"المتنمر ضعيف..دافع عن نفسك"

ايمان عثمان
عن التنمر الذى يتعرض له الأطفال فى المدرسة والنادى، وربما البيت، وأساليب التعامل معه، انطلق حديثنا مع سارة عزيز المدير والمؤسس لمؤسسة «safe kids» التى تدرب الأطفال أنفسهم على مواجهة التنمر والتعامل معه بشكل سليم.. وغيرها من التدريبات لمقاومة كافة أشكال العدوان النفسى والجسدى.. وجاء الحوار كالآتى:
• ما مدى دراية المجتمع بحقيقة التنمر، معناه وسلوكياته، أسبابه وطرق التعامل معه؟
- يعلم المجتمع بوجود ظاهرة التنمر، ولكنه لا يعرف المصطلح «تنمر» ولا يعرف أسبابه وحقيقته وطرق التعامل السليمة معه.
التنمر هو ممارسة فرد أو مجموعة «البلطجة» على فرد أو مجموعة أخرى، كما يحدث فى المدارس على سبيل المثال، وله أشكال عديدة منها التنمر الجسدى «مثل الضرب والعنف وغيرها من طرق الإيذاء الجسدى» والتنمر اللفظى «مثل السخرية والشتائم والإحراج والتقليل من شأن المتنمر عليه وغيرها «والتنمر عبر الإنترنت» وذلك مثلا عن طريق تصوير المتنمر عليه، ونشر الصورة على إحدى الوسائط المتعددة والسخرية منه أو عمل مجموعة على تطبيق الواتساب أو الفيس بوك للسخرية من هذا الشخص أيضا».
ومن أهم أسباب التنمر اقتناع الشخص سواء طفلا أو بالغا أنه سلوك فكاهى أو مضحك، ولكن فى حقيقة الأمر هذا ليس فكاهيًا أو مضحكا أن يسخر المتنمر من شخص ما أو يؤلمه بأى طريقة من الطرق السابق ذكرها.
أيضا سبب مهم من أسباب لجوء بعض الأطفال أو الكبار للتنمر هو رغبتهم فى إظهار قوة خارجية غير موجودة بداخلهم ولأنهم يعلمون أنها غير موجودة، وأنهم ضعفاء من الداخل وغير مرغوب فيهم فيحاولون إظهار قوة خارجية قد تصل إلى حد العنف فقط لإثبات أنهم أقوياء.
للأهل دور كبير أيضا فى تكوين شخصية المتنمر، فتجاهل الأبناء، وعدم قضاء وقت معهم وعدم احترام آرائهم والأخذ بها وممارسة العنف عليهم بالضرب أو السباب أو الخصام وعدم مناقشة الطفل، وعدم قدرته على التعبير عن رأيه أو مشاعره يخلق كل هذا منه شخصا ضعيفا يشعر أنه غير محبوب وبلا قيمة فيحاول جذب الانتباه له بهذه الأفعال ومحاولة اكتساب القيمة عن طريق ممارسة التنمر متخذًا دور القوى المتسلط.
كذلك عدم وعى المتنمر عليه بطرق الدفاع السليمة عن نفسه وأنه يستطيع إيقاف المتنمر عن هذه الأفعال، يجعله يظهر بمظهر الضعيف الذى لا يستطيع أن يؤكد حقوقه ويحافظ على حدوده.
طرق التعامل مع التنمر:
- احتواء المتنمر والمتنمر عليه كل منهما على حدة، فالمتنمر يريد أن يشعر أنه محبوب ومرغوب فيه والمتنمر عليه يريد أن يعلم أنه يستطيع الدفاع عن نفسه.
- وعى الأهل بطبيعة شخصية أبنائهم وطرق التعامل السليمة والصحية معهم.
- عقاب المتنمر إذا استلزم الأمر كى يشعر أن لكل خطأ نتيجة عليه أن يتعلمها إذا اختار أن يستمر فى فعل الخطأ.
• ما دور المؤسسات التعليمية والإعلامية فى التوعية والحل؟
- دور المؤسسات التعليمية: تعليم الأطفال فى المدارس ما هى قوتهم الحقيقية هل القوة الجسدية أم قوة أخرى بداخلهم، وتعليمهم أيضا كيف يكون الاحترام بين الأصدقاء، وما هى سمات الشخصية التى تجذب الآخرين لها من احترام ومحبة ومساعدة الغير، وتمكين الطلبة ليستطيعوا الدفاع عن أنفسهم وتوكيد حقوقهم، وأيضا توفير مناخ آمن وعلاقات جيدة بالطلبة تقوم على الاحترام المتبادل بين المعلمين والطلبة.
- دور المؤسسات الإعلامية: التحدث عن طرق عملية للتعامل مع المتنمر والمتنمر عليه، واستضافة المتخصصين لنشر الوعى عن طبيعة التنمر وأسبابه ودور الأهل فى تكوين شخصية قوية بشكل مبالغ فيه أو ضعيفة لا تستطيع أن تقول لا أو تعترض على أى شىء.
• إعادة تأهيل المتنمر والمتنمر عليه هل تنجح دائما؟
- تنجح إعادة تأهيل المتنمر والمتنمر عليه إذا تم هذا بحب وحرفية وتشجيع، وتمكين وإذا كان من حوله خصوصا القائمين على رعايته قدوة له فى هذا.
• ما الوقت المثالى للتدخل العلاجى أو تقويم السلوك؟
- الوقت المثالى للتدخل العلاجى أو تقويم السلوك هو عندما يصبح المتنمر خارج السيطرة، عنيفاً بشكل مبالغ فيه، ولا يستطيع أحد احتواءه أو السيطرة عليه.
أما بخصوص المتنمر عليه فالوقت المثالى للتدخل العلاجى أو تقويم السلوك هو إذا تمكن التنمر منه واقتنع تمامًا بما يقال عنه وأثر ذلك على أفكاره ومشاعره وصورته عن نفسه فالتنمر فى بعض الأحيان يؤدى إلى انتحار المتنمر عليه إذا لم يتم تمكينه واحتواؤه بالشكل السليم.
والأفضل على الإطلاق دائما هو أن يلاحظ الأهل أى تغيرات فى شخصية الأبناء وبداية توجيههم بحُب منذ ظهورها فلا يتطور الأمر حتى يصل إلى مراحل يصعب السيطرة عليها.
• ألا يستطيع الأطفال أنفسهم القراءة حول الموضوع والتغلب عليه إذا افتقدوا اهتمام الأسرة مثلا؟
- تساعد القراءة بعض الأطفال فى التغلب على هذا الموضوع بنسبة، يمكن أن يساعد الأطفال أيضا حضورهم تدريبات ضد التنمر ليتعلموا لماذا يتنمر المتنمر وماذا على المتنمر عليه فعله فى هذه المواقف، كذلك وجود شخص بديل للأهل قدوة فى حياة الطفل كالخال أو العم أو المعلم يشعر الطفل بالأمان والراحة فى التحدث معه ويستطيع توجيهه وإرشاده هو أمر مهم للغاية للتغلب على ظاهرة التنمر.
ولكن بالطبع لا شىء يفوق دور الأهل فى غرس ثقة الأطفال فى أنفسهم، وتشكيل صورتهم الذاتية عن أنفسهم.•