الخميس 13 نوفمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

بركة هروب العائلة المقدسة.. إلى مصر

بركة هروب العائلة المقدسة.. إلى مصر
بركة هروب العائلة المقدسة.. إلى مصر


كتبت: ابتسام كامل
«قم خذ الصبى واهرب إلى مصر... وكُن هناك حتى أقول لك لأن هيرودس مزمع أن يطلب الصبى ليهلكه، فقام يوسف وأخذ الصبى وأمه ليلًا وانصرف إلى مصر- متى 2:13».. كانت تلك الرؤيا التى جاءت على لسان ملاك الرب فى حلم ليوسف النجار بأن يأخذ الطفل يسوع وأمه مريم، يدعوه إلى الهروب للتخلص من بطش هيرودس الملك المزمع أن يقتل الطفل خوفًا أن تتحقق النبوءات التى ذُكِرت عنه باعتباره ملك اليهود القادم، وخاصة بعدما سخر المجوس من هيرودس، ولم يفُ بوعد عودتهم إليه بعد تقديم هداياهم وسجودهم لهذا الملك الذى ولد، وجاءوا هم من بلاد فارس يقدمون إليه هداياهم ذهبًا ولبانًا ومرًا.

فقام يوسف وأخذ الصبى وأمه ليلًا وانصرف إلى مصر، وهكذا بدأت الرحلة المقدسة، واستمرت لمدة 3 سنوات و11 شهرًا – كما جاء بإحدى البرديات التى أوردتها جامعة كولون الألمانية - ويتم الاحتفال بها منذ ما يزيد على 2000 عام مع بداية كل يونيو/24 بشنس من كل عام، حيث تشير المصادر إلى أن العائلة المقدسة لم تسلك طرقًا معروفة وقتها للانتقال من فلسطين إلى مصر، بل اضطرت فى رحلة الهروب لأن تسلك 5 طرق مختلفة مرورًا بما يقارب من 40 موقعًا جغرافيًا بداية من طريق رفح - العريش - الفرما، ثم الدلتا وشرق الدلتا، تلاها وادى النطرون، ثم منطقة القاهرة الكبرى، وأخيرًا منطقة الصعيد، كما جاء بكتاب رحلة العائلة المقدسة للدكتور إسحق إبراهيم، الأمين العام ورئيس قسم التاريخ بمعهد الدراسات القبطية.
سر بركة مصر
ورغم رسوخ العديد من القصص والمعجزات المرتبطة برحلة العائلة المقدسة فى مصر،  والتى تحولت مع الوقت إلى تراث نتوارثه جيلًا بعد جيل، كانت زيارة البابا فرنسيس بابا الڤاتيكان عام 2017 إلى مصر ومباركة إطلاق مسار تلك الرحلة، هى المدخل لدعوة العالم لزيارة مصر، والتبرك بآثارها الحية التى لا تزال لوقتنا هذا تشهد بمرور العائلة المقدسة بهذه الأرض التى لم يختر الرب غيرها لحماية يسوع الطفل وأسرته، حتى يقال إن الخير الذى ينبض بهذه الأرض رغم مرورها بمئات بل وألوف الأزمات يعود لسر نوالها بركة زيارة السيد المسيح وأسرته التى صاحبت العديد من المعجزات التى يصعب حصرها.. تحقيقًا لنبوءة أشعياء النبى التى تقول «مبارك شعبى مصر (أشعياء 19-25).
 وبين اختلافات بعض الطوائف على أماكن الرحلة ومواقعها، وبين تشكيكات وتأكيدات البعض بوقوعها على أرضنا من الأساس.. وهل هى خرافة أو حقيقة؟ لا يتبقى لنا إلا أن نصدق الأدلة التى تكشف لنا حقيقة وقوع الحدث كحقيقة أثرية تتنوع دلائلها وعلاماتها بين آبار المياه التى انفجرت لسد عطش المسيح الطفل، ولا تزال باقية ومتدفقة ليومنا هذا، كالبئر المتواجدة بحى المطرية.. وكيف قامت السيدة العذراء أيضًا بغسل ملابسه فيها، ثم صبت الماء على الأرض فنبت نبات البلسم ذو الرائحة العطرية – كما ذكر بعض المؤرخين العرب، أمثال «بالهورى - 1214م»، و«ياقوت الحموى-1228م»!
 معجزات على الطريق
بل ويذكر الواقدى المؤرخ الإسلامى كيف كان الناس يستشفون من مياه بئر بأحد المعابد بالبهنسا بالقرب من دير الجرنوس، بعدما عطش المسيح الطفل وكانت مياه البئر جافة، فوضعت العذراء يد ابنها على حافته فامتلأ المياه!
والأشجار التى تظللت بأوراقها العائلة المقدسة، وأهمها شجرة مريم بالمطرية التى يقال إنها انحنت بالشكل المتعارف عليه ليومنا هذا.. حماية للعائلة من حر الشمس، وشجرة العابد  بالقرب من جبل الطير بالمنيا.. والتى يقال إنها سجدت للمسيح الطفل عند مروره بها!
وبعض المغارات التى اتخذتها العائلة المقدسة كملاذ، وتوجد بعضها فى دير المحرق، وأبى سرجة، ومسطرد، وجبل الطير بالمنيا.
بل من المعروف أن أرض مصر شهدت أكبر حملة ضد عبادة الأوثان فى تلك الأثناء، فمع وصول العائلة لبابليون - مصر القديمة ومدينة منف (ميت رهينة حاليًا) وتل بسطا، ومدينة الأشمونيين، تذكر العديد من سير القديسين  المعروفة بالميامر أن العائلة لم تتمكن من البقاء طويلًا فى تلك المناطق لما يتردد حول وقوع الأوثان الفرعونية كلما مر بها الطفل يسوع، مما كان يغضب الحكام والسكان، فيقررون طرد العائلة أو قتل أفرادها! ومع وصول العائلة لجبل قسقام حيث موقع دير المحرق بأسيوط، وغيرها من الدلائل المرتبطة بطرد الشياطين ونفى السحرة والتعامل مع عناصر الطبيعة.. والعديد من القصص التى سجلها التاريخ القبطى والإسلامى لأمثال هذه المعجزات.
وحاليًا، وفى إطار رعاية الدولة لهذه الاحتفالية الكبيرة متمثلة فى تشكيل العديد من اللجان الوزارية التابعة لوزارة السياحة من خلال اللجان التخصصية والعلمية للتعاون مع اليونيسكو (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة) للاعتراف بها ضمن مواقع التراث الإنسانى العالمى، وتجميع المؤلفات والكتب والمقالات التى توثق تاريخ الرحلة والمواقع التى مرت بها، وعقد دورات تثقيف وإعداد لتأهيل المرشدين السياحيين على تفاصيلها.
ومن جانب الكنيسة، يتم إعداد الأيقونات والأعمال الفنية، والبرامج اللازمة، والمشاركة فى أعمال اللجان وورش العمل، والزيارات الميدانية والمعاينات، حيث يؤكد قداسة البابا تواضروس بابا الكنيسة الأرثوذكسية أن هذه الرحلة كانت سبب بركة لبلادنا مصر فى الماضى، وستظل بركة فى الحاضر والمستقبل، أيضًا، خاصة أن الكثير من المصريين يشعرون ببركة وجود العائلة المقدسة معهم فى كل يوم، لأن بعضهم يسكن فى المناطق أو البلاد التى مرت بها رحلة العائلة المقدسة!
يؤكد دكتور إسحق إبراهيم مؤلف الكتاب الموسوعى «رحلة العائلة المقدسة» أن هناك لجنة تعمل بشكل متواصل على الملف الذى ستقدمه مصر لليونيسكو للاعتراف بمواقع مسار الرحلة المقدسة ضمن قائمة التراث الإنسانى العالمى سواء المادى وغير المادى بما يتضمنه من توثيق للاحتفالات والعادات والتقاليد، والمهن والحرف التى ارتبطت بالرحلة فى كل موقع..كتراث شعبى حى. وتضم هذه اللجنة خبراء من وزارة الآثار، ووزارة الثقافة، والسياحة، والكنيسة.. مع الوعى بقيمة هذه الخطوة لما ستقدمه من خير يعود على المستوى الثقافى لمصر، ويدرجها ضمن الدول ذات التأثير الثقافى، بالإضافة لدعم حركة السياحة ولفت أنظار العالم لمصر وكنوزها الدينية والأثرية.


أهم الأماكن التى نالت بركة مرور العائلة المقدسة بها فى مصر

• كنيسة القديس سرجيوس بها الكهف (المغارة) بمصر القديمة.
•  كنيسة العذراء الشهيرة بالمعلقة.
• كنيسة مارجرجس - بقصر الشمع.
• كنيسة العذراء الشهيرة باسم قصرية الريحان.
• دير مارجرجس للراهبات.
• حصن بابليون والمتحف القبطى وكنيسة مارجرجس للروم الأرثوذكس.
• كنيسة مارجرجس للروم الأرثوذكس.
• كنيسة ودير مرقوريوس - أبى سيفين للراهبات.
• كنيسة السيدة العذراء المعروفة بالدمشيرية.
• كنيسة السيدة العذراء - بابليون الدرج..
• كنيسة الأمير تادرس المشرقى.
• كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل التى تعرف بدير الملاك القبلى.
• كنيسة مارمينا بزهراء مصر القديمة.
• كنيسة العذراء مريم - المعادى.
• السلم الحجرى الأثرى بكنيسة العذراء – المعادى.