الأحد 16 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

نسيـان متعمـد..وحبر على ورق

نسيـان متعمـد..وحبر على ورق
نسيـان متعمـد..وحبر على ورق




ماذا يحدث على أرض الفيروز؟! فما تتعرض له هذه البقعة الغالية من أرضنا يعجز البشر عن فهمه، وكأن هناك أيادى خفية تحاول أن تنزع تلك البقعة من حضن مصر، لذلك قررنا أن نقترب من العالم السيناوى وتحاورنا مع مجموعة من النشطاء السيناويين للإجابة عن تلك الأسئلة المحيرة على أساس أن أهل مكة أدرى بشعابها، وقد اتفق هؤلاء النشطاء على أن سيناء تتعرض لمخاطر كثيرة يصعب التعامل معها وينبغى أن يكون كل مصرى يقظاً لما يحاك من مؤامرات على أرض الفيروز، بخاصة أبناءها الذين يعرفون كل شبر فيها وآخر من يستشارون فى أمور سيناء.


فى البداية يرى سعيد عتيق الناشط السيناوى وعضو ائتلاف شباب الثورة بسيناء أن الهدنة التى تمت بين حماس وإسرائيل برعاية مصرية ستكون مصر هى الخاسر الوحيد بها، حيث إن تلك الهدنة هى اعتراف صريح من الحكومة المصرية بوجود الكيان الصهيونى، كما أنها كفيلة بوقف المقاومة فى قطاع غزة لمدة خمس عشرة سنة مقبلة، ومن المعروف أن قطاع غزة الذى يبلغ عدد سكانه حوالى المليونى نسمة يعتبر من أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان بالمقارنة بمساحته، والتى تبلغ 063 كم مربع، وبحسب تقارير وزارة الصحة الفلسطينية فإن المرأة الفلسطينية معدل الإنجاب لديها عال جدا، مما يعنى أن وقف المقاومة وعدم السعى لتحرير أراض فلسطينية جديدة من المغتصب الصهيونى ينذر بانفجار سكانى وشيك داخل القطاع، مما سيجعلهم ينتقلون مرغمين للعيش فى سيناء، وهذا ماحلم به الكيان الصهيونى منذ عقود، وبذلك نقول إن حماس بتوقيعها لتلك الهدنة حققت لإسرائيل ما لم تستطع تحقيقه منذ عام 84 برعاية مصرية إسرائيلية أمريكية، ويكمل سعيد حديثه قائلا: إن كلمة السر فى الفترة القادمة ستكون عند قبائل سيناء الذين  ضحوا من أجل أمن سيناء دون أن يعلنوا ذلك ولكن صمتهم هذا هو الصمت الذى يسبق العاصفة، فلن يقبلوا أبدا بتسليم سيناء للجماعات الجهادية والتكفيرية، كما لن يقبلوا أبدا باستخدامها كفزاعة، كما كان النظام السابق يستخدم الإخوان المسلمين كفزاعة للشعب المصرى، لذا فنحن نقول إن التحرك القبلى من قبل السيناويين لو حدث فمن المؤكد أنه سيكون فى مصلحة أمن مصر واستقرارها، مشيرا إلى أن عدم الشفافية من قبل المسئولين هى المتسببة فى هذا الارتباك الذى نعيش به، فإذا كان لا يوجد حتى الآن مخيمات أقيمت على الحدود لاستقبال الإخوة الفلسطينيين بها ففى المقابل لا يوجد مسئول صرح بشكل مباشر وقطعى بأن مشروع الوطن البديل مرفوض من قبل الدولة ولن تسمح به.


∎ حكومتنا لا تعتبرنا على الخريطة

وفى مدينة رفح المصرية وعلى بعد 005م من الحدود مع غزة مازالت الظروف المعيشية سيئة للغاية، فكما تصف منى برهوم الناشطة السيناوية وعضو ائتلاف أبناء رفح سيناء للتغيير، والمقيمة على الحدود، أنهم يفتقرون إلى  أبسط الحقوق التى من المفترض أن يحصل عليها المواطن، فمازالت المياه تباع فى جالونات ومازالوا يعيشون دون شبكات محمول حتى الآن منذ بداية الثورة مما اضطر الكثير إلى استخدام خطوط المحمول الإسرائيلية ليتواصلوا فيما بينهم، وتقول: عندما طالبنا بإعادة تشغيل شبكات المحمول المصرية قيل لنا إنها إجراءات احترازية حتى لاتتمكن إسرائيل من التجسس على مصر، ولا أدرى كيف ذلك وشبكة المحمول الإسرائيلية تغطى رفح والمواطنون يتحدثون من خلالها، أليس بالأحرى أن يتم التجسس على مصر من خلال تلك الشبكة؟، كما يتملكنا الرعب مما أشيع حول أن الصواريخ التى تلقيها إسرائيل على غزة تحوى مادة سامة بعيدة المدى، فقد ذكر خبير فلسطينى على إحدى القنوات الفضائية أن هناك وفدًا إيطاليًا حضر إلى غزة وقام بتحليل جزء من تلك الصواريخ ووصل إلى أنها تحتوى على 03 فيروسًا تؤثر على التربة بمدى بعيد، وبما أننا قريبون جدا من موقع الأحداث لدرجة أن زجاج منازلنا جميعه تحطم جراء القصف على غزة فمن المؤكد أنه لو صح ذلك فإننا سنتأثر بشكل أو بآخر، كل هذا وحكومتنا لم تتكلف حتى عناء طمأنتنا، كأننا لسنا على الخريطة، فبأعيننا نرى الشاحنات والوفود ذاهبة للتضامن مع إخواننا فى غزة مع أن هنا أيضا فى رفح يوجد من يحتاج للرعاية، فدائما يتم التعامل مع سيناء من منظور الملف الأمنى فقط دونما البحث فى الجانب الاجتماعى، وللأسف فإن سيناء عادت إلى مصر منذ أكثر من ثلاثين عاما ولكن مصر لم تعد إلينا حتى الآن، فهل يصدق أحد أن النيل  لم يصل حتى الآن إلى رفح، فحتى بعد إنشاء خزان مياه تكلف 31 مليون جنيه لم يتم تشغيله ومازال الأهالى يشترون جالون المياه بربع جنيه، ومازالت المنازل عائمة على بيارات الصرف الصحى، فمشروع الصرف الصحى الذى تكلف 041 مليون جنيه لم يكتمل، مما يعنى أن مايسمى بتطوير سيناء ما هو إلا حبر على ورق ومجرد إهدار للمال العام لا يعود على أهلها بأى نفع، وحتى بعدما بح صوتنا لإنشاء جهاز حكومى يهتم بشئون سيناء، وقام المجلس العسكرى بإصدار مرسوم بقرار بإنشاء جهاز تنمية سيناء فى مارس من هذا العام، فوجئنا ألا أحد من أهالى سيناء يعمل به، مما يعنى أن طبيعة المشكلات التى نعانى منها لا يفهمها القائمون عليه، لذا تحول جهاز تنمية سيناء إلى معوق لتلك التنمية، خصوصا إصدارهم لقرارات تمليك الأراضى بتلك الشروط المجحفة التى لا يمكن أن توضع إلا لشخص مقدم على الترشح لرئاسة الجمهورية وليس شخصاً يريد أن يتملك أرضه التى حرم من تملكها طوال سنين طويلة مضت، فنحن مع الأمن القومى المصرى ومؤمنون أن تأمين مصر يبدأ من سيناء، ولكن لماذا يعاملوننا كخونة؟ لماذا لا يشعروننا بأننا مواطنون مصريون، فسيناء ظلت محتلة خمسة عشر عاما منذ 76 حتى 28 دونما أى سيطرة من الجانب المصرى ولم نفكر فى بيع شبر من أراضينا.
∎ أنفاق مفتوحة.. حدود مخترقة

وعن الأنفاق التى مازالت مفتوحة حتى الآن تقول منى: طالما طالبنا بغلق تلك الأنفاق فكيف تكون حدودى مخترقة وأكون آمنة، والحقيقة أن القيادة الحالية هى التى لا تتوفر لديها الإرادة فى غلق تلك الأنفاق، فلا يمكن أن تكون رغبتى فى كسر الحصار عن غزة تجعلنى أترك بلدى منتهكة أمنيا، خصوصا مع توافر البديل الذى يضمن المصلحة للطرفين، وهو فتح المعابر بشكل دائم وإنشاء ممر تجارى على طول الحدود يتمكن الفلسطينى من الدخول إليه بعد ترك جواز سفره على البوابة وأخذ تصريح دخول، وبهذا أكون قد ساهمت فى كسر الحصار، وإنعاش السوق المصرية وتشغيل الشباب السيناوى الذى ترتفع بينه نسبة البطالة بشكل كبير، برغم ما يتوافر فى المنطقة من خيرات، والتى لو استغلت بشكل صحيح ستدر على مصر الكثير وستحولها إلى مصاف الدول المتقدمة.


∎ مشاكل متراكمة وخيرات مهدرة

وفى المقابل يرى محمد سالم المنيعى الناشط السياسى والحقوقى ومنسق عام تكتل الجمهورية لدعم الثورة بشمال سيناء، أن ماذكره الموقع الإسرائيلى حول قدوم قوات أمريكية لحماية الحدود المصرية الإسرائيلية والإشراف على وقف دخول الأسلحة إلى القطاع لا يعدو كونه شائعة مختلقة، فأهالى سيناء لن يسمحوا لأى أجنبى بالوجود على أراضيهم، وكل ما أشيع حول وجود مخيمات وما إلى ذلك هو أمر عار عن الصحة، ولكن للأسف فإن التضخيم الإعلامى لما يحدث فى سيناء يجعل طلقة الرصاص كأنها قنبلة ذرية، ويشدد المنيعى على أن الإرادة السياسية فى مصر لابد أن تضغط فى اتجاه تعديل اتفاقية كامب ديفيد، خاصة فيما يتعلق بالمنطقة ج، ويعتب المنيعى على مايذكره المحللون السياسيون والأمنيون من أن الأسلحة تمر من غزة إلى مصر عبر الأنفاق، مع أنه من المعلوم أن الأسلحة تأتى من السودان وليبيا، ومن يطالب بإغلاق الأنفاق والاكتفاء بالمعابر فهو مخطئ، فأنا عائد لتوى من غزة وقابلت أثناء رحلتى إسماعيل هنية ووجدت معوقات حقيقية على المعبر لدرجة أننا ظللنا ثلاثة أيام عالقين ولا نستطيع الدخول إلى القطاع، مع العلم أن الأنفاق ستغلق بشكل تلقائى إذا تم فتح المعبر بشكل حقيقى وليس بالكلام فقط، وعن المشاكل التى يعانى منها أبناء سيناء يقول: مازلنا نشعر بتفرقة عنصرية بيننا وبين باقى أفراد الشعب، وظهر ذلك مؤخرا حينما رفض الأمن الموجود على المعبر مرور كثير من أبناء سيناء إلى غزة لمناصرة الشعب الفلسطينى عكس ماتم للأفواج القادمة من جميع أنحاء مصر، فهناك حاجز نفسى بيننا وبين الجميع وهو ليس صنيعة اليوم، فقبل 76 كان لا يمكن لأى مصرى دخول سيناء إلا بتصريح كأننا دولة أخرى، مشيرا إلى أن تلك التراكمات لا يمكن حلها بين يوم وليلة، وعن المشاكل الأخرى التى يعانى منها أبناء سيناء يقول: إن الأحكام الغيابية الصادرة على أبنائهم هى بمثابة قنبلة موقوتة لابد أن يصدر قرار جمهورى بإسقاطها، وعن خيرات سيناء يقول: سيناء أرض يمكن أن تطعم مصر كلها فعلى سبيل المثال لدينا رمل زجاجى نصدر منه الطن بـ4 دولارات إلى تركيا ونعيد استيراده بعد تصنيعه بـ21 دولارًا للطن، فلماذا لا ننشئ مصنعًا لتصنيعه فى وسط سيناء ليقلل البطالة ونستفيد من فارق السعر.