الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

غلاية أنور وجدي

غلاية أنور وجدي
غلاية أنور وجدي


أمام إحدى واجهات وزارة الأوقاف بوسط القاهرة، ستتوقف طويلا أمام أعلى عمارة بالمنطقة، مكونة من من 11 طابقا، والمعروفة بعمارة أنور وجدى، الذى لم يمهله القدر للسكن فيها، فانتهى بناؤها فى نفس عام وفاته 1955.

تستقبلك لوحة رخامية مثبتة على مدخل العمارة رقم 4 بشارع مظلوم بباب اللوق، كتب عليها بالإنجليزية" المعمارى د. جيفا 1955" وهو المعمارى الذى أشرف على بنائها.
ونتيجة خلاف بين أرملة أنور وجدى، الفنانة ليلى فوزى، وأختيه إلهام وسعاد، عينت المحكمة حارسا قضائيا على العمارة، ذات الـ 81 شقة، ليديرها منذ 1959، كما يقول حارس العمارة شمس الدين حسن.
شمس الدين ذو الثمانين عاما، قدم منتصف الستينيات من منشأة العمارى بالأقصر، واحد من ثلاثة حراس كانوا يتناوبون على حراستها، ولهم غرفة فى السطوح حتى الآن، وقد عاصر إلهام وسعاد فى العمارة لشهور، قبل أن يتركاها للسكن فى الزمالك، ولم تكن ليلى فوزى من سكانها.
 وفى النهاية باع ورثة "أنور"العمارة فى 1966 إلى صندوق تأمين ضباط الشرطة، بحسب اللوحة المكتوبة على مدخلها"بسم الله الرحمن الرحيم،فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر، وفى رعاية السيد شعراوى جمعة وزير الداخلية، اشترى صندوق تأمين ضباط الشرطة هذه العمارة بتاريخ 22 ديسمبر 1966، ومثل الصندوق العميد مصطفى كمال سعودى، العضو المنتدب".
المهندس مجدى حسنى، الساكن فى الطابق السابع، والذى سكنت أسرته العمارة فى 1957، وكان لوالده مكتبا بالسادس، لشركته الخاصة  بطباعة المنسوجات، يقول أن العمارة بيعت بـ150 ألف جنيه وقتها، وبمجرد البيع، تم بيع المصاعد الأربعة الخاصة بالخدم، والتى كانت موجودة فى مناور العمارة.
بينما تكلف بناء العمارة الفخمة 250 ألف جنيه، بحسب ماسمع عم شمس، فرخام المدخل وترابيزين السلم والزجاج الذى يزينه، وكل الأدوات الصحية، وبوابة المدخل المصنوعة من المعدن والزجاج كلها مستوردة، واستغرق بناؤها عشر سنوات.
وكان بجانب بانيو الحمامات سلك كما يحكى المهندس مجدى، يشده المستخدم، ليرن جرس لطيف فى المطبخ، ينبه أنه فى حاجة إلى شىء، وأرضيات الغرف من الباركيه البلجيكى الفخم، والشبابيك من الشيش الحصير الذى ينظم دخول الضوء للغرفة، والحيطان من الطوب الأبيض، وبكل غرفة فيشة موصلة بإريل راديو مركزى للعمارة.
كان من سكان العمارة،طارق سليم كابتن النادى الأهلى، وخصص الصندوق المالك للعمارة شقة من غرفة واحدة كاستراحة لزكى بدر، حين كان وزيرا للداخلية، وفى التسعنيات خصصت شقة للواء أحمد العادلى فى الطابق التاسع، رئيس مباحث أمن الدولة وقتها، وكانت المنطقة مليئة بالحراسات، بحسب المهندس مجدى، الذى كان يقابله باستمرار فى المصعد.
الشقة بعشرة جنيه
كان مجدى يشترى وهو متوجه للمدرسة فى الستينيات، عبوة من لبن مصر للألبان بالشيكولاتة، من منفذ الشركة بالعمارة وقتها، كما كان فيها محل جزارة لازال موجودا حتى الآن.
وتتميز العمارة بالغلاية المركزية التى كانت موجودة بالسطوح، وتمد كل الشقق بمياه ساخنة عبر مواسير خاصة، بالاضافة إلى خزانات المياه المبنية بالحجر، والتى لازالت تمد الشقق بالمياه.
فى العمارة أشكال من الشقق، ثلاث غرف وحمامان وصالة، وغرفتان، وبعضها غرفة وحمام وصالة، والسكان القدامى لازالوا يدفعون إيجارا «10 جنيهات»، وبعضها 12 جنيها، حسب تخفيضات لجان الستينيات، وسكان آخرون بنظام الإيجار الجديد، يدفعون5 آلاف جنيه شهريا، وبالعمارة ثلاثة مصاعد بحالها، الصغيران إيطاليا الصنع، وأكبرها صناعة سويسرية ، بباب معدنى بضلفتين، وبحمولة تصل إلى طن تقريبا، محفور عليه  ماركته الشهيرة"شندلر".
جراج ومخبأ
عندما تسلم عم شمس حراسة العمارة، كانت تمر الساعة وأكثر حتى يرى أحد السكان، الآن فالعشرات يخرجون ويصعد غيرهم«لأن بعض الشقق اصبحت عيادات وشركات تجارية، بالاضافة إلى السكان المؤقتين من العرب والأجانب» .
تطل غرفة عم شمس وزوجته على جراج العمارة الكبير، المميز لها وسط العمارت ، والذى كان يسمع منه الصوت العالى لسيارة الساكن الفنان استيفان روستى،«سكان العمارة كانوا ينزلون إلى الجراج وقت الغارات فى الخمسينيات والستنيات، وفى يوم تنحى عبد الناصر، سمعنا صوت مدفعية، ودوى صفارات الإنذار، فنزلنا الجراج وانضم إلينا سكان عمارات مجاورة، وسمعنا الناس فى الشارع تطالب الرئيس بألا يتنحى».يتذكر مجدى.
بالعمارة أربعة سلالم للخدم، بحالتها لكن لاتستخدم وفى حاجة إلى نظافة، وبالقرب منها مواسير لرمى القمامة تفتح فى طرقات كل طابق، لتتجمع فى مناور العمارة، ليأخذها جامعو القمامة يوميا حتى الآن، لكن لايلتزم الكثير من سكانها بدفع المبالغ المخصصة للصيانة. •