الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

رعـب المستأجرين.. من حرب الشقق

رعـب المستأجرين.. من حرب الشقق
رعـب المستأجرين.. من حرب الشقق


بعد إحالة القانون للمحكمة الدستورية وقيام وزارة الإسكان بوضع بدائل لهذا القانون اشتعلت أزمة السكن فى ظل وجود 5 ملايين شقة مغلقة و1221 منطقة عشوائية يسكنها آلاف المواطنين البسطاء.. المالك والمستأجر يتبادلان الخلاف حول من الظالم والمظلوم، والكل يدور فى فلك واحد والنهاية تخبط وعدم وضوح الرؤية فى قانون المسكن الجديد والمستأجرون فى حالة حيرة وخوف من المستقبل ولكن فى النهاية المواطن هو الضحية.
 
دقت الأزمة المشتعلة حول قانون الإيجار القديم ناقوس الخطر، مما ينذر بكارثة جديدة بطلها البسطاء والمهمشون الذين يطالبون بأبسط حقوقهم فى الحياة وهى «المسكن» فالأزمة تتفاقم يوما بعد يوم ولا تجد حلولا طوال السنوات الماضية بالرغم من الحكومات المتعاقبة، فضلا عن عشوائية القوانين والتشريعات، أما الحلول فلا ناصر لها فى مصر حتى الآن، وهو ما فاقم الوضع الحالى لأزمة الإسكان بما فيها قوانين الإيجارات المختلفة، فقد كان أول قانون ينظم الوحدات السكنية فى مصر فى عام 1920 وفى عام 1986 تم تعديل القانون 64 بالقانون رقم 133.
المشهد فى أزمة الإسكان شديد القتامة.. الملاك المؤجرون يشكون ويتظاهرون ويرفعون راية من الظالم والمظلوم وينظم المتضرر منهم وقفات احتجاجية، مطالبين بتعديل قوانين الإيجار التى تقف فى صالح المستأجر على حساب المالك، والمستأجرون خائفون وحائرون، يترقبون إلغاء قانون الإيجارات القديم فى أى وقت، ويقف بينهما المحترقون بنار الإيجار الجديد، وفى خلفية المشهد المتفرجون وهم البسطاء الذين لا يملكون سوى قوتهم اليومى.
 
∎ استغلال!!
 
 هناك 5 ملايين شقة مغلقة 1221 منطقة عشوائية متكدسة بالسكان، ورغم كل ذلك فالدولة توقفت عن إنشاء سكن للفقراء وتركت المجال للقطاع الخاص فهذا القطاع لم ينشئ إلا الإسكان الفاخر الفايف ستار وتجاهل إسكان محددوى الدخل، وفى ظل الأزمة المشتعلة بين جميع الأطراف خرج علينا وزير الإسكان طارق وفيق قائلا: إن الدولة مسئولة عن دعم الفئات محدودة الدخل فى توفير السكن الخاص لهم، مشيرًا إلى أن وزارة الإسكان مستمرة فى مشروع الإسكان الاجتماعى خلال الخمس سنوات المقبلة والذى يستهدف إقامة مليون وحدة سكنية. وأشار إلى أن ساكنى الإيجار الجديد الشاكين دائما من عدم الاستقرار الأسرى واستغلال أصحاب العقارات لهم، برفع قيمة الإيجار، أو طردهم من الوحدة، فور انتهاء المدة الزمنية، التى لا تزيد عادة على 3 سنوات، فى ظل عجز متوقع فى عدد الوحدات السكنية للعام المالى 2013 - 2014 قد يصل إلى 951455 وحدة، حسب الأرقام الرسمية لوزارة الإسكان، مما يتطلب توفير 20 مليار جنيه استثمارات من القطاع الحكومى، على أساس أن تكلفة الوحدة 100 ألف جنيه، و50 مليارا من القطاع الخاص، لتنفيذ مشروعات سكنية على مساحة 25,8 مليون فدان.
 
∎ تباين!
 
 
ومن هنا تباينت آراء المواطنين فقد قال الحاج محمود عبد العال -55 سنة - موظف يمتلـك عقــارا فى الحلمـيــة الجديــدة 6 طوابــق لا يتحصل من هذا العقار سوى على 100 جنيه شهريا من 13 شقة فكل شقة لا يتعدى إيجارها شهريا 5,7 جنيهات، بالإضافة إلى أن أبناءه الخمسة يسكنون فى شقق إيجار جديد يبدأ إيجار الشقة من 1000 جنيه حتى 1500 جنيه وفى مناطق عادية وتقترب من المناطق العشوائية، أما الشقق التمليك فوصلت إلى ملايين الجنيهات فأقل شقة بلغت نحو نصف مليون جنيه!
 
ويرى أحمد ابراهيم 33 سنة - محاسب - صاحب أحد العقارات المؤجرة بالنظام القديم بمنطقة السيدة زينب أن إيجار الشقة الواحدة لدى عقاره المكون من 5 طوابق بواقع 10 شقق مساحة كل منها 120 مترا مربعا 30 جنيها، وبالتالى يصل الإيجار المحصل شهريا إلى 300 جنيه إلا أن بعض المستأجرين تخلوا عن شققهم بالعقار فقام باستغلالها بتأجيرها بنظام الإيجار الجديد بواقع 900 جنيه للشقة الواحدة شهريا. كان من الطبيعى أن يتناقض حديث المستأجرين عن حديث الملاك، فالمستأجر راض تماما عن هذا القانون الذى لا يكلفه عبئا ماليا كبيرا كما هو الحال بالنسبة لشقق الإيجار الجديد.
 
ويؤكد محمد مجدى -03 سنة - مهندس- أن المغالاة فى أسعار الشقق هى أزمة يمر به كل شاب فالإيجار القديم هو الحل الأمثل أمامنا لأن أسعار التمليك لم تعد فى متناول محددوى الدخل، أنا أعمل فى إحدى الشركات الأجنبية وراتبى الشهرى لا يزيد على 1300 جنيه فكيف أدفع إيجار شقة قانون جديد يصل إيجارها إلى 900 أو 1000 جنيه فهذا ظلم!
 
∎ الدراسة!
 
وفى هذا الإطار أكدت المهندسة نفيسة هاشم رئيسة قطاع الإسكان والمرافق بوزارة الإسكان أن المناقشات المدرجة فى قائمة أعمال اللجنة المشكلة لدراسة تعديل قانون الإيجارات القديمة تتضمن الأحزاب السياسية القائمة، بالإضافة إلى تنظيم جلسات استماع لطرفى العلاقة من الملاك والمستأجرين على حد سواء، وممثلى الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدنى، متوقعةً انتهاء اللجنة من صياغة المسودة النهائية لقانون الإيجارات قبل نهاية أبريل المقبل، نافية سعيها لإصداره بمرسوم رئاسى.
 
وأضافت م. نفيسة: إن وزارة الإسكان تسعى للوصول إلى حلول تشريعية تُحدث توازنا بين طرفى العلاقة الإيجارية، مع التزام الدولة بمراعاة الشرائح غير القادرة من المستأجرين، مؤكدة أن «الإسكان» لديها قاعدة معلومات بها كل الآراء والمقترحات، وعدد من مشروعات القوانين المقدمة فى نفس الملف، وفور الانتهاء من التعديلات ستعقد اللجنة جلسات استماع لكل المهتمين بهذا الشأن، ليحدث توافق مجتمعى على القانون قبل تقديمه إلى البرلمان المنتظر لإقراره.
 
∎ العجز!
 
ومن جانبه يرى عمرو حجازى المنسق العام لجمعية المتضررين من قانون الإيجارات القديمة أنه لابد من تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر تماما، مسجلا اعتراض الجمعية على اللجنة التى شكلتها الوزارة لبحث قانون الإيجارات القديمة، وتجاهل اللجنة للجمعية بصفتها داعماً لحقوق ملاك الإيجارات القديمة.
 
 ويشيد حجازى بآراء الدكتور نصر فريد واصل، مفتى الجمهورية الأسبق، التى تدعم تعديل قانون الإيجارات القديمة، ووقوفه مع قضية ملاك العقارات، متهماً من يعملون مع وزير الإسكان الحالى بأنهم من كانوا يعملون مع وزراء إسكان النظام السابق.
 
وأكد أن الجمعية تسعى لأن تعود إدارة المالك على أملاكه المؤجرة للغير، وتطبيق ما جاء فى القانون 4 لسنة 96، وبناء على ذلك يتم إبرام عقود جديدة بين المالك والمستأجر دون تدخل الدولة؛ لأن تدخلها خلق أزمة فى الإسكان بسبب خوف الكثيرين من إيجار عقاراتهم، مما أدى لارتفاع الإيجارات وتعليق 4 ملايين وحدة، بسبب ازدواجية القانون؛ لأن الدولة جعلت الموضوع «خيريا» وليس استثماريا.
 
∎ الثقافة !
 
وأشارت الدكتورة عالية المهدى- عميدة كلية اقتصاد وعلوم سياسية جامعة القاهرة - إلى أن الثقافة السكانية مطلوب تغييرها لدى فئات المجتمع، مشددا على ضرورة تأصيل ثقافة جديدة ترسخ مفهوم «الحراك السكانى»، الذى يعتمد على الإيمان لدى الشباب، بالاكتفاء بوحدة سكنية صغيرة فى بداية حياتهم الزوجية، ثم تنتقل لأخرى أكبر، مع ضرورة أن تكون هناك ثورة فى التشريعات تواكب الثورة السياسية التى حدثت، لإعطاء تطمينات للملاك، حتى يوافقوا على إيجار وحداتهم، لذلك لابد من تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر وفقاً لضوابط معينة تمنع استغلال أحد الطرفين للآخر، مشيرة إلى أن من ضمن المقترحات أن تتناسب قيمة الإيجارات مع السعر السوقى للوحدة وتحسب على أساس موقعها ومساحتها ووضع سقف معين للإيجارات لكل منطقة يلتزم به أصحاب العقارات، لذلك لابد من وضع عدة مقترحات صحيحة على أسس سليمة، لعل أهمها تقديم الدولة دعما للمواطنين الذين تزيد قيمة إيجاراتهم على 25٪ من دخلهم.
 
وأشارت د. عالية إلى أن قوانين الإيجارات المطبقة لا تتناسب مع التغيرات فى دخول المواطنين، فالعلاقة بين المالك والمستأجر غير منضبطة، ولابد فيها من خاسر.
 
وأضافت أن قانون الإيجار القديم غير مناسب، وفى الوقت الذى يبلغ إيجار شقة كبيرة فى جاردن سيتى 02 جنيها، ويقطنها وكيل وزارة أو مدير عام، تسكن خادمة متواضعة شقة صغيرة فى بولاق الدكرور إيجارها 053 جنيها، وما حدث للسوق العقارية نتيجة تداعيات الثورة انتكاسة، فالقطاع العقارى لم يتأثر بجميع الصدمات التى أصابت القطاع بالعالم الخارجى، إلا أن الأحداث التى صاحبت الثورة من عدم استقرار وانفلات أمنى، أدت إلى توقف كامل فى السوق العقارية، فنحن بحاجة إلى 004 ألف وحدة سكنية سنوياً، لتغطية حجم الطلب على السكن بالنظر إلى العوامل التى تؤدى إلى زيادته سنوياً؛ حيث تشير الإحصاءات إلى حدوث ما يقرب من 006 ألف حالة زواج سنويا، منها 003 ألف حالة فى المدن، بالإضافة إلى 05 ألف وحدة سكنية تحتاج سنوياً إلى الاستبدال، فضلاً عن الوحدات اللازمة لتلبية احتياجات المهاجرين من الريف إلى المدن.