الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الحب رزق.. فلا تطفئ الحياة صغيرة على الزواج

الحب رزق.. فلا تطفئ الحياة صغيرة على الزواج
الحب رزق.. فلا تطفئ الحياة صغيرة على الزواج


«وقلتلك ميت مرة، أنا قلتلك ميت مرة، أنا لسه.. أنا لسه.. أنا لسه صغيرة.. أنا لسه صغيرة»!
أتذكر نفسى وأنا طفلة صغيرة تستمع إلى غناء ممثلتها المفضلة، سعاد حسنى، فى فيلمها «صغيرة على الحب» بانبهار شديد لا يتوقف فقط على استثنائية موهبة السندريلا، ولكن يشمل أيضاً عالم الكبار الذى طالما شعرت أننى لا أنتمى له، وأننى لاتزال أمامى قرون من العمر حتى أصبح واحدة من هذا العالم المخيف!

مرت السنوات، والتحقت بالجامعة وأنا ما زلت أشعر بأننى طفلة دخلت عالم الكبار الذين كنت أراهم على الشاشة يرتادون الجامعة بدلاً من المدرسة، ما هوّن ارتباكى هو اكتشافى أن مهابة هذا العالم لا تقتصر عليّ وحدى، فقد وجدت العديد من الأصدقاء يمقتون عالم الكبار وتصرفاتهم وأحاديثهم!
 تخرجت العام الماضى، وأنا لا أستوعب كيف مر الوقت سريعاً هكذا! وجدت الطفلة الصغيرة نفسها فى عالم واسع من الاحتمالات والطرق المفتوحة، وفى هذا البحر الواسع من الإمكانات اللانهائية، أصبح يحاصرني سؤال غريب من نوعه: «مش هنفرح بيكى بقي؟!»
كانت إجابة السؤال بديهية بالنسبة لى بالطبع فى البداية، «ما تفرحوا بيا! إيه اللى حايشكم؟» ولكنى اكتشفت أن هذا السؤال وراءه معنى أكثر خبثاً، وهو التلميح بالزواج!
عايشت الكثير من قصص الحب التى شهدت تفاصيلها أمامى فى الجامعة، منها التى انتهت مع التخرج، ومنها التى توجت بالخطوبة أو بالزواج بعده، ولكن المثير للدهشة هو عدد الزملاء والزميلات الذين تزوجوا بعد التخرج مباشرة كأنما يوجد سباق ما يحاولون التفوق فيه على بعضهم البعض! ربما أكثر ما أدهشنى زواج صديقة المدرسة وإنجابها لطفل.. كل هذا ونحن لم نرسم مسارات حياتنا بعد!
سباق الحياة
أتفهم كثيراً شعور الاحتياج لوجود شريك للحياة، شخص نشاركه أحلامنا وأفكارنا وانتصاراتنا الصغيرة، ونختبئ به من العالم حينما يخيم عليه الوحشية كتلك الأيام. أحلم بالطبع بوجود رفيق وحبيب أسكن إليه ويسكن إليّ وندعم بعضنا البعض فى رحلة نمونا وتحققنا، ونساعد بعضنا فى أن نصبح أفضل نسخة ممكنة من ذواتنا، ولكنى أؤمن بأن الحب رزق، وأن تلك العلاقة لها من القدسية والخصوصية ما يجعلها أهم كثيراً من أن تُبتذل فى علاقة سطحية عادية تطفئ الروح، فقط لتنال رضا المجتمع.
منذ تخرجى، وأنا أشعر بأن الناس ينظرون إلى الزواج على أنه شىء عليهم تحصيله كجزء من النجاح الاجتماعى حتى لا يبدو الشخص وكأنه متأخر فى سباق الحياة! فأصبح الزواج مثل النجاح فى الدراسة، مثل الحصول على العمل، مثل استكمال الدراسات العليا، مجرد مرحلة على الشخص أن يخوضها حتى تكتمل صورته الاجتماعية ويشعر بالتحقق، ليبحث عن المرحلة التالية التى يدفعه المجتمع لتحصيلها! لا ينظر الناس للزواج على أنه اختيار حر وواع لحبيب يرزقنا الله به ولعلاقة تدخل حياتنا لتنيرها، وليس لتصبح هى الحياة كلها!
أعتبر نفسى محظوظة لأنى أنتمى لعائلة لا تربط نجاحى أو تحققى بفكرة الزواج، ولا أشعر أن زواجى من عدمه سيزيدهم فخراً بى أم لا! فأسرتى الجميلة ربتنى على أن تحقق الإنسان ونجاحه يكمن فى مدى قدرته على الحلم وسعيه لتحقيقه، وأن كياننا لا يعنى وصولنا إلى «بيت العدَل»، وإنما يعنى استقلاليتنا وتطورنا وتأثيرنا فى حياة الناس والمجتمع. •