مارلى ماتلن.. الجميلة الصماء

ندي بهجت
دائماً يقال إن الأداء الفنى عبارة عن استخدام كل حواس الإنسان فى التعبير، فالفنانون المؤدون سواء كانوا ممثلين أو مطربين أو راقصين، يتبارون فى استعراض موهبتهم بكل الطرق الممكنة فى التعبير من خلال أجسادهم، فتصبح إمكاناتهم الجسدية وفعالية حواسهم هى سلاحهم الأهم.
ولكن ماذا عن الفنانين الذين ولدوا بإعاقة تكسر حالة الانسجام تلك؟ هل تصبح الإعاقة التى لم يختارونها سجنًا يكبت فنهم وموهبتهم؟
الإجابة واضحة عند مارلى ماتلن، الممثلة الصماء، الحاصلة على جائزة أوسكار أفضل ممثلة عام 1986 عن دورها فى فيلم Children of a lesser God لتصبح الممثلة الصماء الوحيدة فى التاريخ التى تحصل على جائزة الأوسكار، حلم أى ممثل! وتحصل أيضًا على جائزة جولدن جلوب والعديد من الترشيحات والجوائز الأخرى.
تحكى مارلى فى سيرتها الذاتية التى أسمتها ««سأصرخ لاحقًا» أنها فقدت السمع وهى فى شهرها الثامن عشر بسبب المرض الشديد الذى أفقدها السمع فى أذنها اليمنى بالكامل وأفقدها 80% من أذنها اليسرى، وأنها الفرد الوحيد الأصم فى عائلتها. كانت ترتاد معبدًا يهوديًا للصم وتعلمت العبرية حتى تستطيع قراءة التوراة، وبدأت تحب التمثيل من طفولتها حتى استطاعت أن تشارك فى العديد من الأعمال.
لعبت دور «دوروثى» فى القصة الشهيرة «ساحر أوز» فى المركز العالمى للصم والفنون عندما كانت فى السابعة من عمرها، وظلت تمثل فى المركز حتى اكتشفها المخرج «هينرى وينكلر» ورشحها لبطولة فيلم «أطفال إله آخر» التى حققت رقمًا قياسيًا لكونها أول ممثلة صماء تحصل على جائزة أوسكار وجولدن جلوب عن دورها، ومن بعدها مثلت العديد من الأدوار وكان لها ظهور خاص فى «شارع سمسم- النسخة الأمريكية» وكليبات الأغانى والعديد من المسلسلات الدرامية الشهيرة.
تاريخ مارلى الفنى لم يجعلها مصدرًا ملهماً للعديد من الفنانات وحسب، بل حفر اسمها فى ممشى المشاهير فى هوليوود ومنحت دكتوراة فخرية من جامعة جالاودت الأمريكية. لتقول مارلى عن نفسها إنها لطالما قاومت فكرة أن تضع قيودًا على نفسها سواء فى حياتها العملية أو الشخصية، فتمارس حياتها بشكل طبيعى تمامًا، تعتمد على قراءة الشفاه وهى تمثل لتعكس أدق انفعال وشعور ممكن كأى ممثلة محترفة، وتتزوج وتنجب أربعة أبناء وتشارك فى العديد من الجمعيات الخيرية وتلقى العديد من الخطابات لتشجع الفتيات الصماء فى ممارسة حياتهن بشكل طبيعى والسعى تجاه أحلامهن، لتثبت أنه لا يوجد عائق يمنع الإنسان من تحقيق ذاته، إلا نفسه!•