الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

خطط المنتجين والمخرجين لتفطيس المبدعين

خطط المنتجين والمخرجين لتفطيس المبدعين
خطط المنتجين والمخرجين لتفطيس المبدعين


تتبقى مافيا الوسط الفنى هى الأكثر إثارة لما تحمله من كواليس متنوعة.
أقوى صور المافيا الفنية فى الدراما التليفزيونية تبدأ من المُنتجين، فبعضهم يريد تصعيد اسم مُعين ليكون «نجما» بتوافر شروط غريبة فى هذا الاسم، تضمن لهم معادلة ربح لانهائية.
 
نجم فاشل
 يعتبر فشل المُمثل فى أكثر من بطولة تصدر من خلالها الأفيش السينمائى من أهم الشروط لصناعة نجوميته فى التليفزيون، ليضمن المُنتج تنازلا مُحترما فى الأجر من هذا النجم المزيف الذى يسعى للتواجد بأى صورة.
وتتنوع هنا الأسماء فقد يكون مُطربا حقق قدرا من النجاح وسط المُطربين أو مُمثلين لعبوا أدوار البطولة الثانية ونجحوا فيها، لكن  بالفهلوة والعلاقات استطاعوا إقناع بعض المُنتجين - وغالباً يكون المُنتج جديدا - بإنتاج أفلام لهم ليصدر الجمهور قراره بفشل هذا الاسم سينمائيا. ليأتى سؤال هل هذه الأسماء حققت نجاحا فى الدراما التليفزيونية ولماذا يسعى الطرفان (المُنتج والنجم المُزيف) لتكرار التجربة؟
 مبدئيا معروف فى الوسط الفنى أن المقياس الحقيقى لنجومية المُمثل لايكون من خلال الدراما التليفزيونية، لغياب (جمهور السينما) الذى يذهب بإرادته لدفع ثمن تذكرة الفيلم سواء كان الفيلم  تُجارياً أو فنياً.
 فعندما يسقط الجمهور أفلاما مُتتالية لأنصاف موهوبين معروفين جيداً فى الوسط الفنى، ونجد نفس الأسماء مفروضة على الناس فى بيوتها فهذا ليس دليلاً قاطعاً على نجاحهم تليفزيونياً.
الأمر فى النهاية تحكمه مصلحة مُتبادلة بين الطرفين (نجم المُزيف والمُنتج).. الأول سيكون متواجدا على الساحة، مُقابل تخفيض أجره، أو فهلوته وعلاقاته الجيدة ببعض القنوات لشراء مُسلسلاته أوكلاهما معا، وبالتالى لا يخسرالمُنتج لأنه سيستطيع بيع المُسلسل لأكثر من قناة فضائية، ليستمر الحال إلى مالا نهاية.
التشنيع
 أسوأ ما فى الوسط الفنى «حرب التشنيع على المُمثل» حتى لاتسند له شركات الإنتاج أى أعمال لمُجرد أن هذا المُمثل تجرأ واعتذر عن عمل مع ُمنتج كبير لأسباب قد تكون منطقية أو لا.
 هنا تعتبر الجهة الإنتاجية حرية الاعتذار، عن عمل ما أمراً لايجوز مع النجوم الجُدد، ولابُد من التشنيع عليه بأنه شخص غير مُلتزم فى مواعيد العمل ومغرور، وله طلبات  تقترب من طلبات نجم أكبر منه اسماً وموهبة، فلانجد لهذا الاسم تواجدا قويا على الساحة رغم أن هناك من هم أقل منة موهبة تُصنع لهم أفلام ومسلسلات.
تفطيس الكبار
 لم نعد نرى مسلسلا يحمل اسم مؤلف كبير إلا نادرا وقد يتواجد المؤلف الكبير بعمل كُل عامين وأحيانا أكثر، ومن يتواجد منهم سنويا بعمل درامى يستبعد عرض مُسلسله خلال شهر رمضان، ليعرض فى موسم آخر بالفضائيات. ما يعنى أن معظم شركات إنتاج المُسلسلات اتفقت على  «تفطيس» كبار مؤلفى الدراما التليفزيونية، لتوفير أجورهم والاستعانة بكُتاب شباب تحت قيادة مُشرف، وأكبر مُنتجى الدراما التليفزيونية لديهم ورش دائمة للكتابة، بحيث يكتب كل مشارك حلقة أو خطاً درامياً مُعيناً، وفى النهاية يجد المُتفرج نفسه أمام مسلسل قد يكون جيدا ويحقق نجاحا كبيرا، لكن تضيع حقوق الملكية الفكرية، فلا نعلم من هو المُبدع بالتحديد وما هى وظيفة المُشرف على الكتابة بالضبط وهل كتب أم لا؟!
وحوش الإخراج
بعض مُخرجى الدراما التليفزيونية يفرضون على الوجوه الجديدة الالتحاق بورش تمثيل مُعينة تابعة لهم مُقابل ضمهم للعمل فى المُسلسلات التى يخرجونها، وفى ذات الوقت يحصل كُل مُخرج  على 50 % من أجر المُمثل بهذا العمل. وتضطر الوجوه الجديدة للموافقة مقابل الحصول على فرص فنية تتيح لهم الانتشار الفنى.
وبعض المُخرجين يفرضون سطوتهم ويشترطون على الجهة المُنتجة للمسلسل الجمع بين الإخراج ووظيفة المُنتج المُنفذ ليحصل على أجرين، مُعتمدا فى ذلك على امتلاكه لوحدات كاميرا، وهنا يصبح المُخرج مسيطرا على المُسلسل من الألف للياء.
ابتزاز
لاينكر أحد من الوجوه الجديدة تعرضهم للابتزاز المادى من مُديرى الإنتاج خاصة فى الإنتاج الحكومى (قطاع الإنتاج بالتليفزيون وصوت القاهرة ومدينة الإنتاج)، فإذا حرص مُمثلو الصفين الثانى والثالث على «مُراضاة» مُدير الإنتاج الحكومى ماديا، يضمن لهم فُرص عمل تُتيح لهم الانتشار الفنى، وتمتد سطوة مُديرى الإنتاج الحكومى للتحكم فى رفع أجر المُمثل حيث يشترط مُدير الإنتاج على المُمثل الحصول على نسبة 30 % من أجره مُقابل رفع أجره بجهات الإنتاج الحكومى والمُمثل يوافق.
السينما
سياسة تطفيش كبار مؤلفى الدراما التليفزيونية امتدت لكبار مؤلفى ومُخرجى السينما مع الاختلاف فإذا كانت بدعة ورش الكتابة للتليفزيون هى وسيلة مُنتجى المُسلسلات من أجل التوفير للميزانية، وتجنب الصدام بين المؤلف الكبير للمُسلسل وبين بطل العمل فى حالة رغبة الأخير  التدخل فى الإبداع المؤلف، فإن شركات الإنتاج السينمائى تتبع أسلوب عمل بآلية مُختلفة تضمن لهم عدم اختراق كبار مؤلفى ومُخرجى السينما لهذه الشركات أساسا.
ويحضرنى هنا قصة حقيقية لسيناريست شهير، صاحب رصيد سينمائى وتليفزيونى مُتميز، كان لديه أكثر من سيناريو، ومن يأسه عرض أحد هذه السيناريوهات على مُمثلة ليس لها رصيد سينمائى يُذكر لكنها تعمل فى شركة إنتاج كمُنتج مُنفذ وكانت وجهة نظر السيناريست أن يعطى لهذه المُمثلة أحد الأدوار بفيلمه مُقابل أن توصل فيلمه للمسئولين فى شركة الإنتاج، وبالفعل فى اليوم التالى مُباشرة من وصول سيناريو الفيلم للمُمثلة فوجئ السيناريست بمكالمة من المُمثلة تشيد بالفيلم وكتابته - وهو بالفعل جيد بشهادة كُل من قرأه - واختيارها لأحد الأدوار وعلى وعد منها أنها ستوصله للمسئولين بشركة الإنتاج، انتظر السيناريست أسبوعين ثم كلم المُمثلة وقالت له إنها سلمت السيناريو للشركة وكونها تعمل كمُنتج مُنفذ لايعنى أنها تشارك بكل أفلامهم التى ينتجونها، وانتهى الموضوع بين السينارست والمُمثلة.
واضطر المؤلف أن يتابع بنفسه هاتفياً المراحل التى عليها فيلمه وكان الرد مابين مش لاقيين الفيلم ثُم وجدوه ثُم اللجنة تقرأه ثم الشركة لاتنتج هذه النوعية من الأفلام غير الجماهيرية، والمُثير أن الشركة أنتجت أفلاما فيما بعد فى غاية السوء.
واضح طبعا من القصة أن كل شركة إنتاج لديها «حرس» غامض مُهمة أفراده وضع حائط سد أمام مؤلفى السينما الكبار لمُجرد أن هذه الأسماء مش مفروض يظهر لهم أى عمل فنى.
السبكى
أغلب الأفلام التى يتم إنتاجها حالياً تحمل توقيع محمد السبكى أو شقيقه وأمام سيطرتهما على الإنتاج السينمائى يستطيعا الاستعانة بأى اسم يريدونه مهما كان حجم اسمه الفنى.
ولذلك سنجد أغلب وكبار المُمثلين يتعاونون معهما، رغم الضغوط التى يمارسها محمد السبكى وشقيقه أحمد فى تخفيض أجور المُمثلين. ولعل الفيديو الشهير على اليوتيوب الذى يظهر فيه أبطال فيلم «حرب كرموز» وهم يدعون على محمد السبكى «حسبى الله ونعم الوكيل» بعد توقيع كل منهم على العقد الخاص بالفيلم دليل على ممارسة السبكى للى ذراع المُمثل ليخفض أجره حتى إذا بدا الأمر فى الفيديو أنها دُعابة من أبطال فيلمه.
أما أشهر حالة ظهرت فيها المافيا السينمائية كانت من خلال فيلم «أحلى الأوقات» الذى عرض عام 2004 ففى هذا الوقت ظهر التكتل السينمائى الشهير للثلاثى «محمد حسن رمزى ووائل عبدالله وهشام عبدالخالق تحت مظلة المجموعة الفنية المُتحدة ضد الشركة العربية للإنتاج والتوزيع التى تملكها إسعاد يونس، والتى تولت توزيع فيلم «أحلى الأوقات» للمُنتج محمد العدل.
وكانت الحرب بين الجبهتين على أشدها وحرصت كُل جبهة على عدم عرض أفلام الطرف الثانى بالسينمات التى يملكونها، وكانت النتيجة عدم عرض فيلم «أحلى  الأوقات» فى السينمات التى تملكها «المجموعة الفنية المُتحدة».
الأصدقاء
 المُثير أن هناك أسماء كبيرة من النجوم والنجمات تركوا أنفسهم باقتناع ورضا لبعض الأسماء الشهيرة لكى يقرأوا لهم الأعمال التى تُعرض عليهم بل التدخل فى كتابة المؤلف الأصلى للعمل، اعتقادا منهم أن هؤلاء الأصدقاء المُستشارين يقدمون لهم خدمة لايُستهان بها.
ومن يتأمل الأعمال التى تم تنفيذها بناء على نصائح  هؤلاء الأصدقاء المُستشارين ستجدها من أفشل أعمالهم.. ويحضرنى هنا الصداقة التى جمعت بين أحمد زكى  وبين الكاتب الكبير على سالم وكان «زكى» يرسل السيناريوهات التى تعرض عليه لعلى سالم ليُبدى رأيه ويختار منها لأحمد زكى، وعندما نفذ أحمد زكى هذه الأفلام وجدها لم تحقق النجاحات التى اعتاد عليها ووجد نفسه يتخبط سينمائيا، ولم يجد بديلا سوى أن يعمل بدماغه، فاستعاد نجاحاته، مع «زوجة رجل مُهم» للكاتب والسيناريست الكبير رؤوف توفيق و«الهروب» لوحيد حامد و«الإمبراطور» وغيرها.
هنا أحمد زكى كان يملك القوة والقرار اللذين دفعاه ليعمل وفقاً لحسه ووعيه الفنى. على عكس نجومنا الحاليين الذين يعملون فى دائرة تحكمها مافيا مكونة من  مُستشارين وبعض الأصدقاء، دون النظر لتجارب النجوم العالميين الذين يكون لديهم وعى فنى تجاه أنفسهم ويسعون للعمل مع مُخرجين بعينهم أو يكون الممثل لديه فكرة فنية مُعينة ويريد تنفيذها بشكل مُعين. •