الأحد 16 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

مسلسلات زمن «الروقان»

مسلسلات زمن «الروقان»
مسلسلات زمن «الروقان»


تعتبر التسعينيات  من  سنوات» الروقان» للدراما التلفزيونية، وقتها لم تكن هناك قنوات فضائية مصرية،  وفى ظل حركة الدراما التلفزيونية، كانت  المسلسلات موزعة بين القناتين الأولى  والثانية فقط لا غير بمُعدل مُسلسلين يوميا.

أحدهما فى السادسة «قناة ثانية» والآخر فى السابعة «قناة أولي»،  وفى رمضان تصبح  4 مُسلسلات، منها مسلسلان دينيان، واثنان ينتميان للون الاجتماعى، يقسمان  بالتساوى على القناتين الأولى والثانية  بجانب العرض علي  فضائيات الدول العربية.
 كان  خلو الشارع من الناس أمرا طبيعيا وقت إذاعة هذه المسلسلات  التى لا يُعاد عرضها.. فكان مألوفا جدا حصول  الطلبة على وقت الراحة من المذاكرة للاستمتاع بالمُسلسلات  فى هذه التوقيتات.
«نجوم مُختلفة»
تعالى حضرتك.. وتأملى موضوعات ونجوم  مُسلسلات التسعينيات.
مبدئيا سنجد «المُخرج  والمؤلف» هما النجم الحقيقى لدراما التلفزيون، وكانت أسماؤهم تجذب النجوم الكبار أمثال محمود عبدالعزيز ونور الشريف ويحيى الفخراني.. والطريف أن أجور هذه الأسماء من نجوم السينما كانت بالحلقة ليصل إجمالى أجر الفنان  بالمسلسل الواحد إلى نصف مليون جنيه تقريبا، وهو رقم زهيد ليس له وجود فى أجندة نجوم الدراما التلفزيونية حاليا.  
وقتها لم تكن هناك النجمة السوبر التى تتصدر بطولة مُسلسل ويباع باسمها، إلا فاتن حمامة عندما كتب لها أسامة أنور عكاشة «ضمير أبلة حكمت» وأخرجته إنعام محمد علي  وعرض فى بداية التسعينيات وشاركها أحمد مظهر نجم الخمسينيات الذى شكل معها ثنائيا فنيا رائعا من خلال أفلام عديدة.
«صناعة نجوم»
   أغلب مسلسلات التسعينيات  بها أسماء مُمثلين صُنعت لهم فيما بعد أفلام سينمائية ومُسلسلات  بعد خروجهم من عباءة كبار مؤلفى الدراما التلفزيونية بالتسعينيات،  والمُلاحظ أن بعضهم استمر والبعض الآخر اختار الاعتزال، ومنذ ذلك الوقت وحتى وقتنا هذا احتفظ نجوم الدراما التلفزيونية أمثال  أحمد عبدالعزيز وفردوس عبد الحميد وغيرهما بمكانتهم فى الدراما التلفزيونية.
أهم مسلسلات التسعينيات التى لم يتعد عددها الأربعين مسلسلا خلال عشر سنوات فى شهور رمضان، لنرى من حالفه الحظ  واستمر، ومن اختفى رغم نجاحاته  بهذه المسلسلات التى يأتى فى مُقدمتها مسلسل «العائلة» الذىعُرض فى النصف الأول من التسعينيات، وفيه سلط المؤلف وحيد حامد الضوء على بداية ظهور الجماعات الإرهابية فى مصر وكيفية جذب الفقراء لها، وأخرج المسلسل إسماعيل عبدالحافظ ومن خلاله  كانت ليلى علوى من أوائل نجمات السينما السوبر ستار التي  حجزت لها مكانا بالدراما التلفزيونية مُبكراً، حيث  قدمت فى النصف الثانى من التسعينيات  مسلسل «التوءم» الذى أخرجه مجدى أبو عميرة وكتبه يسرى الجندي.
العائلة والمال والبنون
 كان مسلسل «العائلة» فاتحة خير على كل من منى زكى التى أصبحت من نجمات الصف الأول فيما بعد، وعلى طارق لطفى الذى تُصنع حالياً مسلسلات خصيصاً له.
ويأتى مسلسل «المال والبنون»  بجُزأيه الأول والثانى، وعرضا بالنصف الأول من التسعينيات كأحد أهم مسلسلات التسعينيات الذى لفت  الأنظار بقوة لبعض الأسماء التى نالت قدرا جيدا من النجومية  فيما بعد أبرزهم شريف منير وحنان ترك وشيرين سيف النصر وجيهان نصر.
المُفارقة أنه رغم تألق وجوه نسائية بمسلسلات التسعينيات وتوقع الكثيرين لهن بنجومية أكبر، لكن  جيهان نصر وشيرين سيف النصر، اعتزلتا التمثيل فى النصف الثانى من التسعينيات بعد اشتراكهما فى مسلسلى «المال والبنون» و«من الذى لا يحب فاطمة» للمخرج أحد صقر، إلا أن شيرين سيف النصر تراجعت عن الاعتزال لسنوات قليلة ثم اختفت تماماً بعد قيامها ببطولة مسلسل «أصعب قرار» عام 2006 ولحقت بها حنان ترك منذ خمس سنوات.
ليالى الحلمية
ويأتي  «ليالى الحلمية» كأحد أهم مسلسلات الثمانينيات والتسعينيات  بأجزائه، حيث ارتفعت نجومية ممدوح عبدالعليم وهشام سليم.. وكانت آثار الحكيم بطلة الجُزء الثالث فى نهاية الثمانينيات ثم اعتذرت  عن الجُزء الرابع  فى بداية التسعينيات وحلت مكانها إلهام شاهين ووقتها أعطى أسامة أنور عكاشة درسا جيدا لكل من يفكر فى الاعتذار عن استكمال الأجزاء.
هوانم جاردن سيتي
لا نستطيع إغفال «هوانم جاردن سيتي» كأحد مسلسلات التسعينيات الهامة للمخرج أحمد صقر والمؤلفة منى نور الدين، لموضوعه وكم النجوم المُميزين به الذين صعب تجميعهم فيما بعد بأى عمل فنى، يأتى فى مقدمتهم مديحة يسرى وليلى فوزى وصفية العمرى وشويكار وهشام سليم وحسين فهمى ومحمود قابيل وهانى رمزى ومحمود قابيل وغيرهم.
رأفت الهجان وأم كلثوم
 لا يمكن إغفال مسلسل المخابرات «رأفت الهجان» الذى عُرض الجُزآن الثانى والثالث منه فى بداية التسعينيات وحقق نجاحا كبيرا ويعتبر إضافة فنية مُهمة لمشوار محمود عبدالعزيز الحافل، ولفتت الأنظار «إيمان الطوخي» فى دور اليهودية أستر بولونيسكي  وحتى هذه اللحظة لا يتذكر لها الجمهور إلا هذا الدور، فقد اعتزلت فى نهاية التسعينيات.
وعلى مستوى مُسلسلات السيرة الذاتية كان «أُم كلثوم» للمُبدع الراحل محفوظ عبد الرحمن والمُخرجة إنعام محمد على  الذى عرض فى نهاية التسعينيات وحقق وقتها نجاحا كبيرا دفع بطلته صابرين للاعتزال لاقتناعها بأنها لن تجد العمل الفنى الذى يحقق لها نفس نجاح «أم كلثوم» لكنها تراجعت عن الاعتزال بعد 7 سنوات تقريباً.
«الإخراج والتأليف»
على مستوى نجوم الإخراج  سنجد عددهم قليلا جداً أبرزهم  إسماعيل عبد الحافظ  صانع «العائلة» و«ليالى الحلمية»، ويحيى العلمى صانع «رأفت الهجان» وإنعام محمد على صانعة مسلسل «أم كلثوم»، ومجدى أبو عميرة المُلقب بملك الإخراج ومُكتشف نجوم التسعينيات ومن مُسلسلاته «المال والبنون» و«ذئاب الجبل» لأحمد عبد العزيز وسماح أنور،  و«التوءم» لليلى علوى و«الضوء الشارد» لمنى زكى وممدوح عبد العليم»،  و«الرجل الآخر» لنور الشريف وميرفت أمين. وفيه اكتشف مجدى أبو عميرة،  أحمد زاهر الذى لفت إليه الأنظار بقوة  وكان الجمهور ينتظر مشاهدته ويسألون عن هذا الوجه الجديد الذى تألق بالعديد من الأعمال فيما بعد وأصبح له مكانة مُميزة بالدراما التلفزيونية، وحلا شيحا  كانت وجها جديدا بالمسلسل وبعده انطلقت سينمائياً إلا أنها اعتزلت منذ عشر سنوات تقريباً.
وعلى مستوى المؤلفين الذين كان لهم حضور قوى بمسلسلات التسعينيات التى لا يمل منها المُتفرج حتى وقتنا هذا «وحيد حامد» و«أسامة أنور عكاشة» و«محمد جلال عبد القوي» و«محمد صفاء عامر»، و«مصطفى محرم»  ومن المؤلفين الشباب بنهاية التسعينيات بدأت انطلاقة المُبدع  «مجدى صابر» مع النجم نور الشريف وميرفت أمين فى مسلسل «الرجل الآخر» ليبدأ فيما بعد مرحلة الكتابة للكبار  مثل يحيى الفخرانى ويسرا وسميرة أحمد وجمال سليمان وتيم الحسن وعبلة كامل وغيرهم.. مع  التزامه بألا يسير مع هوجة المسلسلات الحالية التى يسود  أغلبها سلوكيات منحرفة تتعارض مع  قيم وتقاليد المُجتمع.  
وأخيراً:
   على مستوى عدد المسلسلات التى تم إنتاجها فى التسعينيات كان «قطاع الإنتاج» بالتلفزيون وشركة «صوت القاهرة» لهما النصيب الأكبر، وبالتبعية كانت موضوعات المسلسلات التى يتم تنفيذها من اختيار  رقابة المسئولين بالتلفزيون  وكان يُجاز عرضها بعد مشاهدة مسئولى الرقابة للحلقات ولم يكن وقتها يسمح بإنتاج أى أعمال رديئة.. لكن بخروج الرقابة التلفزيونية من المعادلة نتيجة لخروج القطاعات الحكومية من دائرة إنتاج المسلسلات أدى ذلك لإنتاج أعمال فنية دون المستوى من ناحية الموضوعات المطروحة بها. والتى يغلب عليها العنف والمُخدرات والعري.
 ولكى تعود الدراما كسابق عهدها بموضوعات قوية تعيش فى ذاكرة المُتفرج مثلما حدث فى دراما التسعينيات لابُد من عودة الإنتاج الضخم لقطاعات الإنتاج بالتليفزيون بموضوعات قوية تعكس مشاكل مُجتمعية حقيقية لتعيد العصر الذهبى للدراما.