الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

مصابـو الثـورة يدفعــون الثمــن

مصابـو الثـورة يدفعــون     الثمــن
مصابـو الثـورة يدفعــون الثمــن


[if gte mso 9]>

Normal
0


false
false
false







MicrosoftInternetExplorer4

[if gte mso 9]>







ثورة لم يجن أصحابها الحقيقيون إلا المذلة، هذا للأسف هو شعور مصابى الثورة بعد الاشتباكات الأخيرة التى اشتعلت بينهم وبين طاقم التمريض والعاملين بالمستشفى، وإذا كنا نتفق أن مصابى الثورة ليسوا جميعا على المستوى الثقافى والاجتماعى المطلوب، فإننا أيضا لابد أن نتفق أنه مهما أخطأ المريض - لوفرض أنه أخطأ - فلا يحق أبدا لكائن من كان داخل المستشفى أن يهمله أو يعامله بقسوة أو يطالب برحيله، وهو للأسف ماقام به طاقم التمريض بالمستشفى فى وقفتهم الاحتجاجية الأخيرة، وإذا كان تضارب الأقوال وتعدد الروايات فى هذه المشكلة بالتحديد قد يثير نوعا من التخبط، إلا أن الشىء الموثق والأكيد أن المصابين الذين تقرر نقلهم وفقا للقرار الرئاسى من قصر العينى الفرنساوى إلى المركز الطبى العالمى لاستكمال علاجهم تمهيدا لسفرهم إلى الخارج والذى صدر منذ شهر، لم يسافر منهم أحد على نفقة الدولة حتى الآن، والمفاجأة الأكبر من ذلك أن المدة التى استغرقها هؤلاء المصابون داخل المركز الطبى العالمى يوم ونصف اليوم فقط، كنوع من الشو الإعلامى ليتفرقوا بعدها مابين مستشفى التأهيل العسكرى بالعجوزة، ومستشفى الحلمية العسكرى، وسواء  بقوا بقصر العينى أو ذهبوا إلى هذا أو ذاك فجميعهم يعانون من قسوة الإهمال، لذا قررنا أن نذهب إليهم، ونعيش معهم  مرارة الشعور بتخلى وطن عن أبنائه.
 

 
∎ التنازل أو عدم العودة للمستشفى
البداية مع د. وفاء خليفة وهى سيدة أربعينية تحمل دكتوراه فى علوم البحار، مطرودة منذ الأحداث الأخيرة خارج قصر العينى، تعانى من شلل نصفى وأجرى لها عدة عمليات بالعمود الفقرى، لكن للأسف ضربت يوم الاشتباكات وكسرت الفقرة التاسعة مرة أخرى، ولأنها كانت تقدمت بأحد عشر محضرا  تتهم فيه عمال المستشفى بسرقتها فقد طلب منها يوم الاشتباكات التنازل عن تلك المحاضر كشرط لدخولها قصر العينى مرة أخرى، واليوم هى تجلس بأحد فنادق وسط البلد لاتدرى أى مصير يواجهها، تقول وفاء لم أجد داخل المستشفى أى عناية أو تمريض حقيقى، لدرجة أننى أتبول لا إراديا ولا أجد من يساعدنى ولا حتى من يعطينى الدواء، وقد سرقت عدة مرات بداخل المستشفى من ضمنها مرة استيقظت وشاهدت الجانى وهو أحد عمال المستشفى وهو يضع يده فى حقيبتى وعندما صرخت أطاح بى من السرير وأصابنى فى ركبتى، ويوم الاشتباكات أوسعونى ضربا بالعصى والحديد والكراسى حتى كسروا لى فقرة ظهرى التاسعة مرة أخرى، ثم اشترطوا لعودتى أن أتنازل عن جميع المحاضر المحررة ضدهم وهذا لن يحدث أبدا.
 

 
أما أحمد عاطف من مصابى الثورة وهو طالب بكلية الهندسة، كان مقرراً له إجراء عملية يوم الثلاثاء الماضى وبالفعل أجراها، لكنه عانى من سوء معاملة طبيب التخدير وطاقم التمريض له،  حيث يقول فى طريقى إلى غرفة العمليات ظلت الممرضة التى من المفترض أن تستلم الحالة لتسلمها بدورها إلى الأطباء فى غرفة العمليات تسب فى الثوار وتصفهم بأنهم من خربوا البلد، وخربوا عقول الناس، وبعد دخولى إلى غرفة العمليات طلبت من طبيب التخدير عدم إعطائى حقنة التخدير فى ظهرى حيث إن به طلقة لم تستخرج بعد، لكنه تعامل معى بقسوة شديدة وطلب منى ألا أفتح فمى بكلمة ثم قال لو أنت مصاب ثورة أنا الفلول، فأنا أحد أفراد الطاقم الطبى المشرف على علاج مبارك، ثم سألنى عن انتمائى وهل أنا سلفى أم إخوانى، فأجبته بأنى مصرى، ثم أردفت أننى لست بلطجياً وأننى طالب فى كلية الهندسة، لكنه بدأ يتطاول على وكاد يصل هذا التطاول إلى السب بالأم، وبعد أن خرجت من غرفة العمليات أبلغت والدى الذى أحضر شرطة المستشفى لتسمع القصه منى، ثم جاء مدير المستشفى ووعدنى باتخاذ الإجراءات اللازمة بوقف الطبيب عن العمل والتحقيق معه، وأنا فى انتظار تحقق تلك الخطوات.
 
وبالانتقال إلى مستشفى تأهيل القوات المسلحة بالعجوزة حيث يرقد عنتر وهو شاب سكندرى الجميل الذى لم يتجاوز العشرينيات ولكنك عندما ترى ضآلة جسده وما أصابه من وهن تعتقد للوهلة الأولى أنه طفل صغير، أصيب يوم 28يناير قبل زفافه بأيام، حيث يقول :كنت سأتزوج فى أوائل فبراير 2011، ولكننى عندما وجدت أن أحداث الثورة تتفاقم ومع طول فترة الخطوبة التى تجاوزت الثلاث سنوات، قررت أن أذهب للمصور لأجلب منه صورنا التى سنضعها فى قسيمة الزواج، خوفا من أن يغلق ويقف مشروع زواجى على الصور، وفى طريق عودتى وأمام منزلى المتاخم لقسم الشرطة أخذت طلقة فى الرقبة تسببت لى فى شلل ثلاثى، حيث لا أستطيع تحريك سوى يد واحدة فقط، وبمجرد إصابتى ذهبت للمستشفى الجامعى بالإسكندرية وظللت به لمدة ثلاثة أشهر دون تلقى أى علاج، فأصابتنى قرحة فراش وصلت للعظم حتى تعفن، ومن ثم تكفل بى رجل أعمال سكندرى وقمت بعمل عملية تثبيت فقرات على نفقته الخاصة، لكن المبلغ الذى تبرع به كان قليلا جدا لم أستطع معه إكمال علاجى فاضطررت للعودة إلى منزلى، وبعدها تلقيت تليفوناً من مدام هبة السويدى طالبتنى فيه بالقدوم إلى القاهرة لتتكفل هى بنفقات علاجى، وبالفعل قد قمت بإجراء ثلاث عشرة عملية جراحية على نفقتها الخاصة، من ضمنها عملية تكلفت وحدها مبلغ 521 ألف جنيه الجميل فى قصة عنتر أنه بالرغم من العجز والألم أصرت خطيبته أن تكمل زواجها منه فى شهر مايو الماضى لترافقه قصة كفاحه العلاجى، فحتى لو تحول ذلك الشاب الفتى المفعم بالنشاط إلى شخص قعيد لايقوى على الحركة فإن الحب بينهما باق ومقدار الوفاء الذى تحمله هذه الشابة أصبح نادرا هذه الأيام.


∎ إهمال وسوء معاملة
وعن قصة انتقاله للمركز الطبى العالمى يقول: جاءنا المستشار محمد فؤاد - مستشار الرئيس - وأمر بنقلنا إلى المركز الطبى العالمى كخطوة تحضيرية للسفر،لنكمل داخله فحوصاتنا وعلاجنا الطبيعى لحين تجهيز الأوراق، وبالفعل تم الكشف علينا بمجرد وصولنا وتقرر سفرى لألمانيا للقيام بعمليتين هما عمل مضخة وزرع خلايا جذعية، ولكننى فوجئت فى اليوم التالى لوصولى يخبروننى بضرورة مغادرتى المستشفى، فرفضت عكس الزميلين الآخرين، وطلبت منهم القيام بعملية الحقن التى أحتاجها والتى لا أستطيع دفع ثمنها، لكنهم رفضوا وطلبوا منى مغادرة المستشفى فورا، فهاتفت المستشار الذى أمرهم بإبقائى، وبالفعل حقنت داخل المركز الطبى، لكننى تعرضت لسوء معاملة شديد، خاصة فى أسلوب الرعاية والخدمة، حتى الأكل وطريقة تقديمه، فبينما كان يقدم لغيرى الأكل باهتمام بالغ كان يقدم لى فى أطباق وأكواب بلاستيكية، حتى عند اتصالى لطلب خدمة ما تأتينى الإجابة دائما بالرفض بحجة أنه وقت غداء أو وقت راحة، لذا فكل يوم كان يمر على هناك كنت أشعر أننى أقل من الجميع، إلى أن جاء اليوم الذى قالوا لى فيه قد انتهى علاجك لدينا، وسيارة الإسعاف تنتظرك وسوف تتوجه بك إلى أى مستشفى من اختيارك لتستكمل بها علاجك، فوافقت على الفور واخترت مركز تأهيل القوات المسلحة حتى استكمل به جلسات علاجى الطبيعى، وكان أول شىء صدمنى فى المستشفى بعد وصولى هو معاملة أحد الأطباء لزوجتى معاملة سيئة بها الكثير من الاستهزاء، فقد نهرها بشدة كونها تزوجتنى وأنا فى هذه الحالة قائلا لها «إنتى مش رضيتى بيه كدة روحى أجرى شقة دور أرضى واقعدى جنبه ده مش نافع» فهل هذا أسلوب طبيب!!، أما بالنسبة للرعاية الصحية فالوضع هنا سيئ جدا فلايوجد اهتمام بنظافة الغرفة أو فرش السرير الذى أنام عليه، الذى فى كثير من المرات يأتى متسخا قبل فرشه، والأقسى من ذلك أن مستشار الرئيس وعدنى بغرفة خاصة لأصطحب فيها زوجتى كمرافق لكن عند قدومى وجدتها غرفة مشتركة بينما تنام زوجتى على الأرض على مرأى من المريض الآخر وعندما طلبت تغيير هذا الوضع المهين قيل لى إنه لا توجد غرف خالية، رغم أننى لو كنت أدفع لكانت ستفتح لى أفخم الغرف، العجيب أننا اكتشفنا أنا وزميلى فى الغرفة أنها تتبع مريضاً ثالثاً ذهب ليكمل علاجه فى مستشفى آخر وسيعود قريبا، لنصبح أنا وهو فى الشارع، وأنا الآن لا أعرف متى ستحقق الدولة وعودها لى بالسفر للخارج وصرف مستحقاتى المالية، وأين هى إعانات  صندوق المصابين التى يدعى البعض أنها صرفت لنا، ورغم هذا الكم من الإهمال فقد رفضت أن أخرج على قناة الجزيرة لأن المعد أملى على كلاماً معيناً وطلب منى أن أشتم  شخصيات بعينها.
 
∎ المتاجرة بآلام المصابين
الحال فى مستشفى الحلمية العسكرى لم يكن أفضل كثيرا، فهناك يرقد محمد قرنى وبجواره فى نفس الغرفة يرقد حسين زكريا، كلاهما أصيب يوم جمعة الغضب بطلقة فى الظهر ورغم تباعد المسافة مابين ميدان الأربعين بالسويس حيث أصيب محمد ومابين شبرا حيث أصيب حسين لكن النتيجة واحدة وهى شلل نصفى أفقدهما الحركة، محمد توفيت زوجته قبل الثورة بفترة بسبب عدم قدرته على استصدار قرار على نفقة الدولة بزراعة الكبد، ورغم أنه خطب مرة أخرى وكان على وشك الزواج إلا أنه عند قيام الثورة خرج ثائرا على الظلم الذى عانى منه حتى أصيب على يد قناص ورحلة علاج محمد مؤلمة للغاية فقد تنقل بين عدد كبير من مستشفيات الدولة وأصابته قرحة الفراش كما أصابت معظم المصابين حتى استقر به الأمر فى القصر الفرنساوى وكالعادة تحت رعاية هبة السويدى، فهى الشخص الوحيد الذى يثق به المصابون، حيث يقول محمد: الكل تاجر بنا، فحتى حسنى صابر الأمين العام للمجلس القومى لرعاية أسر الشهداء والمصابين أخذ أموالنا، والكل يعرف أنه أدخل مصابين ليسوا من مصابى الثورة ليتم علاجهم على نفقة الصندوق، وقد حزنت كثيرا عندما أبلغونى أنه يقول فى كل مكان أنه صرف على حالتى أكثر من مليونى جنيه، وهذا لم يحدث مطلقا، وبالعودة إلى قصة الانتقال من الفرنساوى إلى المركز الطبى العالمى يقول جاء المستشار محمد فؤاد وقال لى ستنقل للمركز لإجراء الفحوصات ومنه إلى ألمانيا، لكننى لم أمكث سوى يوم واحد بالمركز ثم تم نقلى إلى الحلمية العسكرى بحجة علاج القرحة أولا، وأنا أجلس هنا منذ قرابة الشهر ولا أجد العناية الكافية، رغم أنهم أجروا لى عملية القرحة، لكن طبيب العلاج الطبيعى لايأتى مطلقا رغم حاجتنا لذلك وإذا جاء لا يمكث لدينا أكثر من خمس دقائق، ناهيك عن طبيعة الأكل الذى يقدم لنا والذى لايمكن أن يقبل أن يأكله أى بشر، وقد كانت والدتى تحضر لى الأكل من السويس ونضعه بالثلاجة لأيام لكنهم استبدلوا لنا الثلاجة السليمة بأخرى لاتعمل لأن هناك «رتبة» يحتاجها! وها أنا فى انتظار تحقق وعد مستشار الرئيس بالسفر للعلاج لأحقق حلمى وأتحكم فى عملية الإخراج، فهذه المسألة هى أكثر شىء يتعب نفسيتى أنا وجميع المصابين بالشلل، أما كان أحرى بالرئيس مرسى أن يأتى للقائنا وسماع شكوانا كما فعل مع الفنانين.
 
∎ بصيص أمل
وإذا كانت تلك القصص مؤلمة فقصة حسين زكريا هى الأكثر مأساوية بينهم، فهو شاب رياضى فى الرابعة والعشرين من عمره لكنه أصم وأبكم، وكما يحكى أخوه إبراهيم فقد كان حسين لاعب كرة فى نادى المصرية للصم والبكم، ولديه الكثير من شهادات التفوق التى تثبت مهارته، يوم جمعة الغضب كان ميعاد مباراة النادى مع شبين الكوم، وقد ذهب حسين مع الفريق لكنهم عند وصولهم هناك علموا بإلغاء المباراة نظرا لتزايد حدة الأحداث، لذا اضطروا للعودة ، كل هذا وهم كصم وبكم لايعلمون حجم مايحدث فى البلاد، حتى وصلوا إلى أعتاب التحرير فذهلوا من مشاهد الضرب والدخان والقنابل المسيلة للدموع، ولم تفلح محاولات المترجمة التى تصطحبهم فى طمأنتهم، ومنعت الحافلة التى تقلهم من المرور، مما اضطرهم للعودة إلى منازلهم سيرا على الأقدام، وفى طريق عودة حسين هو وصديقه إلى شبرا، كانا يتحدثا مع بعضهما البعض بطريقة الإشارة، مما جعل أحد الضباط الواقفين فى شارع شبرا يعتقد أنهم يدبران لأمر ما، فصوب على أخى بندقيته، وبما أن صديقه لايسمع مثله أعتقد فى البداية عندما شاهد أخى يرتفع عن الأرض ويبتعد مسافة ثلاثة أمتار أنه لمس سلك كهربائى،لكنه عندما شاهد دمه يسيل ونظر للاتجاه المقابل حيث رأى ضابط يعدل من وضع بندقيته ويسلم على زميله علم أنه أصيب بطلق نارى، أما عن رحلة العلاج فهى طويلة جدا لكن أبرز محطاتها وأكثرها إيلاما هى ترك إبراهيم لأخيه أمام باب مستشفى المعادى عندما رفضوا أن يستلموه رغم خطورة حالته لعجزه عن علاجه وظنا منه أن قلبهم سيرق لحاله، أيضا رحلة حسين على مدار تسعة أشهر مابين تسع مستشفيات فقط ليغلقوا له القرحة التى أصابته، هى قصة طويلة ومؤلمة لم ينقذه منها غير وصول فريق ألمانى للقصر العينى الفرنساوى، ومتابعتهم لحالته وإصرارهم على سفره لألمانيا لتلقى العلاج لأن الأمل فى الشفاء كبير جدا، وبالفعل يسروا له كل معوقات السفر وسافر معهم إلى ألمانيا.


∎ ضياع الأمل
فى ألمانيا تم غلق القرحة التى عانى منها شهوراً فى أسبوع فقط، وليس ذلك فحسب بل أن الأطباء الألمان أجمعوا أن حسين لا يعانى من شلل نصفى كما قيل فى مصر، وأنه يحتاج أن يجلس ستة أشهر فى أحد المنتجعات بعدها سيعود سائرا على قدميه، لكن المشكلة فى التكلفة العالية لهذا المنتجع، وهنا كان لابد من دور للسفارة المصرية لتدفع فقط ثمن الإقامة فى المنتجع، أما الأطباء فقد تبرعوا لعلاجه، وللأسف غاب ذلك الدور تماما ورفضوا تقديم أى مساعدة فى البداية، حيث يقول إبراهيم هددت بإشعال النار فى نفسى أمام مقر السفارة، وأمام ذلك الضغط وافق الملحق الصحى على نقله إلى المنتجع على أن يتم علاجه على نفقة الدولة، وفى خلال عشرة أيام قضاها هناك بدء حسين يشعر ببطنه وبرجله وبالإخراج وكان يسير بخطى واثقة نحو الشفاء، حتى اتصل بى الملحق الصحى ليبلغنى بضرورة عودته إلى مصر نظرا لظروف البلد الاقتصادية وعدم قدرتها على دفع نفقات علاجه على أن يعود إلى المركز الطبى العالمى ليلقى نفس الرعاية التى يلقاها فى ألمانيا،وافقت تحت ضغط لكننى بهذه الموافقة ضيعت أخى، فبمجرد وصولى للمطار علمت أننا متجهان لمستشفى تأهيل القوات المسلحة بالعجوزة على خلاف ماقيل لى، وهناك فقد حسين الإحساس بنصف جسده مرة أخرى وأصابته قرح فراش مرة أخرى، فنقلته للفرنساوى بأعجوبة، ومكث بها حتى جاء مستشار الرئيس ليعلن إمكانية سفرة لألمانيا مرة أخرى بعد أن يعرض على أطباء المركز العالمى، وكان عنتر ومحمد قد سبقانى إلى هناك، فأخذت سيارة إسعاف متجها للمركز الطبى وفى هذا قصة محزنة أخرى حيث طلب منى المسعف 150 جنيهاً لنقل أخى، ولم يكن فى جيبى وقتها سوى 30 جنيهاً أعطيته إياها وقلت له الباقى سوف تأخذه بمجرد الوصول لأن لى أصدقاء هناك سيدفعون لك باقى الأجر لكنه رفض، وتوقف بسيارته وأنزلنى أنا وأخى فى منتصف الطريق وفى عز الحر، ولم ينقذنى سوى سائق تاكسى رق لحالنا ووافق أن يأخذنا إلى هناك، وعند وصولنا إلى هناك لم نمكث سوى يوم واحد بعدها نقلنا للحلمية، رغم أنها أحد المستشفيات التى جاءها حسين من قبل وعانى فيها من قرحة شديدة نتيجة الإهمال لم يستطيعوا علاجها، وكلما أهاتف مستشار الرئيس يقول لى إن التأخير فى السفر نتيجة تجهيز الورق، لكننى كلمته من عدة أيام فقال لى إن حسين سيعود لمستشفى تأهيل العجوزة مرة أخرى، مما أشعرنى أننا ندور فى دائرة مفرغة كلها خداع وامتهان للكرامة.