الجمعة 23 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

فأر وامرأة ورجل

فأر وامرأة ورجل
فأر وامرأة ورجل


فأر على الحبل، امرأة فى نافذة تنشر غسيلا، رجل فى جلباب ممزق يقف تحت النافذة بعربة يد لبيع الخُضر.

يتحرك الفأر ببطء مميت فهو يخشى الحركة المضادة على الحبل، تنحنى المرأة كفرع شجرة تهزه الريح لترفع قطعة قماش من طبق بلاستك، يتململ الرجل فى وقفته تحت النافذة لعدم وجود الشارى ويلقى بنظره إليها فى الأعلى.
الفأر يتملكه الفزع فيتوقف تمامًا لكن رغبته فى العبور لم تتغير، المرأة ترفع قطعة القماش تنفضها فى الهواء لطرد الماء، تمسك بالمشابك فى يدها وتضع قطعة القماش على الحبل وتثبتها، وتنحنى فى اتجاه طبقها البلاستك من جديد،  الرجل يخرج من جيب جلبابه علبة سجائره، يشعل إحداها وينظر فى اتجاه قطرات الماء المتساقطة منتظرًا النداء وينفخ دخانه فيصعد لأعلى.
يرى الفأر فى قطعة القماش المعلقة والتى يحركها الهواء كيفما شاء عدوا قديما فيغلب خوفه حذره، يسرع فى محاولة يائسة عبر الحبل للوصول إلى حد النافذة الآخر حيث جحره، ترفع المرأة وجهها عن طبقها البلاستك فى اللحظة غير المناسبة لها وللفأر، تفزع من هرولته فتلقى بقطعة القماش من يدها فى اتجاهه، تأخذه قطعة القماش فى طريقها للأسفل متدثرًا بها.. تُخْرج قطعة القماش الساقطة فوق العربة  الرجل الغارق ما بين ذكرياته ولحظات الملل من شروده.. يتحرك فى اتجاهها ويمسكها فى يده، تتحرك قطعة القماش بين يديه فيفزع ويرتد بجسده إلى الخلف بعد إن يرمى بها إلى الأمام.. تتحرك العربة تحت ثقل جسده الملقى عليها فتلقى بخضارها على الأرض.. صوت المرأة المفزوعة يصل أخيرًا إلى أرضية الشارع ويسكن بجانب خضروات العربة.. البائع يوزن حركته، ويستعيد هدوءه فيستغفر ربه الذى جعل يومه يبدأ هكذا، ويبدأ فى إيقاف العربة ولم الخضراوات.. المرأة من النافذة تحاول أن تحصل على قطعة قماشها الساقطة أرضًا بجانب صرختها.. الفأر يستغل حالة الارتباك التى عليها الجميع ويلجأ إلى شق فى حائط قريب منتظرا أن تهدأ الحركة، بينما يفكر فى الجهة الأخرى من الحبل حيث جحره وأطفاله.•