الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الإعلانات من السمنة للبوكسر

الإعلانات من السمنة للبوكسر
الإعلانات من السمنة للبوكسر


لم يعد غريبًا أن يتم قياس مدى التغيير فى أى مجتمع ومعرفة اهتماماته واتجاهاته من خلال رصد ودراسة مواده الدعائية والإعلانية بالطبع لن تكون وحدها كافية ولكنها قد تكون مؤشرًا ما لمجتمعات ذات كثافة سكانية مثل مصر. . الغريب فى الأمر أنك عندما ترصد إعلانات المصريين المتلفزة تجد تحولًا سريعًا ليس فى طريقة التقديم فحسب ولكن فى ماهية الأشياء والسلع المعلن عنها.
يعتبر رمضان هو بطل خروج الأفكار الدعائية والإعلانية بامتياز وفى الوقت الذى يتم رصد ميزانيات ضخمة للإعلانات التى تتخلل المسلسلات نجد أن سعر الباقة الإعلانية للمنتج فى القناة الواحدة يتجاوز 15 مليون جنيه بعدد مرات إذاعة سبوت 250 مرة لمدة 30 ثانية، أما سعر الإعلان الفردى فيتراوح من 40 إلى 60 ألفًا ويعرض لمدة ستين ثانية وهذه ميزانية إحدى القنوات الفضائية لنجد حوالى 30 مليار  جنيه هى حصيلة إعلانات شهر رمضان فقط على جميع القنوات المصرية مبلغ ضخم جدًا قد نستطيع خلال السطور القادمة أن نجيب على مدى التغيير الذى طرأ على كل من طريقة تقديم الإعلان وأنواع السلع وربما نفهم  إلى أي  مدى استجابة المتلقي.
الحقيقة اختلفت إعلانات هذا العام كليًا عن الأعوام السابقة لتختفى إعلانات الزبادى والبامبرز والسمنة والأرز والسكر والمطاعم التى تقدم الطعام  ووسائل التنظيف والشامبو وتبرز إعلانات الملابس الداخلية والأجهزة الكهربائية مع استمرار إعلانات شركات المحمول واستمرار إعلانات التبرع للمستشفيات وأماكن الخير.
ورغم أن رمضان هو شهر الموائد والعزائم اختفى كل ما له صلة بذلك إلا إعلانًا أو اثنين يظهران على استحياء فى مرات مشاهدة قليلة مقارنة بإعلانات الكمبوندات السكنية  الفارهة وشاليهات المصايف الفندقية والتى تأتى غالبًا بعد إعلانات الفقر والعوز والمرض والحث على التبرع.
 تتباين الصورتان فى تناقض كبير بين شقة بالملايين وفقراء ليس فى قراهم صرف صحى أو حنفيات لمياه الشرب صور دعائية تكشف فى هدوء طبقية المجتمع القاسمة بينما مازالت الطبقة المتوسطة تتأرجح بين الكفتين ويبدو أنها ستكتفى بمشاهدة المبانى والقرى السياحية والتجمعات السكنية، بينما قد تُقبل على شراء فانلة أو غيار داخلى (البوكسر) رافعة شعار (هالله هالله عل الفانلة). . ولكن هل بالفعل تحقق هذه الإعلانات هدفها فى الوصول إلى المتلقى المثالى لها خاصة بعد اعتمادها بشكل أساسى على النجوم والمشاهير من الفن والرياضة وأهل الدين. . والجديد هو التركيز على نجوم المنتخب المصرى لكرة القدم تماشيًا مع كأس العالم في روسيا إلا أنها ليست الظاهرة الوحيدة بل زاد عدد النجوم العرب المشاركين فى إعلانات التبرع  للمستشفيات وأوجه الخير!.. يبدو أن تكالب شركات العقار والمعمار وشركات المحمول على كعكة رمضان الإعلانية والدعائية قد أظهر فى دراساتهم التسويقية أنهم يحققون مكسبًا تسويقيًا ما، لذا نجد هذا الإصرار على مزيد من الدعاية فى رمضان.. ولكن لماذا اختفت السلع الاستهلاكية مثل السمن والزيت والأرز والسكر والبطاطس الشيبسى واللبان والشيكولاته  والشاى سؤال ربما تكون الإجابة عنه فى غاية البساطة وهي أن المواطن اليوم يشترى السلعة الأرخص فى ظل زيادة الأسعار ثم إن أغلب هذه المصانع ربما تجد أن قيمة الثوانى الدعائية الباهظة ربما لا تتناسب مع التكلفة المخصصة للإعلانات التى قيّمتها الشركة حسب الأرباح والخسائر لمصانع  هذه السلع الغذائية!.. لنجد فى النهاية أن سوق الدعاية والإعلانات تزيد زيادة طردية مع زيادة السوق الدرامية وزيادة أجور النجوم لتصبح منظومة رمضانية يحضر لها قبل رمضان بأشهر طويلة.. لتصبح الكعكة الدعائية كعكة دسمة ليس فيما تقدمه من مادة إعلانية فحسب ولكن فى تكلفتها وطريقة تقديمها وأفكارها لتحاول بكل الطرق هذه الأفكار الدعائية جذب أكبر عدد من الشريحة المستهدفة للمعلن ويصبح شعار هالله هالله عل الفانلة ضاربا أكثر من بستك بستك بستك نو وام طاقية حمرا ومحمود إيه ده يا محمود!.