرته الفذّة والفريدة على قولبة مشاعرنا وتغليفها كهدايا الميلاد، لاشك أن الأديب المتسق مع قضاياه الوطنية يحظى بقدر مضاعف من التقدير، كبابلو نيرودا ويانيس ريتسوس وكارلوس ليسكانو، لكن الموقف الوطنى والسياسى لا يصنع أدبياً قادراً على البقاء والاستمرار، الموهبة هى الفيصل، درويش توفّى جسديا من عشر سنوات لكنه لا يزال حياً فى الجامعات والميادين والثورات وفى أول الحب وآخره .
• لماذا نسمع دوماً عن تصنيفات جغرافية مرتبطة بالأدب فى فلسطين، كتّاب الضفة وغزة والشتات ؟
- الاحتلال هو السبب الأول والأخير، الوضع السياسى والميدانى أنتج أدباء مصنفين ضمن إطار جغرافى لا يستطيعون تغييره أو مغادرته فى معظم الحالات، لكن النص والخيال يتجاوزان الحدود، شخصياً أرى أن الإبداع هو المعيار لا الجغرافيا، قصائد سميح القاسم ومعين بسيسو وراشد حسين وابراهيم طوقان لم تصنف يوماً وفقا لمكان صدورها أو كتابتها، بل لما مثلته فى الوجدان العربى والفلسطيني.
• وكيف تقّيّم المشهد الشعرى الفلسطينى اليوم؟
- أراه ثريّاً ومتنوعاً ومشتبكاً، لدينا شعراء موجودون وحاضرون فى كافة المنابر، مع تباين المحتوى من الحماسى أو العام إلى الإنسانى والوجداني، وهو تغير مفهوم مع تحول العالم من الشمولية إلى الفردية ، لكن الاشتباك يأتى من كون حتى أنسنة القضية فى قصيدة تصطدم بالاحتلال فى كافة التفاصيل الحياتية، فى الحب والتعليم والعلاج والحرية، فى حرية الحركة والعبث بالجغرافيا وتدمير المكان .
• يردد البعض أن الرواية الفلسطينية فى كامل بريقها فى الفترة الراهنة ؟
- هذا صحيح، فى الآونة الأخيرة كانت الرواية الفلسطينية حاضرة ومتميزة، ذهب العديد من الروائيين إلى استخدام تقنيات جديدة فى الكتابة وفرضوا أعمالهم، والملاحظة الأهم أن معظم الأعمال الروائية كانت تعمل على توثيق الحكاية الفلسطينية، سيّما فى ظل مشروع صهيونى لتزييف الحقائق وقلب الحقائق وتقمص دور الضحية
• ومن نجح من الروائيين الفلسطينيين فى التصدى لهذا التزييف؟
- معظم من كتبوا، خاصة من غلّفوا التوثيق بالجمال والمتعة، لأن التوثيق وحده ليس دور الأديب بل دور المؤرخ، لكن غسان كنفانى وإيميل حبيبى وجبرا ابراهيم جبرا، وفى مرحلة أخرى ابراهيم نصر الله ومحمود شقير ويحيى يخلف ورشاد أبو شاور وسحر خليفة وزياد عبد الفتاح ورفيق عوض وربعى المدهون، ثم عاطف أبو سيف وزياد خداش، وآخرون كثر أخشى أن تخوننى الذاكرة تجاهم، جميعهم رصدوا وحللوا وبنوا وحرّكوا، وصولاً إلى الخلاصات التى ناضل الفلسطينيون عقوداً من أجل تكريسها.
• أخيراً كيف تقّيم الوضع العام للثقافة الفلسطينية فى وقتنا الراهن ؟
- الثقافة تتأثر بالوضع السياسى العام بلا شك، لذا نجد أن الاحتلال يحاول محاصرة وملاحقة الثقافة الفلسطينية قدر استطاعته، خشية من تأثيراتها الممتدة، لكن السؤال هو هل نجح فى تحقيق أهدافه ؟ أجزم أنه لم و لن ينجح.•