الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

سلام على الأستاذ طوغان

سلام على الأستاذ طوغان
سلام على الأستاذ طوغان


الكاريكاتير ده  محدش عارف قيمته وتأثيره . ده بيسقط انظمة ويقتل فاسدين ويصنع تاريخاً . كنت مندهشاً وأنا أسمع هذا الكلام . وأكمل . شفت صلاح جاهين كان بيعمل إيه . شوف دلوقتى مصطفى حسين بيعمل إيه فى الأخبار . كنا فى منتصف التسعينيات والأستاذ أحمد طوغان يقول لى هذا الكلام . ويجلس بجانبى صديق العمر ابنه وليد طوغان الكاتب الفذ فى صباح الخير الآن . كان وليد على ما يبدو معتادا على هذا الكلام . يسمعه كل وقت . وكنت مندهشا لأنى أجلس أمام هذا الرجل الفذ.
الخجول الطيب الموهوب موهبة فطرية . والعميق سياسيا . الأستاذ طوغان كان فنانا وسياسيا وثوريا من طراز فريد . فقد شد رحاله وسافر ليشترك فى ثورة الجزائر . وعاد لمصر . وكان صديقا حميما للرئيس أنور السادات . ومن يصادق داهية سياسية كالسادات تعرف أنه لا يقل دهاء عنه . هكذا كان السادات فى اختيار اصدقائه . وكنت أراه يجلس بجانب عمنا الكبير محمود السعدنى كأنه الأخ الأصغر . وقال الأستاذ طوغان لى فى حضرة الولد الشقى .  طالما محمود موجود فأنا أشعر بالأمان . ولى ظهر . الاستاذ محمود السعدنى كان ظهر لنا جميعا ولكل الموهوبين . وغمز لى الاستاذ السعدنى وقال شفت يا واد . قلت شفت . وعاد بصرى للاستاذ طوغان . اتأمله . رجل طويل القامة وبملامح مصرية طيبة . بعيون مخلوقة حزينة . وبها بريق . تلتقط عينيه كل صغيرة وكبيرة . حاضر الذهن ومتلق ومستمع وكلامه قليل . وعندما يتحدث فحديثه مرتب ومنظم ومكثف ودقيق . فى بيته فى وسط البلد حيث كنت كثير التواجد مع وليد . كنت أراقبه وهو يرسم . كأنه فى محراب . كانه يصلى . تشعر كانه يقدس عمله ورسمه . يحتضن الفرشاة بين أصابعه بحنان وينحنى على اللوحة البيضاء . ويبدأ يرسم . وقبل أن يبدأ تراه حيراناً قلقا كأنه مقبل على عمل عظيم . طلبت منه ذات يوم لوحة كاريكاتورية عظيمة وعبقرية . لممثلى الحكومة وأمامهم المواطن فى الشارع . وممثلى الحكومة يقسمون ملابسه والممثل الأخير يقول يعنى انا اللى هاخد .... وكان المواطن يرتدى ملابسه الداخلية السفلى فقط . كاريكاتير عبقرى وعميق . ووعدنى ان يهدينى أصل الرسمة . وشعرت أنه سيعطينى قطعة من جسده أو أحد ابنائه . فقد كان يعطى للوحة . كل لوحة قطعة من جسده . ومن روحه ومن خبرته ومن آلامه . فى كل رسمة من رسومات الأستاذ طوغان . كان همه متاعب المواطن المصرى المطحون البائس . وفى كل تعليق على الرسمة هناك مغزى سياسى عميق نابع من تجربة وثقافة وقراءة . ونابع من صدق ووطنية . كانت وصيته الدائمة . العمل المستمر والدؤب هما طريق النجاح . اشتغل . اشتغل كتير . وستصل لما تريد .•