السبت 29 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

مستقبلنا مع صوفيا

مستقبلنا مع صوفيا
مستقبلنا مع صوفيا


كتبت: ميرفانا ماهر
 
«إنهم مهذبون دائمًا، وبارعون فى إقناع الزبائن، ولا يأخذون عطلات مطلقًا، ولا يتأخرون أبدًا، لم تحدث إطلاقًا زلات أو عثرات، أو حالة تمييز بسبب السن أو الجنس أو العرق»..تجسد هذه العبارة التى قالها أندرو بوزدر الذى كان يشغل منصب المدير التنفيذى لشركة هارديز فود، حالة القلق التى يعيشها العالم الآن مع زيادة عدد الروبوتات العاملة.

وحسب تقرير البنك الدولى الصادر مؤخرًا عن التنمية فى العالم لعام 2019، بحلول السنة الجديدة سيتم تشغيل 1.4 مليون روبوت صناعى جديد، مما يرفع العدد الإجمالى إلى 2.6 مليون فى جميع أنحاء العالم وأكثرها فى ألمانيا وكوريا وسنغافورة وتعمل فى صناعة السيارات والأجهزة الكهربائية والإلكترونيات والمعادن.
قد تعتقد أنك بعيد جدًا عن التكنولوجيا.. لكن يبدو أن كثيرًا من المعتقدات سيغيرها لنا المستقبل القريب.. آخر الخطوات أعلنتها شركة فودافون فى مصر التى تستحوذ على 40 % من سوق المحمول حين قررت الاستعانة بالإنسان الآلى فى وظائف بمراكز الخدمة فى إطار خطتها لتقليل النفقات بفروعها بقيمة 8 مليارات يورو.
ويتوقع أن تؤدى تلك الخطوة إلى أن تأكل 9 روبوتات الوظائف المصرية فى الشركة، وأن يتم الاستغناء عن 1700 موظف فى مراكز الخدمة فى عدد من الدول منها مصر والهند ورومانيا بعد استبدالهم بالروبوتات.
وفى منتصف شهر أبريل من العام الماضى، كنا وجهًا لوجه فى مصر مع الروبوت صوفيا خلال زيارتها الأولى للقاهرة للمشاركة فى ملتقى الإبداع والذكاء الاصطناعى، وكثير من أصدقائنا وزملائنا قد اتخذوا معها صورًا تذكارية.
صوفيا الحاصلة على الجنسية السعودية، والشبيهة إلى حد كبير بالبشر صممتها شركة «هانسون روبوتيكس» فى هونج كونج لتكون رفيقًا لكبار السن والعاجزين وتساعد الحشود فى المناسبات الكبيرة أو الساحات العامة، لكنها تدق جرس انذار عن مستقبل العمل مع التطور التكنولوجى الرهيب فى العالم كله.
فعلى الرغم من أن لا شىء يعادل الإنسان من وسائل الاتصال والتكنولوجيا كما قال باولو كويلو، فإن التقدم السريع جدًا يؤكد على عبارة أن «الآلات قادمة لأخذ وظائفنا» وأن أطفالنا فى المرحلة الابتدائية حاليًا سيعملون مستقبلاً فى وظائف غير موجودة الآن.
انتبه فأنت أيضًا ربما تفقد وظيفتك قريبًا جدًا فالبقاء فى وظيفة واحدة أو مع شركة واحدة لعشرات السنين سيصبح دربًا من الخيال فالوظائف ستكون مؤقتة وتتطلب مهارات معينة مثل التفكير النقدى وحل المشكلات، وأن تكون مدربًا على العمل مع الروبوتات وهو ما يتطلب أن نظل متعلمين مدى الحياة.
هذه المخاوف حقيقية ويمكنك أن تلمسها حولك، فطلبات التوظيف لأصحاب المهارات الأقل فى انخفاض، إمكانية التعامل مع الكمبيوتر والإنترنت أصبحت شرطًا أساسيًا، ومعرفة أكثر من لغة أجنبية هى ميزة إضافية، استُحدثت وظائف مثل البيع على الإنترنت وانتشرت صفحاته، الكثيرون لجأوا للعمل مع شركتى أوبر وكريم.
وكادت أن تختفى وظيفة الصراف وعامل البريد والمزارع والمحاسب وأخصائى التسويق وخدمة العملاء والمحلل المالى والصحفى التقليدى والسائق، فخلال أربع سنوات من الآن ستشهد بريطانيا سير سيارات بدون سائق فى شوارعها، والتوقعات تشير إلى أنه بحلول عام 2029 ستكون أجهزة الإنسان الآلى أكثر ذكاءً من البشر!
دخل عدد كبير من المصريين منظومة العمل الجديدة، فأعادت الدولة النظر فى قوانينها وطريقة تقديم خدماتها للأفراد والشركات مع العمل جنبًا إلى جنب على رأسمالها البشرى من خلال الاهتمام بملفى التعليم والصحة، الأمر الذى يؤتى بثماره الاقتصادية بعد سنوات، فالأسر وحدها لا تستطيع تحمل التكلفة. •