بعد واقعة نقل تمثال عبد المنعم رياض ببورسعيد: تماثيل الميادين..كثير من القبح..كثير من العبث

سهام وهدان
«البلدوزر».. كلمة السر المصاحبة لتدمير أى أثر أوعمل فنى ميدانى تريد مؤسسات الدولة التعامل معه. فى تعمد لعدم الاستعانة بمتخصصين، رغم تشكيل لجنة بقرار من مجلس الوزراء للتعامل مع هذه الأعمال الميدانية, بدلاً من تبادل الاتهامات بين المسئولين المتسببين فى كل كارثة..
سألنا متخصصين ومسئولين عن إدارة مؤسسات فنية هامة عن دورهم فى مواجهة هذه التشوهات لمعرفه هل تقصر اللجنة فى عملها أم أنه يتم تجاهلها ؟!!
تداول الكثيرون عبر موقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو وصور لأبرز التماثيل والأعمال الميدانية المشوهة التي تم وضعها فى ميادين مصر خلال السنوات الماضية, وكيف يتم نقلها والتعامل معها بأسلوب غير صحيح، آخرها الطريقة المهينة التى تم بها نقل تمثال الفريق «عبد المنعم رياض» بمحافظة بورسعيد، والتى أدت إلى كسره دون الاستعانه بالجهات المتخصصة.. يحدث هذا رغم مرور مايقرب من عامين على إصدار رئيس الوزراء قراراً رقم 2409 لسنة 2016 بحظر ترميم أو وضع تماثيل أو لوحات جدارية أو أي منحوتات بالميادين العامة بمحافظات الجمهورية، إلا بعد الرجوع إلى وزارتي الثقافة والآثار كل فيما يخصه.وإصدار وزير الثقافة حلمى النمنم قرار بتشكيل لجنة الجداريات والتماثيل والتى تضم مختلف التخصصات من أساتذة بقطاعات الفنون والآثار والثقافة برئاسة المهندس محمد أبو سعدة، رئيس مجلس إدارة الجهاز القومى للتنسيق الحضارى.
ويعيد السؤال نفسه: أين دور المتخصيين فيما يحدث، خاصة الواقعة الأخيرة التى أُقيل بسببها «عماد مهدى» رئيس حى شرق بورسعيد بصفته المتسبب والمسئول عنها، و تبرأ «المهدى» من المسئولية بأنه أستعان بالجهة الفنية المختصة ولم يتخيل أن يصل الأمر لهذه الكارثة, موضحاً أستعنت باللواء «محمد عامر» المستشار الفنى للمحافظ، والذى وعد بأن الأمر سيكون تحت تصرفه وبإشرافه حتى يصل التمثال إلى المخازن. وبالفعل تمت إزالة التمثال فى وجوده بعد استعانته بالبلدوزر.
أنكر اللواء «محمد عامر» ما سبق بشأن موافقته على الاستعانة به وتوليه مهمة نقل التمثال معللأ : التكليف جاء من المحافظ لرئيس الحى وليس لى أنا !! وعندما تحدث معى رئيس الحى كان بشكل (أستشارى) فقط عن كيفية نقل التمثال والاستعانة فقط بعمال لفك الصواميل الأربعة المرتكز عليها التمثال على أن يتولى هو الباقى وقد حذرته من استخدام البلدوزر خشية أن يتم ما حدث, لكنه لم يستجب وتم إنزال التمثال فى وجوده هو وبأشرافه وباستعانته بموظفى وعمال وبلدوزر الحى. وكان عليه الاستعانة بمتخصص فنى لذلك.
مهمتنا ثقيلة ومتشعبة
وبعد تبادل الاتهامات بين مسئولى المحافظة والتراخى فى التعامل مع الأمر بجدية ومهنية من البداية, يبقى السؤال وأين دور اللجنة التى شُكلت خصيصاً لمثل هذه الأمور.. يقول المهندس «محمد أبو سعدة» رئيس جهاز التنسق الحضارى: تتولى اللجنة مراجعة الأعمال الفنية من تماثيل أو لوحات جدارية أو أى منحوتات مطلوب تنفيذها فى كافة محافظات الجمهورية, وعرضها تقريراً بنتائج أعمالها على وزير الثقافة, وعلى اللجنة الاستعانة بمن تراه من ذوى الأختصاص لأداء مهامها.
وتابع: «بالفعل خاطبنا العديد من المحافظات بشأن الأعمال السيئة المعروضة بها واستجاب المحافظين بإزالتها أو تعديلها، كما وضعنا معايير للتعامل مع الفراغات العامة طبقا لقانون 144 الذى ينظم التعامل مع المناطق والمبانى التراثية والفراغات العامة فى مصر».وأخطرنا بها الوزارات كوزارة التنمية المحلية كذلك محافظات الجمهورية.. ويعلق أبو سعدة على الواقعة الأخيرة لتمثال «عبد المنعم رياض» ببورسعيد: لم تبلغنا المحافظة بقرار نقله أو رغبتها فى الاستعانة بمتخصص للإشراف على المهم. والمفروض أن مثل هذه العمليات لها أسلوب فنى وتكنينك خاص كان المفروض أن يتبع من قبل متخصصين بعمل دراسة تناسب نقل التمثال الفني باحترام, خاصة أنه لشخصية عسكرية لها اجلالها. ولوتم الاستعانة بنا لتمت هذه العملية على أكمل وجه.
مبادرة تجميل الميادين
ويرى «أبو سعدة»: ليس بالضرورة أن يكون بكل ميدان عمل نحتى, فالهدف من الميدان أساسا هو تغيير حركة المرور, وقد يكون فى بعض الميادين من الملائم ترك الميدان مفتوحاً بدون وضع عمل فنى لتسهل رؤية حركة المشاة وحركة المرور.
لجنة الجداريات
وأشارت د.صفية القبانى، عميد كلية الفنون الجميلة بحلون، إلى أنها تسعى للمشاركة بأى مبادرة أو عمل يساعد على محاربة التشوه ونشر الجمال فى كل مكان بمصر.
وأضافت «صفية القبانى» عميد كلية الفنون الجميلة جامعة حلون وعضو (لجنة الجداريات والتماثيل) أنه لابد للمحافظين من التنسيق مع اللجنة برغبتهم فى إزالة أو تطوير الميادين حتى تتمكن من المساعدة والعمل على ذلك. فاللجنة نعمل جاهدة على أعادة النمط المعمارى والجمالى لكل محافظة قبل طمسه.
وتتابع: رصدنا خلال الزيارة تماثيل وجداريات دون المستوى وكتبنا التوصية بإزالتها وبالفعل استجاب المحافظ, مثل تمثال «عروسة النيل» على مدخل سفاجا، كما قمنا بتجميل «ميدان الدهار» وهو أكبر ميدان بالغردقة بتنفيذ أول جدارية, والتى أوكلتها اللجنة إلى الدكتور «شريف هنداوى» أستاذ الجداريات بالكلية، وفريق عمله وقاموا بتنفيذها بتصميم يدل على الهوية الساحلية للمدينة بتكوينات للبحر وما يحتويه من جمال, واستغرق الانتهاء منها ثلاثة أشهر تغير بها شكل الميدان بالكامل. ونحن الآن بصدد تنفيذ «نصب تذكارى» فى سوهاج, وإعادة تنفيذ جدارية مشوهة فى أسوان.
الونش.. كان الأنسب
ومن جانبه أكد الفنان «طارق الكومى» صاحب التمثال الجديد للشهيد الفريق «عبد المنعم رياض»: لو كنت أعلم بميعاد نقل التمثال لتطوعت بالإشراف على إنزاله بطريقة آمنة دون حدوث أى خسائر. وبدلاً من البلدوزر كان يجب استخدام الونش وربط التمثال وسحبه لأعلى.
رشح طارق لعمل التمثال الجديد قبل ثلاثة أشهر بالإتفاق بين جهاز التنسيق الحضارى ومحافظة بورسعيد ووزارة التنمية المحلية بعد قرارهم تغيير مكانه لوجوده فى نهر الطريق واعاقة الحركة المرورية واستبداله بآخر جديد أكبر حجما ليتناسب مع كتلة الفراغ الكبيرة من حوله ضمن فعاليات تطوير حدائق وميادين محافظة بورسعيد التى يسعى لها ونفذ بعضها بالفعل.
ويطالب حمدي أبو المعاطى نقيب التشكيلين اللجنة بعدم ترشيح فنان أو فريق عمل معين لإتمام أى عمل فنى حتى لا تدخل الوساطة فى الأمر, وأن يكون الاختيار بناء على مسابقة واختيار أفصل تصميم, حتى لا يتم إثارة جدل آخر حول العمل المنفذ بالترشح.