الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

المشاعــر المسكوت عنها

المشاعــر المسكوت عنها
المشاعــر المسكوت عنها


 أحمد عبد الحافظ
 
 الأمومة مثال التضحية وإفناء الذات- كما يفترض المجتمع- صورة مثالية تجعل من الصعب على أى امرأة البوح بالمشاعر الأخرى التى تكون عليها الأمومة فعليًا.. الوجه الذى تعانى فيه المرأة، وتؤجل طموحاتها وأحلامها الشخصية، عشرات الاختيارت التى عليها أن تحسمها لصالح وليدها دون ذرة ألم، وإذا خرجت هذه الأفكار للنور، تكون دليل إدانة على الأنانية والتقصير.

هبة خليفة هى واحدة من الفنانات القليلات اللائى اخترن الصدام مع تابوه الأمومة، فى معرضها «من الداخل» الذى باحت فيه هبة بما تعنيه الأمومة من وجع، فى مجموعة من الصور الذاتية مع طفلتها«ورد».
تخرجت هبة فى كلية الفنون الجميلة عام 2000، وتعمل مصورة صحفية منذ 2008، وحصلت على دبلوم المعهد العالى للنقد الفنى فى 2002، نالت جائزة صالون الشباب 2007، ومنحة لدراسة فن الأكايمى فى سالزبورج.
«يفرض المجتمع على الأم بعض القيود منها أن الأمومة نعمة، ومقابل هذه الأمومة ليس من حق الأم أن تتألم، أو أن يكون لها شكوى، يسلبها حقها فى التعبير عن معاناتها مع الأمومة».تقول هبة.
تكمل:صحيح نعيش فى مجتمع يخضع لسلطة القانون، وكثيرًا ما تتيح القوانين حقوقًا وحريات لا نتوقعها، لكننا أيضًا قد لا نمارسها، لأن المجتمع يرفض تطبيقها وممارستها، فالمجتمع سلطة أكبر من سلطة القوانين، يفرض علينا ما يشاء ويمنحنا ما يشاء.
تشرح هبة: «القانون مثلًا يحمى النساء القصر من الزواج المبكر، لكنه يبيح هذا الزواج ويتحايل عليه، وفى بعض المناطق يعيب على الأب رفضه تزويج ابنته القاصر، ومثل جريمة ختان البنات، التى ما زالت تمارس بسلطة المجتمع، تكون سلطة المجتمع فيها أقوى، وتكون عقوبة الوصم فيها أعلى بكثير من السجن».
وبالمثل يفرض المجتمع على الأم أن تتحمل عبء تربية الأبناء وحدها منفردة، دون مشاركة سواء من الزوج أو المجتمع، ويضع المجتمع صورة الزوج المشارك فى المنزل وفى تربية أبنائه تحت مسمى «بيساعد» أى يتفضل ببعض المساعدة فى المنزل وتربية الأبناء.
 وهو منطق يفرض على الأم أن تتحمل كل هذا العبء من إدارة المنزل وتربية الأبناء منفردة، مقابل انسحاب تام للزوج من المشاركة فى أى شىء، فى حين أن منطق الزواج مبنى على أن الطرفين يتشاركان فى مسئولية حياتهما الزوجية معًا وبشكل متساوٍ.
• ما الفارق الجوهرى الذى تجدينه فى تعامل المجتمع مع الأمومة والأبوة؟
- الأمومة فعل مقدس فى كل المجتمعات وهى منحة إلهية، ولكن يضع المجتمع قيودًا ظالمة للأمهات تحت هذا الغطاء المقدس، فالأبناء كما هم منحة إلهية للأم هم منحة إلهية للآباء وبدون الأبناء لا يصبح هناك آباء، والأبوة هى درجة من المسئولية لا تقل فى أهميتها وقدسيتها عن الأمومة، ولكن المجتمع يضع عبء التربية بالكامل على الأم، ويسلبه تمامًا من الأب.
• هل الأمومة تعوق تحقيق الأم لذاتها ونجاحها؟
- بدرجة كبيرة الوضع الحالى للأمومة كما يفرضها المجتمع ظالمة لأى أم، لو أن الأب والأم يتشاركان مسئولية تربية الأبناء سويًا، سيكون فى ذلك فرصة للأم لتكون متحققة بدرجة أكبر، لديها الفرصة على تحقيق ذاتها مهنيًا وعمليًا، فتكون الحياة أكثر عدلًا.
«الأم المتحققة أقدر على تربية أفضل لأبنائها من الأم المقهورة والمقموعة». •