السبت 7 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الموهبة تفتح أبواب لامتحان دائم..!

الموهبة تفتح أبواب لامتحان دائم..!
الموهبة تفتح أبواب لامتحان دائم..!


يقول سارتر: «العبقرية ليست موهبة، إنما هى الطريق التى يبتدعها المرء فى حالات اليأس».. ربما تأتى هذه العبارة لتهون على الجميع فى حالات الخسارة أو الشعور بعدم التقدير الكافى.. الأيام الماضية دار جدل كبير على صفحات ومواقع التواصل الاجتماعى،  بين أولياء أمور وطلبة متقدمين لامتحانات القدرات فى كلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان، بل وامتد ليشمل آراء ـ لبعض الأكاديميين ـ، حادة حول تغيير طبيعة الامتحانات ونسب النجاح.

وقيل إن هناك أسئلة توقع بالموهوبين «الأسئلة النظرية أو المعلومات العامة»، ولجأ أغلب المتقدمين للامتحان - إن لم يكن الجميع - لنشر صور للوحاتهم على صفحاتهم للدفاع أو الجاهزية باتخاذ موقف معين من تقييم الكلية لهم، وكأنهم يثبتون جدارتهم للتأهل جميعًا.
وإن كان الأمر بهذه الكيفية، لما احتاج فنان أن يقنع الجميع بمدى موهبته، أو أنه لن يعوّل كليّا على دراسة الفن، فكونه موهوبًا يمنحه كفاية للتأهل لممارسة موهبته طيلة حياته، ولسنا بحاجة هنا لذكر وتعداد أعمدة الفن تاريخيّا وحول العالم، بدون أن يدرسوه فى أكاديميات متخصصة، ولا أولئك الذين عاشوا وماتوا، ولم ينالوا إعجاب الجمهور، ولم يعترف بموهبتهم وفرادتهم أحد، فلم يثنهم عن طريقهم كل هذا.
موهبة غير اللائقين
وهنا يقول د. ياسر منجى،  أستاذ بقسم الجرافيك بالكلية: «المجلس الأعلى للجامعات أعلن تفاصيل الامتحان، وتوزيع الدرجات قبيل الامتحان، ولكن المتقدمين استمروا فى استعدادهم للامتحان القديم المعتاد عليه».
أما عن «البوستات» أو الصور والتعليقات وما يشاركه الطلاب وأولياء الأمور والمتفاعلون معهم على صفحات التواصل الاجتماعى حول مهارة وموهبة غير اللائقين بعد الامتحان، فالملاحظ أن بها قاسمًا مشتركًا واضحًا، وهو كونها نقلاً للواقع فى وجود وقت وأريحية كافية لإجادة تفاصيل النقل، غير أن الامتحان يعول بصفة أساسية على التعبير أو الخيال والتصور والتصميم كذلك وهذا هو بيت القصيد.  
ويؤكد د. «منجى»: إن نظام الأسئلة لا يسمح بالتجاوز والجور على حق الموهوبين فنيًا، وإخضاعهم لامتحانات صعبة فى المعلومات العامة، وهناك بنك للمعلومات يحتوى على جميع مجالات المعارف التى تأتى من بينها الأسئلة النظرية، ومتاحة مجانًا للطلاب قبل الامتحان على موقع المجلس الأعلى للجامعات.  
ومع هذا يلتمس د. «منجى» بشكل شخصى الأعذار للآباء والطلاب الذين حلموا بالوصول لشيء معين فيرون فى ذلك خسارته، «بعض الزملاء من أعضاء هيئة التدريس لا يعرفون حقيقة التفاصيل تلك، كون المشاركة فى تنظيم وتصحيح امتحانات القدرات اختيارية».
طريقة الامتحان تغيرت
وكورسات التدريب قديمة
فى خِضّم المغالطات والشكوكية وتبادل الاتهامات، تأتى كلمات المسئول الأول والأخير د. سيد قنديل، القائم بأعمال عميد الكلية، ورئيس عام الامتحان، فى هدوء واثق، مصحوبة بابتسامة ونظرات متعقلة بعيدة المدى: «ما المشكلة؟ وأصلها؟.. ربما ضبط المعايير وتوحيدها إمعانًا فى الشفافية، وربما تكون «الكورسات» جانبًا من المشكلة، والتغيير عادة يواجه فى بداية الأمر بالرفض ويستقبله الناس قلقين.
تشكلت فى العام الماضى لجان لقطاع الفنون التشكيلية فى مصر والكليات الفنية التى تعتمد فى قبولها للطلاب على امتحانات قدرات فى المقام الأول، ووافقت على قرار المجلس الأعلى للجامعات بتطوير نماذج الامتحانات، من حيث نوعية الأسئلة وما تقيسه من قدرات حقيقية ونسبة توزيع الدرجات، واتفق الجميع على أن توحيد المعيار الذى تحتكم له كل الكليات الفنية هو خطوة أولى نحو الشفافية والتطور.
«بداية من وضع أسئلة بنسبة 30 % لا يتدخل فيها المصحح، وتحمل ثقافة الطالب المتقدم، وكل تفاصيل المعايير الجديدة، موضحة على موقع المجلس الأعلى للجامعات، والمعلومات كذلك،. إذًا هناك معلومات موحدة ومعايير تقييم موحدة، بالإضافة لمصححين فى كل تخصص، بنسبة نجاح 70 % وهى نسبة معقولة لتحديد مستوى الموهوبين».
يتابع د. قنديل: لدينا فى كل عام نحو 120 ألف طالب يتقدمون لامتحانات القدرات بمختلف كليات القدرات الفنية، سواء رياضية أو موسيقية أو تمثيلية وغيرها، بعضهم بحثًا عن حلم حقيقى وشغف حقيقى،  والكثير منهم يبحث عن فرصة احتياطية فى حال خذله التنسيق، إذًا كيف نختار؟ وعلى أى أساس يكون الحكم عادلاً؟
«الفن عامة شىء نسبى حيال الحكم عليه أو تناوله بالنقد، والموهبة ليست بالشىء المكتسب، لذا كان ينبغى على المتقدمين عدم الاندماج فى الكورسات والتدريبات التى تدرب على مهارة النقل فقط، ولا تعمل على تنمية مهارات الخيال والتذكر والتعبير الحر وممارسة الإبداع الخاص».
هذا العام تقدم نحو 5 آلاف تقريبًا لامتحانات كلية فنون جميلة بالزمالك، لقبول 700 طالب فقط «إذًا سيظل هناك غير  راضين عن النتيجة مهما كانت ظروف، الامتحان يقيس قدرات حقيقية لفنان وليس لحرفى،  ويصمم الامتحان بتفاصيل تكتشف مواهب وقدرات خاصة فى الموهوبين، على أساس احتياجاتها وفق أقسامها الداخلية وتخصصات الفنون بها».
يتوقع د. «قنديل» أن العام القادم سيكون أفضل بكثير بالنسبة لقبول فكرة تغيير الامتحان وطبيعته، «كان هذا العام خطوة أولى للأمام حتى وإن بدا عكس ذلك». •