الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

وداعاً... محمد الرفاعى!

وداعاً... محمد الرفاعى!
وداعاً... محمد الرفاعى!


سقط القلم الذى كان يعالج قضايانا ومشاكلنا تحت عنوان «قضية فنية».
عرفت محمد الرفاعى لسنوات عديدة.. كان يجىء إلى مكتبى ويتحدث معى مناقشاً ومحاوراً ومجادلاً، مختلفاً أحياناً، وأحياناً قليلة جداً مؤيداً.
دخل مرة مكتبى ثائراً وألقى باستقالته أمامى، ثم انصرف.
وبعد أيام عاد وقال مبتسمًا: ممكن أسحب الاستقالة؟
قلت له: طبعًا.
ثم أخرجتها من مكتبى، وسلمتها له.
حاورنى الرفاعى ذات مرة قائلاً:
 إن مصر فى الزمن القديم كانت واحدة من ثلاث دول تحكم العالم، أما اليوم فهى تقف محلك سر!!
عاجزة عن خوض المعارك التى تؤثر بها فى الدول المجاورة لها، ولا تتفاعل مع العالم فيم يدور فيه من معارك أدبية وسياسية واقتصادية واجتماعية.
وأقاطعه قائلاً: حيلك.. حيلك يا محمد، المسألة ليست بالبساطة التى تتحدث بها، مصر دولة قوية.. عريقة.. لها أصول وجذور تعود إلى حضارات اندثرت.. ثم لا تنسى يا محمد أن مصر هى البلد الوحيد الذى ورد ذكره فى التوراة والإنجيل والقرآن الكريم.
وأيضا يذكر اسم مصر فى جميع المدارس والجامعات حول العالم فى دروس التاريخ والجغرافيا.. احنا بلد عريق جداً.
كان محمد الرفاعى إنسانًا وديعًا.. بسيطًا.. طيبًا.. يدخن بشراهة.. وينشر البهجة حوله سواء بالنكتة اللفظية أو الإيمائية.
كان يحمل فى جيبه راديو صغيرًا.. يخرجه عندما يجلس إلى مكتبه ويستمع إلى إذاعة الأغانى.
كان يحب أغانى فيروز، وأعتقد أنه أطلق على ابنه اسم شادى، لأنه كان دائم الاستماع لأغنية فيروز التى تنادى فيها على شادى.
صدمنى رحيل محمد الرفاعى الذى لم أره منذ سنوات، ذلك بعد ان انقطعت عن الذهاب إلى مجلة صباح الخير لفترة طويلة.
واليوم دق جرس تليفونى لتخبرنى ابنتى «مى منصور» بالنبأ الأليم.
دمعت عيناى وأحسست بغصة فى حلقى ووجع فى قلبى، ولم أقدر أن أرد على كل من يحدثنى.
الألم والفجيعة أصابت لسانى بالشلل.. فصمتّ.
ومازالت صامتًا...
إلى جنة الخُلد يا محمد يا رفاعى، وإلى لقاء قريب بإذن الله، وأطلب من الله العلى القدير، أن يغفر لى ولك، وأن يدخلك فسيح جناته، أنه السميع العليم.