الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

حكاوى الجناينية عن العشق والشجر

حكاوى الجناينية عن العشق والشجر
حكاوى الجناينية عن العشق والشجر


كتبت - هبة حسنين
بينما تغزل الشمس آخر خيوطها لتعلن المغيب، يجلس حرّاس الأشجار، وجوههم فرحة بملامح يبللها عرق الجهد والمشقة والإصرار على أن تكون المعادى من أرقى وأجمل أحياء القاهرة.
 
فى يوم تكريم الجناينى، حضر اللواء عبدالقادر النورى، رئيس حى المعادى، لتحية الإيد الشقيانة التى ترعى أشجار ونباتات الحى حتى أصبح لوحة مرسومة من الإبداع والرقى، وبعيون تدمع نعت المهندسة أسماء الحلوجى، رئيس جمعية محبى الأشجار، رجالاً قدّموا الكثير للحدائق وأعطوها جهد عمرهم، وأثنت على الأبناء الذين استكملوا مسيرة آبائهم.
وسط التكريم، لمعت عيون الجناينية، وكأنها تروى حكايات من الصبر.. ترضى بشهادات التقدير وكلمات المدح، وفى المشهد المجاور تشهد الأشجار على عمر استظل بها وحماها من البوار.  
جمعة عليّ  - أحد ساكنى مدينة الحوامدية، تعوّد أن يستيقظ مبكرًا يوميًا على مدار 30 عامًا، للذهاب إلى عمله بالهيئة العامة لنظافة وتجميل الحدائق، ورغم انتهاء فترات عمله الرسمية، كان يذهب إلى المعادى للاعتناء بأشجارها ونباتها.
يقول جمعة: إنه رغم بلوغه سن المعاش؛ إلّا أنه لا يزال يحرص على الذهاب إلى حى المعادى، مستدركًا: «حكاياتى مع أشجار المعادى عمرى كله، خير وبركة.. أعشق عملى وأرى ما زرعته بعد سنين طويلة شاهدًا عليّ».
 عمرى كله.. اتولدت فيها
أمّا حمدى يوسف، فيطلق على نفسه «جناينى فن»، مضيفًا: «من ساعة ما اتولدت وأنا بشتغل الشغلانة دى وعمرى ما فكرت أسيبها، باعتبرها فنا وذوقا.. فيه بينى وبين الأشجار والجناين قصة حب ومقدرش أبعد عنها أبدًا».
يشير حمدى - إلى أنه يستطيع التعامل مع كل أنواع النباتات والأشجار، سواء الظل أو الزينة، معبرًا عن فرحته الكبيرة بتكريمه بين زملائه».
سعيد محمد - ورث مهنته عن عمه منذ 28 عامًا، مؤكدًا أنه يحب عمله جدًا، لأن كلّه حركة ورياضة ومتعة ورقى.
يصف سعيد - الأشجار والحدائق - بأنها حبيبته التى يجب أن يعتنى بها ويدللها دائمًا، مفتخرًا بأنه يحضر أولاده معه كل أسبوع، ليعلمهم أصول المهنة، وكيفية الحفاظ على الشوارع نظيفة ومنظمة.
وبمحض الصدفة - وأثناء بحثه عن فرصة عمل منذ 25 عامًا، وجد عمرو - ضالته فى مهنة الجناينى، واصفًا رحلته بين الأشجار بـ«الممتعة والصافية».
عمرو - يقطن منطقة منيل شيحا بالجيزة، لافتًا إلى أن 80% من العاملين بحدائق المعادى، يسكنون محافظة الجيزة، خاصة الحوامدية وطموه ومنيل شيحا، لأنها فى الأصل مدن زراعية وأهلها معظمهم يمتهن الفلاحة.
يقول عمرو: «الزراعة بالنسبة ليّ شيء طبيعى وعادى ومش محتاجين نتعلمها.. إحنا اتولدنا بيها، لكن رزقها ضيق فى بعض الأحيان».
علم وهواية وعشق
فارس حشمت، صعيدى الأصل ويعيش حاليًا بالمعادى، يعمل بمهنة الجنانينى منذ 12 عامًا، تنقل خلالها بين العمل بمستشفى المعادى، ومجمع الجلاء، وعلى عكس الأغلبية، تعلّم ودرس أصول عمله؛ حيث حصل على دبلوم فى الزراعة، ورغم حصوله على فرص عديدة لترك المهنة؛ إلّا أنه عشق مهنته ولا يرضى بأى بديل.
 وبين الحضور، كان محمد سليمان، الذى أنهى دراسته بالمعهد الفنى التجارى، ورغم أنه كان بإمكانه العمل بأحد مكاتب المحاسبة؛ فإن عمله مع والده وعمه منذ صغره، جعله شغوفًا ومحبًا لطبيعة الأشجار.
يؤكد سليمان، أنه يحصل على راتب مريح جدًا من عمله فى ترويض الأشجار والاهتمام بها، خاصة أنه يشارك الطبيعة فى جمالها.
يتابع سليمان: «رزقنى الله بـ 3 بنات وولد واحد، ولا أتمنى أن يصبح ابنى مثلى، نفسى يكون زى أعمامه الذينw  يعملون بشركات المحاسبة، رغم أنه يطلب منّى دائمًا مشاهدتى وأنا أرعى الأشجار»، مطالبًا الدولة بتأسيس نقابة للجناينية، وكذلك توفير تأمينات وضمانات لحياة كريمة آمنة.
جاء مايك - الشاب الإسكتلندى إلى مصر منذ 3 سنوات، وقرر الاستقرار بها، والعمل ضمن صفوف الجناينية.
يفخر مايك - بتكريمه، خاصة أنه الأول له على مدار حياته، معبرًا عن حبه الكبير لأهل مصر الذى يتميز شعبها بالطيبة والحب والاحترام، وكذلك عشقه لحى المعادى.
يتمنى مايك، أن يمتلك الإمكانيات المادية، لتصميم شارة من القماش تعلّق على قميص كل الطلاب من قاطنى المنطقة، لتدشين حملة تحت عنوان «حافظوا على نظافة المعادى»، مردفًا: «يا ريت ابنى ياخد كل خبراتى حتى يصبح جناينى مثلى فى يوم من الأيام». •