الخميس 22 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

بسببها أصبح «ترامب» رئيسا لأمريكا الأخبار الكاذبة Fake News تجتاح العالم

بسببها أصبح «ترامب» رئيسا لأمريكا الأخبار الكاذبة Fake News تجتاح العالم
بسببها أصبح «ترامب» رئيسا لأمريكا الأخبار الكاذبة Fake News تجتاح العالم


دوامة اسمها «فاك نيوز»!
أصبحنا نعيش فى دوامة من الأخبار الكاذبة فى عصر تكنولوجيا المعلومات والإنترنت والفيس بوك وتويتر وغيرها من وسائل الاتصال، وكان الأمل أن تساعد هذه الوسائل التى أصبحت متاحة بسهولة منقطعة النظير، حول العالم، فى انتشار المعلومات والمعرفة والأخبار الصحيحة لا الكاذبة أو المزيفة أو الملفقة أو المفبركة.

  لها تاريخ طويل، قديم بدأ مع بداية الحروب والصراعات بين الدول Fake News فى الغرب دوامة الأخبار الكاذبة التى يسمونها التى نشأ معها سلاح فتاك تمثل فى فنون الدعاية السياسية «البروباجندا» المعتمدة على تشويه الحقائق أو المبالغة فى التضخيم أو التقزيم، تضخيم وتفخيم الذات والزعيم وتقزيم وتشويه الآخر العدو أو المنافس.
وصناعة الأخبار الكاذبة والمزيفة والملفقة والمثيرة للمشاعر والغرائز صناعة قديمة يعرفها تاريخ الصحافة ويسميها «الصحافة الصفراء».. ومع ثورة الاتصالات والإنترنت منذ نحو عشر سنوات انتشرت صناعة الأكاذيب والأخبار الكاذبة بما يشبه انتشار الحمى، فبعد أن كانت عملية نشر الأكاذيب فى صورة أخبار ومعلومات وحقائق وأسرار، قاصرة على من يملك وسائل النشر والصحف والإذاعات والتليفزيونات ومن يعمل فيها، أصبح فى إمكان أى إنسان الآن أن يبعث برسالة نصية على المحمول أو على مواقع الإنترنت تحمل أخبارا كاذبة أو مزيفة أو خليطا من الحقيقة والكذب، وتنتشر بسرعة كالنار فى الهشيم.
وأصبح من الصعب التحكم فى مدى صدقية ما نطالعه من أخبار على هذه المواقع سرعان ماتنتشر على وسائل أخرى كالصحف والفضائيات وغيرهما.. فالأمر هنا خرج عن أى قدرة على السيطرة.. أو الفلترة، وأصبحنا نعيش حال انفلات لا سابق له فى نشر الأكاذيب بوصفها أخبار.
 موت نجم شهير
كثيرا ما تطالعنا أخبار موت نجم شهير وتصدمنا ثم نفاجأ بأنها «أخبار كاذبة».. شائعات، حدث هذا مع سعاد حسنى قبل سنوات من جريمة اغتيالها المروعة وشكت لى منه، وحدث مع نادية لطفى متعها الله بالصحة والعافية، وحدث مع ليلى علوى أعانها الله على تجاوز ألم فقدان والدتها. ومع أن بعض هذه الأكاذيب صنعتها أجهزة سرية وروجتها لأغراض سياسية معينة تستهدف إلهاء الرأى العام عن القضايا الحقيقية بغرض حماية النظام، إلا أن دوامة الأخبار الكاذبة التى تجتاح العالم الآن لها أسباب وأغراض أخرى.
والحقيقة أن ما أثار انتباهى إلى هذه الدوامة التى غرقنا فيها فلم نتنبه إلى ضرورة مواجهتها وكشف خباياها وأسرارها، هو خبر صغير نشر مؤخرا فى الصحف البريطانية يقول إن عبارة «أخبار كاذبة»  أصبحت أشهر عبارة وأكثرها استخداما فى اللغة الإنجليزية، وأن استخدامها وصل إلى نسبة 365% حتى إن القائمين على تحرير القاموس الإنجليزى الشهير «كولينز» قرروا وضع الكلمة فى الطبعة الجديدة من القاموس الذى يصدر كل سنة طبعة تضم كلمات وعبارات جديدة يتداولها الناس ووسائل الإعلام ويتم صكها بصورة جماعية.
وتقول «هيلين نيوزستيد» رئيسة قسم محتوى اللغة فى إدارة قاموس «كولينز» إن معظم الكلمات الجديدة فى  الطبعة الجديدة ذات طابع سياسى، فبعد فوز ترامب برئاسة أمريكا وبعد الانتخابات «العاجلة» فى بريطانيا، ليس مستغربا أن السياسة تواصل «كهربة» اللغة!
وتضيف: «فاك نيوز» هى إما بيان عن حقيقة الأكاذيب، أو محاولة لتجاهل الحقائق الاجتماعية والسياسية التى تنشرها الصحف.
  قوة الأخبار الكاذبة!
أذكر أننى قرأت هذه العبارة لأول مرة خلال زيارة لنيويورك فى العام الماضى بعد فوز الملياردير مقاول المبانى ومنظم حفلات ملكات الجمال دونالد ترامب المفاجئ، بمنصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.
قرأت فى صحف ذلك الوقت أن نجاح ترامب وفوزه بالمنصب الرفيع يعود لقوة الأخبار الكاذبة التى انتشرت حوله ولصالحه وضد منافسته وزيرة الخارجية السيدة الأولى الأمريكية السابقة هيلارى كلينتون. وكان التعبير طريفا وطازجا ومخيفا أيضا. فهاهو العالم يدخل مرحلة من تاريخه تلعب فيها صناعة الكذب والأخبار الكاذبة والمزيفة دورا محوريا يصل إلى حد الاستناد إليها فى تولى أعلى منصب فى هذا العالم.. رئيس أمريكا!
وطبعا نحن لاننسى أن التاريخ يحدثنا عن أكاذيب كثيرة حكمته وتحكمت فيه وفى البشر على مر الزمن، حتى إنك لو فكرت فى وضع كتاب عن تاريخ الكذب لوجدت أنك تحتاج إلى زمن لاينتهى ومجلدات ومجلدات، وسيفنى العمر ويبقى الكذب فى صراعه الشيطانى مع الحق والحقيقة والإنسانية والفضيلة، وهذا هو التاريخ.
إذن فالرئيس الأمريكى الذى يدعى الآن أنه مبتكر عبارة «فاك نيوز» (أخبار كاذبة) واستعملها فى أول مؤتمر صحفى له بعد اقتناصه المنصب ويستعملها طوال الوقت بهدف اتهام الصحف ومحطات التليفزيون التى تعارضه وتكشف أسراره وفضائحه بأنها تصنع أخبارا كاذبة، وهو لم يتورع عن سب صحفيين وجها لوجه فى مؤتمراته الصحفية واتهامهم بأنهم أعداء الشعب وأنهم «فاك نيوز»!
 عمرها قرن وربع القرن!
لكن ماهى حكاية «الأخبار الكاذبة»؟.. ومتى ظهرت عبارة «فاك نيوز» لأول مرة؟.
أمضيت وقتا فى البحث والتحرى جريا وراء تاريخ صناعة الأخبار الكاذبة وأيضا تاريخ هذه العبارة التى أصبحت تتردد بمعان متعددة ومتضاربة أحيانا.. وسوف أتابع طرح ما توصلت إليه هنا فى حلقات متوالية أعتقد أنها ستجيب عن أسئلة كثيرة تشغل الناس.
ولعل من المدهش أن نكتشف خلال البحث أن هذه العبارة التى ستدخل القاموس الإنجليزى الشهير مع مطلع العام المقبل فى طبعته السنوية الجديدة، كانت مستعملة فى الصحافة الأمريكية سنة 1894 أى منذ نحو 123سنة حوالى قرن وربع القرن!
 والتعريف هو:
الأخبار الكاذبة هى نوع من الصحافة الصفراء أو الدعاية «بروباجندا» التى تحتوى على تضليل متعمد أو فبركات تنتشر عبر المطبوعات التقليدية ومحطات الإذاعة والتليفزيون الإخبارية أو على الإنترنت ووسائل الاتصال الاجتماعية «سوشيال ميديا».
وتكتب وتنشر مع تعمد التضليل بهدف تخريب أو الإساءة إلى شخص أو مؤسسة أو جهة أو جماعة أو حزب أو مبدأ، أو فكرة، أو بهدف تحقيق أعلى درجة من الرواج والإقبال على موقع من مواقع الإنترنت العديدة مما يترتب عليه أعلى دخل من الإعلانات التى يحصلها صاحب الموقع نتيجة لهذا الإقبال، أو لمجرد تحقيق مكاسب سياسية أو مآرب شخصية، وعادة ما تكون هذه الأخبار من النوعية المعتمدة على الإثارة والمبالغة ولى الحقائق، والعناوين الخادعة الجاذبة للاهتمام والمثيرة للغرائز والمشاعر السوقية.
والمشكلة أن هذا الوباء ينتشر بسرعة مذهلة ويتسبب فى أذى حقيقى للناس وتعانى منه الصحف ووسائل الإعلام التى تجاهد من أجل القيام بمهمتها النبيلة فى نشر الحقائق والتعبير الحر عن الصالح العام.
وخلال البحث سنتابع معا تفاصيل دور «الأخبار الكاذبة» فى فوز ترامب برئاسة أمريكا، وأسرار انتشار هذا الوباء فى أربع أرجاء الكرة الأرضية، وسنطلع أيضا على نشاطات المنظمات ومواقع الإنترنت التى تسعى جاهدة لمكافحة وباء «فاك نيوز».. وسنمر بالطبع على مراحل تاريخية شهدت ظهور وتأثير صناعة الأخبار الكاذبة على أحوال العالم وقتها.
فى الأسبوع المقبل نكمل •