الجمعة 24 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الآنسة حنفى..

الآنسة حنفى..
الآنسة حنفى..


«أنتى لسه سنجل؟»
 بقيت أسمع الجملة دى كتير قوى.. وكلما تقدم العمر كلما تسارع رتمها.. ورغم أنها تسبب لى نوعاً من السعادة و الحرية، لكنى اكتشفت مؤخرا أنها تزعج من حولى، خاصة المقربين لى.

وأحيانا يتحول السؤال إلى شفقة «أنتى لسه آنسة، معلش إن شاء الله عدلك هيجيلك قريب ياحبيبتى، بس أنتى افتحى الباب شوية وركزى، متبقيش عاملة زى الآنسة حنفى كده».
رنت الجملة فى أذنى، وقررت بالفعل أن أكون «الآنسة حنفي» مع الاختلاف «آنسة» فى نفسى و«حنفي» فى تصرفاتى..
منذ يومين دعيت لحضور حفل زفاف إحدى صديقاتى فى أحد الفنادق، ترددت فى البداية لحضور الفرح، بسبب «السخافات» التى أسمعها والتى تتحول أحيانا إلى هجوم لاذع «لكونى لسه آنسه»: وكأن هذا اللقب أصبح سبة على الجبين.
المهم قبلت الدعوة بعد إلحاح من صديقتى، وقبل أن تغلق معى التليفون قالت «مش هوصيكى بقى، الفرح مليان ولاد مزز، متخرجيش منه إلا بعريس فى إيدك، كفاية حياة السنجلة اللى انتى عايشاها دي».. أغلقنا التليفون واعتبرت ما قالته كأن لم يكن.
فى الطريق قال لى سائق التاكسي: «تفضلى يامودام»، ركبت بدون تعليق، وبدأت استبشر ملامح الليلة مع نفسى، وصوت الراجل يقاطعني: يامودام... ياموداااام، حضرتك مقولتيش هنروح على فين.
تمالكت أعصابى وأخبرته بمنتهى الهدوء عن مكان الفندق، ووضعت سمعات التليفون فى أذنى وأنا «أبرطم» مع نفسى «الفرح باين من قبل ما أحضره»، ولم ينته الحديث بيننا عند هذا الحد.. فنظرالسائق فى المرايا وضحك قائلا: أنا آسف فى السؤال: هو حضرتك مودام ولا آنسة، عشان بس الواحد ميتلخبطش فى الكلام.
أجبته باقتضاب: آنسة.
وسأل بمنتهى الفضول: شكلك رايحة فرح يا آنسة ولا تحبى أقولك يا أستاذة.
حاولت أسيطر على حنفى بداخلى، لكنه ظهر فجأة: مش فارقة أى حاجة.
 يكمل بابتسامة تظهر أسنانه التى تشبه أسنان الزومبى المرعبة: عقبالك قريب كده إن شاء الله.. وأنا أسوق لحضرتك عربية زفافك..هههههه..
رددت عليه ملوحة برأسى من الصدمة بالموافقة: إن شاء الله..
سكت للحظة ثم قال: «مش عارف الشباب اتعمى ولا إيه اللى حصل له، أصل ده فى الأول والآخر نصيب يا آنسة ولو عملتى إيه مش هتاخدى غير نصيبك.. سيبك أنتى كده أحسن».
وصلت الفندق، ونزلت جريا من التاكسى ودخلت القاعة، وبعد ما باركت لصديقتى العروسة.. بدأت الوصلة الثانية من «التقطيم» بالكلام فى الفرح من والدتها ومن أصدقائى المتزوجين، شدى حيلك عايزين نفرح بيكي»، «الفرح الجاى يكون فرحك بقى إن شاءالله»، وغيرها من الجمل السخيفة و«التلقيح» ورمى الكلام.
 وهنا استحضرت جملة ياسمين عبدالعزيز فى فيلم 8/1 دستة أشرار، وتخيلت نفسى أخد المايك من الدى جى وأقول بأعلى صوتى «ليه الناس بتدخل فى حياة كل الناس بطريقة تضايق كل الناس»..
أما فقرة رمى البوكية التى يبدأها الدى جى «ياريت أصحاب العروسة الآنسات يشرفونا على البيست» هرولت كل البنات، وظللت أنا جالسة مكانى أتفرج على صراع التقاط البوكيه من العروسة، لأجد من ينغزنى بيده فى كتفى قائلة: «قومى كده أوقفى مع البنات، لعل وعسى ربنا يفتحها ويكون من نصيبك البوكيه».
التفت خلفى لأجدها طنط منى «والدة العروسة»، وسرعان ما وجدت نفسى أرد عليها: «أنا مبسوطة كده ومش هقوم من مكانى، واللى عايزنى ييجى لغاية عندى هنا».. أنا آنسة مع مرتبة الشرف يا تنت»..