مزود الميلاد.. فن ورسالة سلام

صباح الخير
كتب: أبانوب نبيل
فى موسم الميلاد يكثر انتشار وجود المزود أو المغارة التى أصبحت جزءًا من الاحتفال العالمى للمناسبة، حيث تخصص الكنائس جزءًا من مساحتها لإقامته ولا تخلو منازل المسيحيين من وجود المزود الذى يشترك فى تصميمه وصناعته جميع أفراد الأسرة من صغيرها لكبيرها.
فرنسيس الأسيزى يذكرنا بالميلاد
ويعد مزود البقر أو المغارة هو العمل الفنى الأقدم تاريخيًا الذى يحكى قصة ميلاد المسيح، ومغارة الميلاد هى عبارة عن مجسم يُصنع من الخامات المختلفة لتجسيد صورة الميلاد، بحيث يوضع داخلها مجسمات صغيرة لشخصيات الميلاد انطلاقًا من وصف الإنجيل، حيث بدأت هذه العادة - التى تغوص جذورها إلى عام 1223- حينما أراد القديس فرنسيس الأسيزى أن يذكّر الناس بميلاد يسوع الفقير، فذهب إلى إحدى الغابات القريبة من بلده أسيزى حيث توجد مغارة طبيعية، وبنى فى تلك المغارة مزودًا يمثّل مزود بيت لحم، ووضع فيه تمثالًا خشبيًا للطفل يسوع، ونثر على الأرض عشبًا يابسًا، وأحضر حمارًا وثورًا وجعلهما قرب المزود.
وفى ليلة العيد، وبعد قرع الجرس، تهافت الناس وهم يحملون المشاعل تجاه هذه المغارة، وأقام مار فرنسيس الذبيحة الإلهية «القداس الإلهي» فى نفس المكان، شارحًا محبة «يسوع» وحنانه اللذين دفعاه ليولد فقيرًا، ومنذ ذلك الحين جرت العادة أن تقام المغارة بمناسبة عيد الميلاد.
شخصيات المزود
ويقول «مايكل فايز» إن عيد الميلاد هو بمثابة فرصة حقيقية كل عام، للمشاركة فى صنع نموذج من المزود أو المغارة بمساعدة بعض أصدقائه لتهيئة المسيحيين وتذكيرهم بمعانى التواضع والمحبة التى أتى بها المسيح «طفل المزود».
ويبدأ بجمع الخامات الخاصة بصناعة المزود من خشب الأركيت الذى يستخدم فى صناعة التصميم الخارجى للمزود، ثم يتم تغطيته بالبرص مع إحضار أوراق النخيل الطبيعى لصنع مجسمات أشجار النخيل، مع الفوم ومجسمات الميلاد، وأضاف «مايكل» إننا نحرص على أن تكون المغارة من الخامات الطبيعية البسيطة وأن تضم نماذج لشخصيات تروى قصة الميلاد، مثل نموذج الطفل يسوع فى المزود، والملائكة، ومريم العذراء، ويوسف، والرعاة، والحيوانات التى أحاطت به لتدفئة ليلة ولادته، وأخيرًا النجمة والمجوس الذين اهتدوا بنورها إلى المسيح.
وأضاف القس «يوحنا فايز» إن ميلاد المسيح فى مزود البقر، هو بحد ذاته درس فى التواضع والبساطة، واختار السيد المسيح المزود مكانًا لميلاده ليعالج شهوة الكرامة، حيث يعد ميلاد المسيح تشجيعًا للفقراء الذين يمرون بظروف سيئة خلال نشأتهم، وأن من يقبل ذلك بشكر من المؤكد سيجد معونة إلهية، وأشار إلى أن مزود الميلاد التقليدى يحتوى على عدة شخصيات مُشار إليها فى الإنجيل وتتلاقى فى رمزيتها معانٍ روحية وأخرى إنسانية.
«المسيح» طفل مقمط فى أقمشة بيضاء، وهو صاحب العيد و«يوسف» و«مريم العذراء».
«الرعاة» وهم يمثلون فئة الفقراء والبسطاء.. كونهم أفقر طبقات الشعب فى تلك الأيام، كما أنهم يمثلون الرعاة الذين يرمزون للمسيح باعتباره هو الراعى الحقيقى الذى خرج من نسل الملك داود، الملك الذى ولد راعيًا.
و«المجوس» الذين يمثلون فئة المتعلمين والأغنياء، حيث قاموا بإهداء ثلاثة صناديق للمسيح احتوى أولها على الذهب الذى يشير إلى اعتراف المجوس بأن الطفل المولود هو ملك؛ فقد كان الذهب يعطى كهدية للملوك كما أنه يرتبط فى العهد القديم بالمقدسات.
وكانت الهدية الثانية هى اللبان الذى يرمز إلى الكهنوت والعبادة.. واللبان هو حبات البخور التى توضع فى المجمرة بالكنائس، وتقديمه خاص بالكهنة فقط، ويرمز بخور اللبان للعبادة، أما الهدية الثالثة فهى المُر، وهو نوع من العطور الذى يرمز إلى الألم كإشارة إلى آلام المسيح، لذلك فإن الكنيسة تعطى أهمية كبيرة لهدايا المجوس لأنها تجسد حياة المسيح، فهو ملك الملوك ورئيس الكهنة، وأخيرًا يشير إلى آلامه التى سيعيشها على الأرض.
«النجمة» وهى رمزُ للنجمة التى أهدت المجوس إلى المسيح، والنور المسيح المتجسد.
حيوانات المزود
«الثور» إضافةً إلى المعنى الرمزى لاستبدال الغذاء الجسدى بالروحى، ولكنه لايهمل قيمة الغذاء الماديّ الّذى لابدّ منه للإنسان، لا ليعيش من أجله وإنما يساعده ليعيش ويتمكن من خدمة الإله الحقيقى، كما يرمز إلى قيمة العمل كوسيلة للحياة الكريمة. وفى المزود كان وجوده بحجمه الكبير عاملا فى تدفئة المسيح- الطفل.
«الحمار».. وسيلة النقل البرى الأساسية لدى عامة الناس، وهو أيضًا يرمز إلى الصبر واحتمال المشقات فى سبيل الإيمان وفى خدمة المخلص.
«الخراف».. وسيلة للغذاء والتدفئة، وترمز بشكل خاص إلى الوحدة الضرورية فى جماعة المؤمنين، التى تحافظ على دفء الإيمان فى قلوبهم.
«الملائكة» ويرمزون إلى حضور الله الفعال بين الناس، وأضاف القس يوحنا أن إنجيل لوقا الإنجيلى لم يذكر المغارة بل المزود، لكن التقليد المعتمد فى أورشليم منشأ السيد المسيح اعتبر إحدى المغائر التى كانت تستعمل اسطبلًا للحيوانات، كمكان لولادة المسيح، وعلى أساسه شُيدت كنيسة المهد فى بيت لحم، وأيضًا بعض الآثار التى تعود إلى القرنين الثالث والرابع، تظهر رسمًا لميلاد المسيح مع الرعاة والمجوس والرعيان.•