الأربعاء 23 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

إضراب القضـاة يمهدالطريق للعصيـان المدنـى

إضراب القضـاة يمهدالطريق للعصيـان المدنـى
إضراب القضـاة يمهدالطريق للعصيـان المدنـى


الإعلان الدستورى الأخير الذى أصدره الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية، جاء ناسفا المبادئ القانونية والدستورية، حتى إن رجال القانون والدستور وصفوا هذا الإعلان الدستورى الجديد بأنه مخالف للأعراف الدستورية، وقالوا إنه مكَّن الرئيس من الاستحواذ على سلطات الدولة الثلاث «التنفيذية، التشريعية، والقضائية» بسببه تصاعدت أزمة القضاة مع رئاسة الجمهورية حيث استجاب القضاة فى المحافظات للإضراب الذى دعا إليه نادى القضاة، ففى اليوم الأول نفذ القضاة فى 7 محافظات الإضراب بشكل كامل، و7 محافظات إضراب جزئى والباقى يفكر، وتغيب المستشارون فى مكتب النائب العام، وتقدم 10 من المحامين العموم بطلبات للنائب العام بالتنازل عن مناصبهم والعودة لمنصة القضاء وهم المستشارون عادل السعيد وعدنان فنجرى، ومصطفى سليمان ومحمد عبدالعزيز، وتامر فرجانى، وعلى الهوارى، وعمرو صبرى صبرى وأيمن عبدالرازق، وإسماعيل عثمان وسعيد عبدالمحسن.

عندما نقرأ قرارات الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية نجد أن ما أصدره الرئيس من تحصين لقراراته، وتحصين مجلس الشورى، والجمعية التأسيسية من الحل، مخالفة واضحة وصريحة لما أقسم عليه وتعهد به من الحفاظ على القانون والدستور، وأن هذا الإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس يخالف الإعلان الدستورى الصادر فى مارس 2011 وأنه بذلك قد اعتدى على جميع الأعراف الدستورية اعتداء صارخا، فوضع قرارات استبدادية، ليغتصب بها جميع السلطات فى الدولة، بما فيها سلطة وضع الدستور، ووضع قوانين مقيدة للحريات.


وقد اعتبر المجلس الأعلى للقضاء، وهو أعلى سلطة قضائية، أن الإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس محمد مرسى يتضمن اعتداء غير مسبوق على استقلال القضاء وأحكامه، جاء ذلك فى بيان أصدره المجلس عقب اجتماع طارئ عقده صباح السبت الماضى، أوضح فيه أعضاؤه أن المجلس هو المعنى بجميع شئون القضاء والقضاة، وأبدى أعضاؤه أسفهم لصدور هذا الإعلان، وطالب المجلس الرئيس محمد مرسى بالبعد بهذا الإعلان عن كل ما يمس السلطة القضائية واختصاصاتها، أو التدخل فى شئون أعضائها، وكل ما ينال من جلال أحكامها.

وكان نادى القضاة قد قرر خلال الجمعية العمومية الطارئة التى عقدت مساء السبت الماضى تعليق العمل بجميع المحاكم والنيابات حتى إسقاط الإعلان الدستورى، كما أصدرت الجمعية عدة توصيات أخرى، منها الاعتصام بنادى القضاة يبدأ اليوم الثلاثاء، كما ناشد القضاة فى الجمعية العمومية المستشار طلعت إبراهيم عبد الله النائب العام الجديد الذى تم تعيينه بقرار من رئيس الجمهورية بالاعتذار عن قبوله لمنصب النائب العام، وعودة المستشار عبدالمجيد محمود إلى منصبه.

∎  رجوع للخلف

ومن ناحية أخرى أصدر عدد من القضاة ممن ينتمون إلى تيار الاستقلال بياناً أعربوا فيه عن رفضهم للإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس مرسى، ووصفوا هذا الإعلان الدستورى بأنه ردة لا مبرر لها، وقال القضاة فى بيانهم «بعد أن ابتهجنا بالخطوة الأولى على طريق تحقيق دولة القانون بوصول الرئيس إلى سدة الحكم بانتخابات حرة ديمقراطية هى الأولى فى تاريخ البلاد، فقد كنا ننتظر مزيدا من الخطوات الداعمة للحريات والتى تهيئ لاكتمال بناء مؤسسات الدولة بالاستفتاء على الدستور، وانتخابات حرة للمجلس التشريعى، إلا أننا فوجئنا بردة لا مبرر لها عن كل ذلك بالقرارات الصادرة فى الإعلان الدستورى».

وأضاف البيان إن حزمة القرارات تلك وإن تضمنت بعض مطالب الجماهير، إلا أن ذلك جاء على حساب الديمقراطية والحريات، لأن إعادة فتح التحقيقات والمحاكمات على النحو الوارد بالإعلان الدستورى هو تقويض لاستقلال سلطة القضاء وضماناته التى هى ضمانات للأمة وحريات أبنائها، كما أن ذلك إهدار لقيمة الأحكام القضائية سيؤدى حتما إلى فقدان الثقة العامة فيها، بالإضافة إلى أن تحصين القرارات الرئاسية سواء السابقة أو اللاحقة ولو كان ذلك لمدة محددة ليس هو السبيل المنتظر لدعم الديمقراطية لأنه سيؤدى حتما إلى أولى الخطوات على طريق الاستبداد وليس الحريات، إلى جانب أن تطهير القضاء سبيله الوحيد هو القانون واحترام أحكامه، كما أن استقرار الحالة الأمنية لن يكتمل إلا باحترام سيادة القانون وأحكام القضاء وليس الجور عليها.

وتضامنا مع نادى القضاة أعلن عدد من أندية القضاة بالأقاليم؛ على رأسها نادى قضاة الإسكندرية، تعليق العمل بجميع المحاكم والنيابات احتجاجا على الإعلان الدستورى؛ وقال المستشار محمد عزت عجوة، رئيس نادى قضاة الإسكندرية، إن القضاة قرروا تعليق العمل لحين انتهاء الأزمة التى أثارها ذلك الإعلان الدستورى، الذى وصفه بالمنعدم، وأشار إلى أن القضاة لن يرضوا بأقل من إلغاء هذا الإعلان لما سيتسبب فيه من إهدار للسلطة القضائية، والقضاء على مبدأ الفصل بين السلطات.

∎  دون سند

أما المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق فقال: قرارات الرئيس محمد مرسى الأخيرة المتمثلة فى الإعلان الدستورى؛ وما ورد فيه من تحصين مجلس الشورى والجمعية التأسيسية للدستور من الطعن عليهما أمام المحاكم، ليس له أى سند فى الدستور المؤقت ولا فى أى من دساتير الدول المتقدمة؛ مؤكدا أن هذه القرارات تخالف الأعراف والقوانين الدولية التى وقعت عليها مصر؛ المتعلقة باحترام السلطة القضائية والعمل على استقلالها، كما أشار إلى أن قرارات الرئيس تخالف نص المادة 02 من الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011.

ومن جانبه قال الدكتور إبراهيم درويش الفقيه الدستورى أن الإعلان الدستورى لا يملك إصداره إلا سلطة مؤسسية، تأتى من جمعية تأسيسية منتخبة من الشعب المصرى مباشرة، أو إن يكون هناك ثورة أو انقلاب ينتج عنه الشرعية الثورية، وهذه هى الحالات التى  تملك حق إصدار إعلان دستورى وأضاف إن هذه الحالات قد حدثت فى مصر مرتين، الأولى هى مجلس قيادة الثورة بعد ثورة 32 يوليو 2591  والثانية فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى أعقاب ثورة 52 يناير، أما الرئيس الآن لا تتوافر فيه هذه الشروط فلا يحق له إصدار أى إعلانات دستورية جديدة على الإطلاق.

وأكد الفقيه الدستورى أن إصدار الرئيس الحالى للإعلان الدستورى  جريمة فى حق الوطن، وقال الرئيس يجب أن يعمل وفقاً للإعلان الدستورى الذى انتخب على أساسه وحدد مهامه.

∎  ورطة للرئيس

وقال الدكتور جابر جاد نصار وكيل كلية الحقوق جامعة القاهرة وأستاذ القانون الدستورى إن الإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس يخالف لكل الأسس الديمقراطية والدستورية، ولم يحدث فى التاريخ البشرى إصدار إعلان دستورى بهذا الشكل، من تحصين لقرارات الرئيس السابقة واللاحقة؛ وأضاف إن كل قرارات الرئيس الأخيرة تخالف كل الوعود التى قطعها على نفسه باحترام القانون والدستور والإعلان الدستورى الأخير؛ وقال إن الإعلان الدستورى الجديد ورطة حقيقية للرئيس والدولة المصرية.

أما المستشار حسنى السلامونى رئيس محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية فقد وصف قرارات الرئيس محمد مرسى الأخيرة بالكارثة الطبيعية؛ وقال إن الإعلان الدستورى الذى صدر فى ( 22 نوفمبر) لا يرقى  فى  بعض أجزائه أدنى راتب العمل القانونى لمخالفته الصارخة لكل المبادئ القانونية والدستورية التى يعرفها العالم الحديث، وأضاف إن هذه القرارات تخالف جميع مبادئ ومعاهدات حقوق الإنسان التى وقعت عليها مصر، والتى تضمن لكل إنسان فى الدول الحديثة أن يلجأ إلى القضاء للطعن على أى عمل أو تصرف يراه مجحفا بحقوقه، وقال المستشار السلامونى من المواد التى لا أوافق عليها فى الإعلان الدستورى المادة التى تعطى الرئيس الحق فى اتخاذ أى إجراء إذا قدر هو أن هناك ما يهدد مصلحة الوطن، مؤكدا أن هذه المادة موجودة فى كل دساتير العالم، ولكنه أضاف أن كل دساتير العالم تعطى لكل مواطن الحق فى الطعن على ما يتخذه الرئيس من إجراءات،.