جوليا روبرتس: كن لطيفاً فقط

جيهان الجوهري
فيلم»Wonder «للطفل «جاكوب تريمبلاى وجوليا روبرتس وأوين ويلسون وإيزابيلا فيدوفيتش ينتمى لنوعية الأفلام الاجتماعية الإنسانية.. وقصته مأخوذة من رواية «أعجوبة» Wonder عام 2012 للمؤلفة «آر. جى. بلاسيو»، ولاقت روايتها نجاحًا كبيرًا، خاصةً فى جمعيات ذوى التشوهات الدماغية، التى تضم الأطفال الذين يعانون من نفس مشكلة بطل الفيلم، وتنظم ندوات لهؤلاء الأطفال كنوع من العلاج الجماعي لتحفيزهم على تجاوز المسافة بينهم وبين المُحيطين بهم فى المجتمع.
وحرص صُناع الفيلم على تسمية الفيلم باسم الرواية «أعجوبة» كونه مُتطابقًا مع قصة بطل الفيلم جاكوب تريمبلاى أو «أوجى» الذى تدور حوله الأحداث، الذى ولد بتشوهات خلقية، ألزمت والدته جوليا روبرتس ووالده أوين ويلسون بإجراء عمليات عديدة له حفاظًا على حياته وعلى حواسه، حتى إذا كانت النتيجة «قبح وجهه» بشكل يجعل كُل من يراه ينفر منه.. ومع ظروف الابن الصحية تلجأ والدته للتدريس له بنفسها فى المنزل، بدلاً من المدرسة، وعندما بلغ عشر سنوات تقرر العائلة إلحاقه بالمدرسة، ليتفاعل مع المجتمع من خلال زملاء الدراسة.
ملامح عجوز ووجه طفل
يبدأ جاكوب تريمبلاى «أوجى» بالتخلى عن الخوذة التى كان يرتديها لتخفى قبح وجهه، ليبدأ مرحلة مواجهة المجتمع بملامح رجل عجوز وصوت طفل.. الصدام الحقيقى لجاكوب تريمبلاى «أوجى» كان مع زملاء الدراسة.. الجميع كان يرفض مُجرد مُصافحته باليد، اعتقادًا منهم أنه سينقل لهم عدوى، لم يلتفت أحد لذكائه إلا من خلال الاختبارات الشفهية بالمدرسة وعندها بدأ زملاؤه يتقربون منه بحذر.. تفاصيل كثيرة ومؤثرة تُحطم قلبك، وتضبط نفسك وأنت تبكى وتضحك مع بطل الفيلم، بل تتعلم منه مواجهة إحساسك بالانزعاج لأنك مُختلف عن الآخرين، من خلال الجمال الداخلى الذى يطغى على الشكل الخارجى، وكيف تستطيع كسب من حولك بأن تكون «لطيفًا».
«جوليا روبرتس» تألقت فى دور الأم التى تعافر من أجل دمج ابنها مع المُجتمع. وجسدت الشخصية بواقعية شديدة، وظهر ذلك فى طريقة أدائها للشخصية بصدق ودعمتها بالشكل الخارجى، حيث ظهرت طوال أحداث الفيلم بشكل بسيط للغاية يعكس تضحياتها بكل شىء على المستوى العام والخاص من أجل حياة طفلها المشوه.
«جاكوب تريمبلاى» يلمس القلب والروح بصوته الطفولى ونظرات عينيه، والطريقة التى يسرد بها مُعاناته، خاصةً فى بداية الفيلم وهو يرتدى خوذة أشبه بخوذة راكبى الموتوسيكلات لإخفاء وجهه ليثير لديك شغف رؤية ما تخفيه هذه الخوذة.
نجاح جاكوب تريمبلاى «أوجى» فى فيلمه» Wander» وتخليه عن وسامته أكد على موهبته التى ظهرت بقوة العام الماضى عندما لعب بطولة فيلم «Room» وحصل على أكثر من جائزة عن دوره بالفيلم.
زملاء «جاكوب تريمبلاى» فى المدرسة لعبوا أدوارهم بمُنتهى الروعة ونجحوا فى تجسيد شخصيات مُتباينة تجاه زميلهم «المشوه»، لتأتى الكلمة التى يريد أن يوصلها صانعو الفيلم والمنقولة عن الرواية الأصلية للمولفة «آر. جى. سيليو» على لسان مُدير المدرسة «ماندى باتينكين» عندما قال للطالب «برايس غيزار» المستقوى على «جاكوب تريمبلاى»: ظروف «أوجى» لن تتغير، لذلك لابد أن تتغير أنت باختصار «إذا خُيرت بين أن تكون على حق أو تكون لطيفا فاختر «اللطف»، وهى قيمة تتسم بالسمو وتحتاج لتدريب جيد للكبير والصغير.
لا نستطيع تجاهل الشخصيات الفرعية التى أحاطت ببطل الفيلم مثل شقيقته «إيزابيلا فيدروفيتش» وصديقتها «دانيال روز»، الأولى لعبت الدور بتفهم لأبعاد الشخصية المحورية لشقيقها «أوجى»، فجاء أداؤها مُقنعًا، والثانية لم يخدمها الخط الدرامى بها وبوالدتها فى الفيلم فانعكس على أدائها.
المخرج ستيفن تشبوسكى الذى شارك فى كتابة السيناريو مع ستيف كونراد، مثلما فعل فى أكثر من فيلم، لاهتمامه بتناول فترة المُراهقة بمُعظم أفلام، يحسب له إدارة هذا الكم من الأطفال بجانب النجوم الكبار.
موسيقى الفيلم لمارسيلو زارفوس جاءت مُعبرة ومتوافقة مع الفيلم.
وأخيرًا.. يستحق فيلم»wonder» المشاهدة لأنه يحمل العديد من الرسائل المهمة: كيف تختار أن تكون لطيفًا إذا خُيرت بين «الحق واللطف»، الاختلاف عن الآخرين لا يعنى الانعزال عنهم، والنظر لجمالك الداخلى دون النظر لإعاقتك التى لم يكن لك ذنب فيها.. اضطهاد الآخر فكرة يرفضها الفيلم، لذلك يبث روح التحدى لجميع الأطراف ويصدر طاقة إيجابية، ليتلاقى الجميع ويعيشوا فى سلام معًا.•