الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

مصر المركز الدولى للطاقة 1

مصر المركز الدولى للطاقة 1
مصر المركز الدولى للطاقة 1


يفاجئنا دائمًا قدوم الجمعة بعد الخميس، والشتاء بعد الخريف، كل الأمور مقدرة، لكننا نتغافل عن حساباتها.. منذ أن بدأت الفترة الرئاسية الثانية للرئيس السيسى يونيو 2018، وعينى على نهايتها، لأن حقبة ما بعد التغير السياسى الذى تم فى 30 يونيو 2013 ستكون مستهدفة بالتقييم والمقارنات، سقط الإخوان، ولكن أبواق دعايتهم لاتزال قائمة، سواء صريحة تحمل شعاراتهم كتلك التى يتم بثها من تركيا وبريطانيا، أو التى تنطلق من عواصم تحتضنهم كتنظيم وفكر ومصالح مثل قطر وإعلامها الدولى، ناهيك عن العناصر المندسة داخل أجهزة إعلامنا، الرسمى والخاص، وتلك الأخطر والأشد ضررًا.. الأوضاع الاقتصادية، وتأثيرها على المواطن، ستظل موضع الاهتمام الأول لكل هؤلاء، لذلك، وبصورة مبكرة، دعونا نستشرف الرؤية لوضع مصر الاقتصادى، وثقلها الدولى فى 2022، لعل فيها ما ينير الطريق، فالاقتصاد قاطرة السياسة.. ولنبدأ بأوضاع النفط والغاز.

حقل ظهر 
حقل ظهر تم إنجازه فى 28 شهرا، باحتياطيات 30 تريليون قدم3، اكتشفته شركة «إينى» الإيطالية، التى تمتلك 50 % من حصة الامتياز، فيما تمتلك شركة «روسنفت» 30 % وشركة «بى بى» البريطانية 10 %، ومبادلة الإماراتية 10 %، بدأ إنتاجه التجريبى منتصف ديسمبر 2017، بطاقة إنتاجية 350 مليون قدم3 يوميا من الغاز، قبل افتتاحه رسميا نهاية يناير 2018.. تنمية إنتاج المرحلة الأولى وحدها رفع معدلات الإنتاج المحلى من الغاز الطبيعى لحوالى 6 مليارات قدم3 يوميا، ووفر لمصر 60 مليون دولار شهريًا، تمثل قيمة الغاز المسال المستورد الذى تم الاستغناء عنه.. الحاجة للاستيراد تنتهى أغسطس 2018، بوصول الإنتاج إلى 1.750 مليار قدم3 يوميًا.. مصر تحصل على 65 % من إنتاج الحقل، بعد استقطاع 40 % من إجمالى الإنتاج لشركة إينى، مقابل تكاليفها الاستثمارية، التى تصل لـ14 مليار دولار، حتى تستردها بالكامل، ويحق لمصر بمقتضى التعاقد شراء غاز الشركة الإيطالية بسعر 3 دولار للمليون وحدة حرارية بدلا من 6 دولارات.. وصول الإنتاج إلى حده الأقصى 2.7 مليار قدم3 يوميًا فى 2019 يوفر لمصر 5 مليارات دولار سنويًا، وإنتاج ظهر وشمال الإسكندرية ونورس وآتول، يضاعف إنتاج مصر بنسبة 100 % عام 2020.
حقل نور
اللغط المتعلق باكتشاف حقل «نور» الجديد، لاينفى صحة الكشف، لأن الذى أعلن عنه «يونيو 2018» هو المتحدث الرسمى باسم وزارة البترول، وذلك بعد موافقة الحكومة على الاتفاق الخاص بببدء عمليات البحث والاستكشاف بالحقل، الذى يقع بالمياه الضحلة فى البحر المتوسط، منطقة امتياز إينى شمال سيناء، ووزير البترول بحث خطة الحفر المستهدفة مع الرئيس التنفيذى للشركة.. لكن الأمر يتعلق بتسرع وزارة البترول فى الإعلان، دون استكمال التنسيق الإستراتيجى الواجب، خاصة  وأن الاتفاقية الخاصة بالحقل لم تعرض على مجلس النواب لاعتمادها، ولم يصدر القانون الخاص بها، ناهيك عن أن ضخامة احتياطياته «90 تريليون قدم3»، أى ثلاثة أضعاف احتياطى ظهر، تجعله أكبر حقل غاز طبيعى فى العالم، مما يفسر انزعاج إسرائيل الشديد، وخسائر شركات الغاز الإسرائيلية فى البورصة، والأخطر احتمال أن يؤدى ذلك الكشف إلى هبوط فى أسعار الغاز العالمية، يخسر من جرائه الجميع.. أقصى استهلاك للغاز فى مصر لا يتجاوز 6.2 مليار قدم3، وإنتاجنا الحالى يكاد يغطيه بالفعل، تطوير حقل ظهر وباقى الحقول المصرية يرتفع بالحد الأقصى للإنتاج إلى قرابة 10 مليارات قدم3 يوميا 2019، مما يحقق فائضًا ضخمًا، يتم تحويله للصناعات التحويلية والبتروكيماويات، أو يتم تصديره لأوروبا، ليدفع مصر لصدارة دول العالم فى إنتاج واحتياطات الغاز.. أبواب الخير والرخاء تتفتح على مصراعيها.
تصدير الغاز لأوروبا
مصر وقعت اتفاقًا مبدئيًا مع قبرص واليونان وإيطاليا لإنشاء خط أنابيب بحرية للغاز الطبيعى برعاية الاتحاد الأوروبى، لربط إنتاج حقول الغاز المصرية، والحقول القبرصية التى اكتشفتها نوبل إنيرجى الأمريكية «أفروديت وسايبرس1»، بالشبكة القومية للغاز، إما لاستهلاكه محليا، أو إسالته بمصانع دمياط وإدكو، وإعادة تصديره إلى أوروبا، عن طريق إيطاليا، عبر الامتداد البحرى للخط  من   قبرص  واليونان، ويستغرق تمديده عامين، بتكلفة مليار دولار. شركتا نوبل انيرجى وديليك وقعتا اتفاقًا لتصدير الغاز الإسرائيلى من حقلى تمار وليفياثان إلى شركة دلفينوس المصرية القابضة بحجم إجمالى 64 مليار متر3، بقيمة 15 مليار دولار، لمدة عشر سنوات، الشركتان تتفاوضان مع المساهمين فى شركة «غاز شرق المتوسط» لشراء حصصهم فى الشركة، حتى تمتلكا الحصة التى تسمح بتعديل خط أنابيب العريش/عسقلان الذى كانت تستخدمه مصر لتصدير غازها لإسرائيل قبل يناير 2011، بسعة إجمالية 15 مليار متر3 فى العام، ليستخدم عكسيا لتصدير الغاز الإسرائيلى لمصر، عمليات الضخ تبدأ أواخر العام الجارى، السعر الذى تتم به عملية الاستيراد منخفض للغاية، لتتم إسالته وتصديره لأوروبا بسعر يسمح بهامش ربح جيد، أو يتم تشغيله فى الصناعات البتروكيماوية بقيمة مضافة مرتفعة.
مصانع الإسالة والبتروكيماويات
مصر الدولة الوحيدة بشرق المتوسط التى تمتلك مصانع للإسالة، الشركة المصرية «إيجاس»   والهيئة العامة للبترول يمتلكان 24 % من مصنع إدكو، الذى يضم وحدتين للإسالة، شل البريطانية «بريتش جاز» 35.5 %، بتروناس الماليزية 35.5 %، إنجى الفرنسية «جاز دى فرانس» 5 %.. أما مصنع دمياط ويضم وحدة واحدة، فتمتلك الشركة المصرية «إيجاس» والهيئة العامة للبترول 20 %، أما باقى الأسهم فتمتلكها شركتا يونيون فينوسا الإسبانية وإينى الإيطالية.. مصر وقعت عقدًا لإنشاء أكبر مجمع للبتروكيماويات بالشرق الأوسط باستثمارات 10.9 مليار دولار، فى المنطقة الاقتصادية للقناة بالعين السخنة.. المشروع يضم 11 مصنعًا، ومركز تدريب، ينتهى أواخر 2021، ويحقق صادرات بـ2 مليار دولار سنويًا.
الربط مع المشرق العربى
مصر مدت خط أنابيب للغاز من العريش إلى شاطئ خليج العقبة جنوب طابا، ومنه بخط بحرى طوله 16 كم حتى ميناء العقبة الأردنى 2003، تم مدته بطول 390 كم لمدينة الرحاب الأردنية على بعد 24 كيلومترًا من الحدود السورية 2005، ومنها إلى دير على فى سوريا، ثم غربًا لبانياس السورية وطرابلس اللبنانية 2009، الخط جاهز لعمليات صيانة وإحلال تسمح بضخ 1.1 مليار متر3، إلى المشرق العربى «الأردن، سوريا، ولبنان».
مصر تتحول إلى مركز دولى للنفط والغاز؛ باتفاق القاهرة وبغداد «فبراير 2017» على مد خطوط أنابيب للنفط والغاز من حقول البصرة عبر الأردن للتصدير لأوروبا، وتنشيط دول الخليج والجزيرة العربية لصادراتها البترولية لأوروبا عبر خط سوميد، من السخنة على خليج السويس إلى سيدى كرير على ساحل المتوسط بالإسكندرية، ناهيك عن دور قناة السويس كممر لناقلات النفط، بالإضافة إلى الموانئ البحرية وتسهيلات التخزين، بخلاف الطاقات التكريرية الهائلة التى يتم تحديثها وزيادتها، وشبكات خطوط الأنابيب لنقل الغاز فى جميع أنحاء البلاد والتى يتم تطويرها وتوسعتها بصورة منتظمة.. قطر، المركز الرئيسى الذى تنطلق منه أنشطة المخابرات الأمريكية بالمنطقة، دفعت بكل ثقلها لدعم الإخوان، وإسقاط الدولة المصرية، حتى لاتواجه يوماً كالذى تعيشه، حيث تواجه حصارًا خانقًا من جيرانها، وترى مصر تستعد للوفاء باحتياجاتهم من الغاز الطبيعى، كبديل للغاز القطرى.
ترسيم الحدود
تنفيذ مشاريع التعاون الإقليمى لتحويل مصر إلى مركز إقليمى للغاز، وتثبيت التهديدات التركية نهائيًا، يفرض ترسيم الحدود البحرية مع دول الجوار البحرى، الحدود مع قبرص تم ترسيمها بالفعل، ترسيم الحدود مع اليونان بدأ الإعداد للتفاوض بشأنه، بالرغم من عدم بدئها ترسيم حدودها البحرية مع تركيا، والمستهدف الوصول إلى اتفاق ترسيم نهائى بين مصر واليونان قبل الانتخابات التشريعية المتوقعة باليونان 2019، وكذلك هناك توافق مبدئى على فتح باب التفاوض حول ترسيم الحدود البحرية بين مصر وإسرائيل وقطاع غزة، إذا ما تحسنت الظروف السياسية الراهنة، على النحو الذى يسمح بذلك. استكمال البنية الأساسية وشبكات توزيع الغاز والنفط 2020، والوصول للطاقة الإنتاجية القصوى بمصانع الإسالة والبتروكيماويات، وتصدير الفائض الضخم لأوروبا.. عمليات تشكل إضافات هائلة للاقتصاد القومى، وتحقق عائدات ضخمة، من رسوم التصدير والجمارك، والضرائب المستحقة على عمليات الشحن للخارج.
السلام الذى تفتقده دول المنطقة فى علاقاتها منذ عشرات السنين، تحققه مشروعات التعاون، والمصالح المشتركة، وتذبذب العلاقات مع أمريكا ينهيه ارتباط مصالح الشركات الأمريكية العملاقة، باستقرار عمليات ضخ الغاز والإسالة والتصدير، وبالتالى اهتمام الاستراتيجية الدولية لأمريكا، بالاستقرار فى مصر.. لذلك لا موضع لاندهاش البعض مما نشرته الإيكونوميست البريطانية عن ارتفاع قيمة الجنيه المصرى 2019 بنسبة 26 %، وتحوله إلى واحد من أقوى 12 عملة تنافس الدولار.. حقائق الاقتصاد نتاج رؤية صائبة، وتخطيط علمى، وإدارة ناجحة، ومصر بقيادتها لم تُقَصِر منذ 2014 فى أيٍ من تلك المحاور، مما يطمئننا إلى مستقبل أبنائنا وأحفادنا.. فكيف نواصل ونستكمل تلك المسيرة الناجحة؟. •