الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الأدوية تتلاعب بآلام الناس

الأدوية تتلاعب بآلام الناس
الأدوية تتلاعب بآلام الناس


رغم وجود نحو 12 ألف شركة دواء حول العالم، فهناك 25 منها فقط تحتكر نصف صناعة الدواء العالمية، وجميعها شركات أوروبية أو أمريكية (مثل باير الألمانية وميرك الأمريكية وجلاسكو البريطانية..) وغيرها.
وتسيطر الشركات - عابرة القوميات - على معظم أسواق الأدوية فى العالم الثالث سواء عن طريق التصدير المباشر أو احتكار مواد التصنيع الأولية، وتبالغ تلك الشركات فى أسعار منتجاتها لتغطية مصاريف الأبحاث والدعاية وعمولات الموزعين.
رفع الأسعار
وفى ظل غياب التأمين الصحى وخفض الإنفاق على العلاج على نفقة الدولة، يقع عبء تدبير تكلفة العلاج على المواطن مباشرة دون التزام الدولة بالواجبات الاجتماعية أو السياسية تجاه مواطنيها، فيما تفاقمت الأزمة بعد قرار وزير الصحة رفع أسعار 3010 أصناف دوائية بنسب تتراوح بين 30 و%50.
ورغم التعهد بأن الزيادات لن تطول أدوية الأمراض المزمنة، فالقرار شمل الأدوية بجميع أنواعها، حيث رضخ وزير الصحة لمطالب شركات الأدوية التى هددت بوقف الإنتاج، وبرر الأمر بأن قرار الرفع سينهى أزمة نقص الأدوية، وهو ما لم يحدث.
96 % مستورد
وقال الدكتور محمود فؤاد، رئيس المركز المصرى للحق فى الدواء، إن الدواء صناعة كبيرة ومن المفترض أن تصل مصر هذا العام إلى 60 مليار جنيه، أى ما يعادل 3 مليارات دولار حصيلة إنتاج هذه الصناعة، فمصر هى السوق الكبرى فى الوطن العربى وفى منطقة الشرق الأوسط كله وفى أفريقيا أيضا.
 لكن 96 % من الأدوية التى تستهلكها مصر يتم استيرادها من الخارج، وبالتالى فإن سعر الدواء يرتبط بسعر صرف العملات الأجنبية، فصناعة الدواء بداية من المادة الفعالة انتهاء بالكرتون والزجاج المتمثل فى العبوات حتى الأحبار التى يكتب بها النشرة كلها استيراد من الخارج.
وأضاف: «نستورد من الخارج الأدوية غير المتوفرة فى دول العالم الثالث والتى ترتبط بالأمراض المزمنة مثل أمراض الدم والأمراض المتعلقة بهرمونات السيدات، فمصر تستورد بقيمة 2 مليار جنيه و 600 مليون ما بين مواد خام وأدوية كاملة التصنيع من الخارج، أى ما يعادل نحو 300 مليون جنيه شهريا».
هامش ربح %400
وشدد «فؤاد» على أنه بالفعل يوجد «مافيا» للدواء، فهناك شركات تسيطر على السوق وبعض أصحابها يؤثرون فى صناعة القرارات، فمنهم من هو مستشار لوزير الصحة أو قريب لأحد المسئولين فى الحكومة، وبالتالى يؤثرون مصالحهم لكى يحققون أرباحا لشركاتهم، وإذا تحدثت معهم عن نقص الدواء يجيبونك: ألا يهم أن يكون الدواء ناقصا، ولكن المهم أن يكون موجودا فى الأسواق، ومن هنا يبدأ تقليل الإنتاج لبعض الأدوية من أجل زيادة سعرها، فالعديد من الشركات تضع لنفسها هامش ربح من الأدوية %400.
وتابع: «يمكن أن نجد نوعين من العقاقير يتم تركيبهما بنفس المادة الفعالة ولكن الاسم التجارى مختلف ونجد أن دواء يباع بـ 20 جنيها والآخر نفس المادة و لكنه يباع بـ50 جنيها، فإذا بحثت عن تفسير لن تجد غير أن اللجنة التابعة لوزارة الصحة هى التى وافقت على هذا التسعير، لذلك مصر تحتاج إلى هيئة عليا للسياسات الدوائية تكون مستقلة عن وزارة الصحة لأنه لا يصح أن تكون الوزارة هى الخصم والحكم وعلى أن تكون للهيئة شخصية اعتبارية، فلا يصح أن يكون نسبة أرباح هذه الشركات أكثر من 30 %، وهى النسبة المتعارف عليها دوليا».
احتكار القلة
وأضاف أن مالكى السلاسل الكبيرة أعضاء بغرفة صناعة الدواء ومن ثم فهم يحظون بعلاقات كبيرة فى وزارة الصحة ويستغلون ذلك لمصالحهم.
وقال الدكتور على عوف، رئيس شعبة الأدوية بالغرفة التجارية إن  %90، من سوق مصر فى يد 30 شركة، أما باقى الشركات فتتحكم فى %10، فقط.
وشدد على أن صناعة الدواء سلعة استراتيجية وأمن قومى ولا يجوز أن تتحكم فيها 30 شركة فقط لأنها لو اتخذت قرارا بوقف الإنتاج ستحدث مشكلة كبيرة، فضلا عن أن هذه الشركات عادة ما تضغط لتحريك السعر وزيادة أسعار أدويتها.
وتابع أن كل وزير جديد يأتى يغير قرارات الوزير الذى سبقه ويلجأ الوزراء إلى رجال الأعمال لحل أزمات الدواء فتكون النتيجة أن كل القرارات التى يتم اتخاذها تكون فى خدمة مصالح رجال الأعمال والكيانات الكبيرة بما يؤكد أننا بصدد مشهد احتكارى. •