الأربعاء 22 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

لعنة الفراعنة بين الحقيقة وحب الآثار

لعنة الفراعنة بين الحقيقة وحب الآثار
لعنة الفراعنة بين الحقيقة وحب الآثار


الأقصر مدينة المائة باب أو مدينة الشمس عرفت سابقًا باسم طيبة، وعاصمة الثقافة العربية لعام 2017 وبها العديد من الآثار والأسرار.
الأقصر التى تقع على ضفاف النيل والذى يقسمها إلى شطرين البر الشرقى  والبر الغربى فتوارت أسرات عديدة خلف جدران مقابر بالبر الغربى بالأقصر بمنطقة علوة الخوخة وهذا الأسم والمكان يعد من الأماكن التى لم يسمع ولا يعلمها الكثيرون والتى توجهت إليها حيث تعمل هناك البعثة المجرية منذ أكثر من 35 عامًا وأزالوا الغطاء عن أسرار هذا المكان حيث يقبع بها العديد من المومياوات والتى تخضع للعديد من الدراسات العلمية فى علوم الإنسان من قبل البعثة المجرية، بالنسبة لى كنت متشوقة جدًا كى أتعرف على كل ما هو مثير وغريب عند قدماء المصريين.
سبقت زيارتى للمنطقة العديد من الاتصالات والمقابلات بالقاهرة  مع رئيس البعثة المجرية قبل المغادرة للأقصر، وبالتالى كان الاتفاق أنى سأقوم بزيارة المنطقة بعدها بحوالى 10 أيام حتى يكون كل أعضاء البعثة قد وصلوا إلى الأقصر واندهشت جدًا من اسم المكان وتحدث معى الأستاذ الدكتور زوليتان فابيان  أستاذ الآثار المصرية القديمة بجامعة بودابيست بالمجر رئيس البعثة المجرية والذى يجيد بعض الكلمات العربية البسيطة عن عشقه للمكان وولعه بالآثار المصرية القديمة، وأكد لى أن هذا يعود إلى اهتمام العديد من العلماء المجريين منذ عام 1910، وبالفعل تم التنسيق والترتيب مع رئيس البعثة والسفير المجرى بالقاهرة الدكتور بيتر كيفيك ووزارة الآثار للترتيب لهذه الزيارة والتى تمت بعد تعديل الميعاد أكثر من مرة حتى تمت قبل مغادرة البعثة بحوالى يومين فقط.
وكان كل ما يدور فى ذهنى: ما هو الذى تم الكشف عنه فى حوالى 36 مقبرة بمنطقة علوة الخوخة، وما هو شكل وعدد المومياوات التى اكتشفت فى المكان.. وعلى الفور جاء فى مخيلتى أساطير وحكايات لعنة الفراعنة. بدأت رحلتى إلى الأقصر فى الثالثة عصرًا ووصلت الأقصر فى الرابعة وعند وصولى إلى الأقصر كنت فخورة بهذه المحافظة الجميلة ووجدت أهل الأقصر يسألونى عن اسم الفندق ووجدت عددًا من السيارات البيجو تنتظر أمام المطار رغم حرارة الجو بابتسامة ترحب بالزائر، وكان من أوصلنى إلى الفندق شاب مهذب اسمه محمد، وبالطبع كان أول سؤال هو: ما هى أخبار السياحة؟ فأجاب بأنها أفضل حالًا وأخذنا الحديث حتى وصلت للفندق وعرض علىّ أن يوصلى للمطار عند المغادرة للمطار مرة أخرى، فأجبت عليه إن شاء الله وصلت وحاولت أن أستريح كى أستعد لليوم التالى وهو زيارة منطقة الخوخة، وعلى الفور اتصلت بالدكتور  زوليتان فابيان كى أبلغه إنى قد وصلت إلى الأقصر فقال لى إنه عاد من الموقع وإنه فى انتظارى فى الصباح الباكر، وقال لى إنه يبدأ العمل فى السادسة صباحًا وينتهى من العمل بالموقع الثانية ظهرًا، صباح اليوم الثانى اتجهت إلى البر الغربى ولكن كنت أفتقد المناظر الطبيعية والآثار المبهرة والعظيمة بالأقصر وكنت أتابع اللوحات الإرشادية حتى اقتربت من منطقة القرنة والتلى يسبقها تمثالى ممنون، وعلى الفور توقفت عندهما وتذكرت غناء الشرق وتمنيت لو كنت فى هذا المكان فى الفجر حتى أتذكر الأسطورة أسطورة لليونان لقد نسبا التمثالان إلى أحد الأبطال اليونانيين فى تلك الحرب، وكان ممنون يعتبر أبنا للفجر «أيوس» وزعموا أن هذا البطل الذى مات مقتولا كان يحى أمه مع نسمات كل صباح بصوت حزين فأخذت أتخيل وأسمع هذا الصوت فى آذانى وبعدها عدت لاستكمال طريقى إلى علوة الخوخة بدأت المنطقة تتكشف من بعيد عبارة عن مقابر محفورة داخل الجبل والطريق إلى المقابر وعند وصولى شاهدت لوحة مكتوب عليها منطقة الخوخة، وسلكت الطريق فى جو هادئ وملئ بالغموض حتى وصلت وكان فى استقبالى الدكتور زوليتان وأعضاء البعثة ومدير آثار منطقة علوة الخوخة وعدد من العمال الذين يقومون منذ سنوات بالعمل مع البعثة المجرية.
المكان علوة الخوخة بالبر الغربى بالقرنة التى تقع فى حضن الجبل قد عرفناه من خلال القرن أو القمة وذلك فقد أطلق الأهالى هذا الاسم على هذه المنطقة الفريدة على التى ارتبط أهلها بوادى الملوك ومقابرهم وأعمال الحفائر والاكتشافات.
لفت نظرى الجو بما يحمله من طابع خاص ورائحة مميزة تبعث فى النفس مزيدًا من المشاعر المختلفة كالفخر والرهبة والدهشة ومشاعر كثيرة متناقضة ولكنها جعلتنى فخورة بكونى مصرية وبدأ الدكتور زوليتان فابيان رئيس البعثة شرح كل ما تم الكشف عنه والأجزاء التى تم ترميمها ومحاولة إعادة  شكل الأوانى الفخارية  تقريبًا لما كانت عليه من قبل وإعادة المناظر على جدران المقابر لما كانت عليها من قبل، بدأت أن أتعرف على عمل كل فرد بالبعثة المجرية، المكان بسيط جدًا ويعملون بجدية وعشق للآثار العمال المصريين يتحدثون مع أفراد البعثة باللغة العربية رغم صعوبة هذا بالنسبة لأفراد البعثة ولكنه: أنى طريف بالنسبة لهم وكانت أبحاث البعثة المجرية للآثار التى أجريت فى الموقع ترمى بشكل أولى إلى دراسة الصروح الجنائزية العائدة لعهد الأسرة التاسعة عشرة، نورا زومدى تقوم برسم أشكال الأوانى الفخارية المختلفة كل فرد فى البعثة يعمل بدقة أما أورسوليا لاسلو فهى متخصصة فى علم الإنسان تقوم بكشف العديد من الأسرار والغموض من خلال دراسة كل مومياء وتحليل كل جزء فيها، كما أطلقت على المومياء لقب المومياء السوداء وكشفت عن العديد من الأمراض من خلال تحليل كل مومياء ومن أشهرها كان مرض الأنيميا، وكشفت النقاب عن العديد من الأسرار المثيرة ومنها تكوين وحجم الجمجمة ومقاسات أجزاء المومياء مما أثار الدهشة بالنسبة لى وتذكرت هنا القصص التى يتناولها الناس عن لعنة الفراعنة وترتبط بالاكتشافات الأثرية، كما تذكرت فيلم المومياء للمخرج العبقرى شادى عبد السلام، إن قدماء المصريين لم يقصدوا بالعنات كل محب ومكتشف يرى العظمة والشموخ والعبقرية فى تاريخهم ولكن فقط كل من أراد السوء والسرقة أو تدمير تاريخهم، وتظل الحضارة المصرية بكل ما يتعلق بها العالم السحر يحبس الأنفاس من فرط الروعة والغموض والجمال.•