الأحد 30 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

حكاية مبني "حلوات" العندليب أمام حديقة الأسماك

حكاية مبني "حلوات" العندليب أمام حديقة الأسماك
حكاية مبني "حلوات" العندليب أمام حديقة الأسماك


 «زهراء الجزيرة» هو اسم العمارة رقم  12 بشارع بهاء الدين قراقوش، المتفرع من شارع حسن صبرى بالزمالك، والمطلة على حديقة الأسماك، هنا عاش الفنان عبدالحليم حافظ، منذ استأجر إحدى شققها فى الستينيات وحتى وفاته فى 30 مارس 1977. العمارة  المبنية  فى  أوائل  الخمسينيات، شُيّدت على نفس الطراز المعمارى الذى أنشئت به العمارات الفخمة فى ذلك الوقت، واستخدم فيها أجود أنواع الخشب والحديد والرخام والزجاج، ومطلية بنفس نوع الطلاء المستخدم فى العمارة التى سكنها الموسيقار محمد عبدالوهاب، الذى يستخدم فيه الشاكوش، لتوحى للزائر أنها بنيت بالأمس.


من أشهر من سكنوا فى العمارة، الأمير طلال بن عبدالعزيز، الذى سكن فى الطابق الثامن، فوق شقة عبدالحليم مباشرة. العمارة كانت ملكًا لبدير باشا، الذى باعها فى  1968 لصندوق  تأمين  القوات المسلحة، بمبلغ 65 ألف جنيه، بحسب الأربعينى الأسوانى حارس العمارة «أبوالقاسم» الذى يحمل بكالوريوس الخدمة الاجتماعية، ويعمل بالعمارة منذ 15 عامًا.
من العجوزة للزمالك
قبل شقة الزمالك كان عبدالحليم يعيش فى شقتين بعمارات السعودية بمنطقة العجوزة، ولايزال ابن أخيه  محمد  شبانة، يعيش فيهما، وكذلك الحاجة فردوس ابنة خالة عبدالحليم التى كانت متزوجة من المرحوم «شحاتة» ابن خالته. أما شقة الزمالك فكانت تعيش فيها الحاجة علية شبانة، أخت عبدالحليم، مع ابنتها الحاجة زينب، التى تزوجت من ابن عمها المخرج محمد كمال الشناوى، ومازالوا يسكنون الشقة حتى الآن، ورحلت  الحاجة علية إلى جوار ربها فى 2004. شقة عبدالحليم ظل إيجارها 50 جنيهًا، منذ استأجرها فى الستينيات، حتى اشترتها الحاجة علية عام 1998 لتكون متحفًا لتاريخ عبدالحليم، يفتح يوم ذكرى وفاته من كل عام، ليرى الزائرون أين كان يعيش عبدالحليم، وغرفة نومه والبدل التى كان يرتديها فى الحفلات، والراديو ومكتبه والأوسمة والتكريمات التى حصل عليها، بحسب أبوالقاسم.
الحلوات والضيوف
يتذكر الملحن الموجى ابن الموسيقار محمد الموجى،  عزومات عبدالحليم حافظ لأسرة الموجى،  فى شقة الزمالك، وأنه عندما كان طالبًا فى السبعينيات فى كلية التربية الموسيقية فى الزمالك، كان يمر على شقة عمه عبدالحليم، ليجلس مع أولاد أخته «زينب وأمانى» فى حديقة الأسماك، فإذا تم تجهيز الغداء، يطل عبدالحليم من شرفته الكبيرة على الحديقة، ويطلق صفارته المميزة التى رد بها على الجماهير فى حفلة غنى فيها قارئة الفنجان، ليلتفتوا إليه فيقول لهم اصعدوا لتناول الغداء. «كان عبدالحليم قد قسم شقته إلى جزأين، الأول لأهل البيت ويسميه «الحلوات» نسبة لاسم قريته فى الشرقية، والثانى للضيوف والزائرين والملحنين، وبه مكتب له» كما يصف الموجى.
لا ينسى الموجى الصغير البروفات التى كان يحضرها مع والده فى شقة عبدالحليم، لأغنيتى «قارئة الفنجان ورسالة من تحت الماء»، قائلاً:  كان عبدالحليم يحب أن يجرى البروفات فى شقته، بعيدًا عن الأعين حتى لا تتسرب أى أخبار أو ألحان عن الأغنية الجديدة، حتى يفاجئ بها الجمهور، والموسيقيين أيضًا. وحدث أثناء إحدى هذه البروفات، أن عبر له عبدالحليم عن إعجابه ببرنامج كان يقدمه  مع على الحجار فى التليفزيون، وهو من اقترح عليه  أن يكون اسمه «الموجى الصغير» على غرار الأخطل الصغير، ونجاة الصغيرة.
الحب على بسطة عبدالحليم
أمام بسطة الشقة كتب عشاق عبدالحليم على الجدران وعلى زجاج النوافذ، كلمات فى حبه وبعضًا من كلمات أغانيه، بخط أيديهم، وقد تركت دون طمس بعيدًا عن الطلاء، لتبقى شاهدًا على حب الجماهير للعندليب. العمارة المكونة من ثمانية طوابق، بكل طابق شقتان، ومساحة  الشقة  الكبيرة 500 متر، والصغيرة 350 مترًا، وبها جراج يطل على شارع حسن صبرى،  يسع 20 سيارة. شقة عبدالحليم من الشقق كبيرة المساحة، وتطل بشرفة كبيرة على حديقة الأسماك، والأرضيات من الباركيه، والحمامات من رخام يعكس ضوء الشمس صباحًا، فيبدو الحمام مضيئًا. بالعمارة سلمان، أحدهما للخدم «سوكوندو»، والآخر للسكان يسمى البريمو، وبها مصعدان جديدان، بدل المصعدين القديمين، كما تغيرت بوابة العمارة فى 2010، بعد تحطم القديمة فى هذا العام على يد جمهور كرة القدم، إثر مباراة بين الأهلى والزمالك. أرضيات مدخل العمارة من نوع مميز من البلاط الموزايكو، وحيطانها من الرخام الأبيض، الذى يبدو بعضه وقد تآكل، لكن يبقى ما يلفت فى المدخل، هو صناديق الخطابات الخاصة بكل شقة، وهى من نوع ممتاز من الخشب، وتعود لوقت بناء العمارة، وبرواز خشبى يحيط بمرآة كبيرة بطول أحد حوائط المدخل، ولايزال جهاز كبير كان يستخدم كسنترال خاص فى العمارة، مكتوب عليه بالإنجليزية safnat-milano. وبين الطابق والآخر توجد بلاطات من الزجاج على البسطات، لتنير السلم بإضاءة ذاتية فى الصباح. مازالت بعض نوافذ شقق العمارة على الطراز القديم «الشيش الحصيرة»، ومازالت شقق العمارة يسكنها الأسر من الجيل الثانى  للمستأجرين الأصليين، ويدفعون إيجاراتها البسيطة، التى لا تتعدى 90 جنيهًا شاملة الخدمات. والشقق الأخرى اشتراها بعض المستأجرين، كما فعلت الحاجة علية، ولذا لا توجد شقق بنظام الإيجار الحديث، على غرار شقق كثيرة بالمنطقة تؤجر بآلاف الدولارات شهريًا، بحسب الحارس أبو القاسم.
خدمات الزمن الجميل
العمارة كانت تقدم خدمات لسكانها، منها غرف فى يمين مدخل العمارة، يصل عددها إلى 24 غرفة،  للشقة الكبيرة غرفتان، وللصغيرة غرفة، لها حمامان مشتركان، وتخصص للمغتربين من العاملين فى تلك الشقق، من السفرجية وغيرهم، وهى الآن مغلقة.
وبالعمارة إريل مركزى، لاستقبال موجات التليفزيون، وغلاية  مياه  مركزية تعمل بالسولار، موصلة بمواسير إلى كل الشقق، لتدفئتها فى الشتاء، وألغى استخدامها منذ 1998، وكان بالسطوح غرفة كبيرة للغسيل، يستخدمها السكان، وينشرون غسيلهم فى السطح. •