العريس يهتف فى الزفة
زينب صادق
لم يكن يبدو على العريس هذه الفرحة التى تبدو عادة على العرسان الشبان الذين يقيم لهم أهله أفراحهم فى مثل هذا الفندق الكبير.. كان يبدو عليه الهم.. لقد كان سعيدا إلى أول أمس بترتيبات الفرح الذى سيقيمه والده ووالد العروس.. فما الذى حدث له بالأمس من تغيير؟.
لم تنتبه العروس إلى حالة عريسها فهى مشغولة برداء زفافها ومراجعة سير الزفة.. وتساءل والد العريس لنفسه ما الذى يكدر ابنه فى ليلة عمره؟ فهل اكتشف بالأمس فقط أنه لا يحبها ولم يستطع التراجع؟.. وقالت قريبة للعروس لأخرى إن العريس ثقيل الدم..
اطمأن والد العريس إلى أن كل المدعوين المهمين قد وصلوا وأعطى إشارة لقائد فرقة الشباب الذين يقومون بزفة العروسين بدلا من العوالم التقليديين.. بالدفوف، بدأ أفراد الفرقة يغنون وصراخ الأبواق.. و.. خطوة خطوة يسير العروسان.. العروس فرحة مبتسمة.. والعريس متهجمًا.. العروس منتشية بأصوات المنشدين وكلمات أغانيهم.. لكن هذه الأصوات جاءت إلى أذن العريس مثل هتافات الطلبة والطالبات بالأمس فى مظاهرة ضد أمريكا وإسرائيل فشعر بتوتر.
بالأمس كان العريس يقف فى نافذة من الدور الأول فى الكلية التى يعمل بها معيدا مدرسا يتفرج على المظاهرة وعندما وجد جنود الأمن يهجمون على الطلبة بالعصى صعدت الدماء إلى رأسه وتساءل لماذا يضربونهم وهم لا يهتفون ضد الحكومة المصرية إنهم يهتفون ضد الحكومة الأمريكية.. غاضبين لكرامة بلدهم بعد حادث الطائرة المصرية المدنية التى أغارت عليها طائرات حربية أمريكية.. شعر أنه مسئول عن الطلبة.. فقفز من النافذة وهو يزعق فى الجنود أن يتركوهم يعبرون عن شعورهم.. تراجع الجنود فحمله الطلبة على أكتفاهم.. اعتراه حماس جارف وهتف بسقوط الصداقة مع أمريكا.. وهتف الطلبة وراء هتافاته.. إلى أن ألقيت عليهم قنبلة مسيلة للدموع..
انتهت الزفة من مدخل الفندق إلى بداية السلم المؤدى إلى قاعة الفرح فى الدور الأول.. العروس تتمخطر والعريس يجر قدميه وأصوات المنشدين مثل هتافات الطلبة بالأمس.. بعد أن صعد مع عروسه درجات من السلم لم يستطع مقاومة التوتر فالتفت إلى الخلف ورفع يده وبدأ يهتف الهتافات التى كان يرددها بالأمس فى المظاهرة.. كانت صدمة لأهل العروسين وفرحة عظيمة لرواد الفندق وزملائه ومفاجأة للجميع.
عندما رددت فرقة الشبان الهتافات وراءه اشترك رواد الفندق من العرب والمصريين فى ترديد الهتافات وهرب السائحون الأمريكان من الساحة ماعدا مراسل صحفى أمريكانى التقط عدة صور للعريس ليرسلها إلى جريدته ضمن صور المظاهرات الغاضبة فى مصر المطالبة بقطع العلاقات مع أمريكا.
صعدت العروس وحدها وارتمت على صدر أبيها الذى كان يقف مذهولا فى نهاية السلم وبكت وهى تقول: العريس بوظ الزفة!!
ملحوظة: هذه الحكاية التى رصدتها.. حدثت أواخر سبعينيات القرن الماضى