الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الجامعة فى مظهرٍ وجوهرٍ جديدين

الجامعة فى مظهرٍ وجوهرٍ جديدين
الجامعة فى مظهرٍ وجوهرٍ جديدين


حين نلتقى بكلمة الجامعة، ربما لا نحتاج لتفكير لندرك فورًا أنها جامعة القاهرة.. فهى الجامعة المصرية، والجامعة الأم، وهى الشاهد على تاريخ التعليم فى هذا البلد.. هى اختصار للمعنى فى أذهان مصرية !

الأول من أغسطس، صباح صيفى مشمس، يبدو كيوم لا يميزه عن غيره من الأيام شىء، بينما ينبئ فى بساطة عن جديد.. براّق.. يسطع فى الأفق.
أتوجهُ لجامعة القاهرة صباحًا، راغبة فى لقائه على غير موعد.. هكذا، آملة فقط!
عيد ميلاد سعيد!
١ أغسطس، ربما محض مصادفة أتت بى اليوم، وجعلت من هذا الصباح صدى لنظيره بالعام الماضى «١ أغسطس ٢٠١٧»، اليوم الذى أستقبل رئيسًا جديدًا للجامعة.. محمد عثمان الخشت، أستاذ فلسفة الأديان والمذاهب الحديثة والمعاصرة بكلية الآداب جامعة القاهرة. مفكر رائد وأحد أهم مؤسسى تخصص فلسفة الدين فى الفكر العربى المعاصر، لديه مشروعه الفكرى الخاص، الذى قدمه لتجديد الفكر الدينى،  يدعو لتطوير علوم الدين، وصياغة خطاب دينى جديد بدلًا من تجديد القديم،   وهو صاحب نظرية جديدة فى تطور الأديان، أنجز فى عمله الأكاديمى بحصوله على أول درجة دكتوراه فى تخصصه وغيرها الكثير من الإنجازات المعرفية .
أنجز الخشت فى عمله الإدارى وقدم بكل منصب تقلده قيمًا مضافة، فحينما كان نائبًا لرئيس الجامعة أطلق مشروعًا للترجمة أعاد إنتاج الصورة الذهنية للجامعة  وفاز بالجائزة العلمية للترجمة عام ٢٠١٣.. أحاول التماس خطواته الأولى كرئيس للجامعة فى مثل هذا اليوم.
الجامعة فى حُلّتها الجديدة..
وها هى الجامعة فى أول أيام عامه الثانى. تضيء بحُلتها الجديدة، باعثة أملًا ممتدًا على المدى المفتوح، ومع أولى خطواتى تحت سماء القبة التى طالما ارتفعت أنظارنا لتلتقى بها  تعانق سماء وشمس القاهرة، تستقبلنى تفاصيل المكان الفخمة، كما ما زالت أجواء الاستقبال الرئاسى حاضرة فى كل شيء.. لعله الصباح الذى تتحقق به الأحلام، كم من الحظ يكمن هنا هذه الأيام!
مؤتمر الشباب فى الجامعة
رجلٌ يمنح ابتسامته للجميع، ذو هيئة بشوشة تشى ببساطة، وتجعل من معرفته الحقيقية أمرًا صعبًا .. د. الخشت ..
«وجهتُ أكثر من دعوة لفخامة الرئيس لزيارة الجامعة، وطلبنا أيضًا إقامة مؤتمر الشباب بالجامعة، واستجيب لهذا الطلب. وخلال أهم مؤتمر للشباب كان محوره الرئيسى هذه الدورة «بناء الإنسان» مما يتضافر مع المشروع الذى أطلقناه مع بدء الإجازة الصيفية لهذا العام «مشروع تطوير العقل المصرى».
واستثمرت الجامعة فرصة انعقاد المؤتمر بها لإنجاز عملية تطوير شاملة كافة منشآتها الأثرية الفريدة، والتى بدأت منذ فترة وكانت لتأخذ ربما فترات، ولكن فى ظل زيارة الرئيس كانت فرصة للإسراع من إتمام عملية التطوير تلك والتى احتاجتها الجامعة من عشرات السنين. تمت على أعلى مستوى من الدقة ووفق المقاييس الأثرية. ليتغير مظهرها الحضارى بما يلائم بداية جديدة لعهد علمى جديد.
جاء المؤتمر بأكبر مشاركة طلابية وليس فقط شبابية، أكثر من ٣ آلاف طالب وطالبة، استضافتهم الجامعة ونظمت إقامتهم من كل الجامعات والمحافظات. ومر المؤتمر من حيث التنظيم ومحتوى المحاضرات على أعلى مستوى».
مشروع صياغة جديدة للفكر
يحمل صيف الجامعة هذا العام لطلابها فكرة جديدة. تؤسس لبناء الشخصية المصرية بناءً يليق ويتسق مع ما تصبو إليه مصر من أحلام وتطلعات نحو المستقبل. فى إطار مشروع فكرى لتطوير العقل.
كيف يطور العقل؟
أطلق رئيس الجامعة هذا العام معسكرًا تنظمه الجامعة لإعداد قادة المستقبل، بمشاركة أكثر من٦٠٠ من الطلاب. بدأ فى الثامن من يوليو ويستمر حتى منتصف أغسطس الجارى.
محاور هذا التطوير كما أطلقها د. الخشت فى محاضرته الافتتاحية للمعسكر ..
استراتيجية بناء العقل باعتباره السبيل الأمثل لبناء المستقبل.
دور مؤسسات الدولة فى تطوير العقل المصرى فى ظل المتغيرات والتحديات الحالية.
يقوم ذلك التغيير والتطور على ضرورة تنمية قدرات الطلاب على التفكير النقدى، وفتح الباب أمام مشاركاتهم فى تطوير قدراتهم نحو التفكير بأسلوب علمى .. ومن ثم المشاركة فى بناء المجتمع .. «كما جاء بين كلمات الرئيس عبدالفتاح السيسى أن بناء الإنسان المصرى مسئولية مجتمعية وليست حكومية».
ويؤكد أن التغيير الحقيقى يجب أن يبدأ بتغيير طريقة التفكير للدخول فى عصر جديد. وذلك بالانطلاق من الإجابة بشكل صحيح عن سؤال: من أين نبدأ وإلى أين؟
يهدف المشروع فى النهاية إلى أن تتحول مصر من عبقرية المكان إلى عبقرية الإنسان. بتغيير طريقة التفكير على أساس من الجدية والعمق واحترام القانون ومنظومة القيم. فهى الطريق والطريقة الوحيدة لتجديد أو بالأحرى صياغة خطاب دينى وثقافى واجتماعى وسياسى جديد، سعيًا للتنمية، فأوروبا لم تخرج من عصورها الوسطى المظلمة إلى عصرها التنويرى الحديث إلا بتغييرها طريقتها فى التفكير.
وبعدما تحقق حلم الجامعة فى تطوير وتجديد أبنيتها .. نتأمل نجاحها فى تحقيق أهداف مشروعها الفكرى الجديد.
أغادر مكتبه مندهشة لمغامرة صباحية أتت ثمارها، وأستعيد بذاكرتى شكل مكتب رئيس الجمهورية الذى كان لايزال على حاله بعد انقضاء المؤتمر بيومين، تُرى ماذا يخبئُ لنا الحلم بعد.؟! ويرتفع صوت فيروز «يمكن أنا عم أحلم» منبعثًا لرنين تليفون أحدهم، هناك آخر الممر!