السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

«جين سيداروس» عاشقة الحضارة المصرية

«جين سيداروس» عاشقة الحضارة المصرية
«جين سيداروس» عاشقة الحضارة المصرية


م. مجدى حسنى
جنيفييف أو «جين بقطر سيداروس» من مواليد 12 أغسطس 1925 حصلت على ليسانس الآداب من قسم اللغة الإنجليزية بجامعة القاهرة، وماجستير فى الصحافة ودبلوم فى الآثار ودراسات حرة فى السينما سيناريو وإخراج، واحدة من المناضلات والقيادات النسائية فى الحركة الوطنية المصرية منذ الأربعينيات.
 وتعرضت للاعتقال وحكم عليها عسكريّا بالسجن سنتين سنة 1949، كما شاركت فى المقاومة الشعبية ضد العدوان الثلاثى عام 1956 واعتقلت لمدة 4 سنوات ونصف السنة بين 1959 و1963.
كانت بيننا علاقة خاصة جدّا، كنت فى الإسكندرية فى التاسعة من عمرى يوم عرفت أنها خرجت من المعتقل، مشيت الثالثة ظهرًا بالمايوه فقط من كيلوباترا للمندرة، لما عرفت إنها هناك مع حبيبة عمرها سعدية عثمان.
علاقة لم تخلُ من توترات وخناقات وزعيق بيننا فى التليفونات، ورمى لملابسى خارج الشقة عندما تجرأت وتخلصت من علب بلاستيك مكسرة، لكن الحب والتفاهم والتفهم كان أعمق من أى شىء، وأنا فى الثانوى كنت أطلع من المدرسة عليها فى عملها بالمجمع وأبقى فرحانا بحياتها وسط أصدقائها وهى فرحانة بوجودى معاهم.
لم تحاول فرض اتجاهها السياسى علىّ،لكن وفّرتلى منابع للفكر وكانت سعيدة ومساندة لما انغمست فى النشاط فى الجامعة، وكم كانت سعادتها لما قررت أدرس إرشاد سياحى مثلها، لكن للأسف لم أطاوعها فى إنى أدرس سينما.
درست أمى التاريخ والحضارة المصرية وجابت مصر كلها بمفردها بالمواصلات، تقيم فى بيوت الشباب ونجحت فى امتحان المرشدين السياحيين، وهالها ضعف الأفلام التسجيلية عن آثارنا وحضارتنا، فقررت فى سنة 74 دراسة السيناريو والإخراج فى قصر السينما، لتخرج فيلم «الحضارة المصرية نُبل وسمو وخلود» الذى حصل على جائزة أفضل فيلم تسجيلى عام 2001 من المركز الكاثوليكى للسينما،  بمجهود ذاتى وتمويل مجموعة من أصدقائها المثقفين، وعُرض فى مهرجانات فى إيطاليا وسويسرا.
فى سن 85  أنتجت وأخرجت فيلم «اللغة السينمائية عند قدماء المصريين». بمجهود ذاتى بحت، ورُغم إصابتها بكسر فى أسفل الظهر فى 2011 وتدهور قدرتها على الرؤية، منحتها عزيمتها الجبارة الاستمرار فى تأليف كتاب عن الكلمات العامية وأصولها الهيروغليفية والقبطية والأغانى الشعبية، وكتاب عن القضية الفلسطينية ألّفته باللغة الإنجليزية، وفى عامها التسعين نجحت فى  طبع قصة كتبتها عن سنوات الاعتقال فى سجن القناطر «سجن الحياة.. وجه الحياة الآخر».
أمى كانت متعددة النشاطات والصداقات، تجدها عضوة بجمعية محبى الأشجار جمعية الأثريين العرب، وجمعية النقاد والعاملين بالسينما التسجيلية، ومؤسسة المرأة والذاكرة، رابطة عمال النادى الأهلى،جمعية خريجى الصحافة وجمعية الكاتبات المصريات.
قلبها يتسع لكل هذه العلاقات وللسؤال على الناس من كل الاتجاهات والأعمار والاهتمام بكل تفاصيل حياتهم.
 حتى آخر سنواتها التسعين تهتم بأحفادها تأتى من المعادى بالمواصلات لمصر الجديدة لتأخدهم معرض الزهور والنادى وجنينة الحيوانات وزيارة سنوية لمعرض الكتاب، لتشترى ما يفيد عقلهم، علاقتها بالناشطين فى هندسة عين شمس، حبها وعلاقتها بأم الشهيد محمد عثمان، أمى أكبر من أى كلام وأكبر من أى وصف وأى مشاعر. •