عائلة على الكسار
صباح الخير
على بعد أمتار من كنسية سانت تريزا بشبرا، يأخذك الطريق يمينا إلى شارع قبلى القراقول”نسبة إلى قراقول شبرا، أو قسم شرطة الساحل الآن”، وهناك سيرشدك سكان الشارع الضيق إلى منزل الفنان على الكسار”يونيو 1887-15 يناير 1957”.
المنزل المبنى فى أوائل عشرينيات القرن الماضى، من الحجر، يحمل رقم «1» فى شارع صغير، هو شارع الشرنوبى المتفرع من قبلى القراقول، ومكون من طابق أرضى تعلوه أربعة طوابق، وبكل طابق شقتان.
وكما تقول منال عطية، صاحبة الشقة التى عاش فيها فى الطابق الأرضى، أن الكسار بنى هذا البيت فى هذا المكان، لقربه من مسارح روض الفرج، التى عمل بها فى ذلك الوقت.. تقابلك بوابة قديمة من الحديد الفورفورجيه، تعود إلى وقت بناء المنزل، ويتميز الطابق الأرضى بارتفاعه الذى يصل إلى 4 أمتار، وبنوافذ ضخمة من الشيش العريض، بينما يقل ارتفاع الطوابق التالية ذات البلكونات.
بعد البوابة ستأخذك ثلاثة سلالم إلى مدخل واسع، ثم إلى درابزين من الفورفورجيه، وفى الواجهة نوافذ مرتفعة للمنور، مغطاة بأسياخ حديد طولية، على غرار المعروف فى بيوت أوائل القرن العشرين، خوفا من اللصوص.
وعلى شمال الصاعد توجد شقة على الكسار، ذات بابين ضخمين بضلفتين، وشراعة، واحد مفتوح على الشقة، وآخر لغرفة الضيوف بباب حديث.
تتكون الشقة من ثلاث غرف، بكل غرفة نافذتان ضخمتان، وصالة وحمامان، وفراندة تأخذك إلى حديقة خلفية، كان يهتم بها الكسار ويحضر لها جناينى لرعايتها، وليزرع بها الورود والزهور ذات الرائحة، ليستمتع بالجلوس بها مع زوجته وأولاده، بحسب منال.
اشترت منال،48 سنة، هذه الشقة من ست سنوات، وقبلها سكنتها عائشة ابنة على الكسار، بعد وفاة والدها الذى عاش مع زوجته وأبنائه الأربعة «نصر، حسن، عائشة، زينب»، وبزواج الأبناء عاش كل واحد منهم فى شقة من شقق البيت.
يسكن الشقة المقابلة لشقة الكسار، حمدى محمد شفيق، وكيل وزارة التربية والتعليم على المعاش، «أنا وأخواتى اتولدنا فى هذا البيت، وأخى الكبير تزوج من عائشة ابنة على الكسار، التى كانت تعمل بوزارة الصحة، زمان كانت أبواب الشقق مفتوحة، والجيران زى الأقارب، والدنيا أمان، دلوقتى الحال تغير».
يتذكر حمدى أيام طفولته التى عاشها مع الجيران أبناء على الكسار، وزوجته الحاجة زنوبة التى كانت تتميز بالطيبة، وكان أحد أبناء الكسار يعمل فى وزارة الرى والآخر يعمل بالترسانة البحرية، «وتوطدت علاقتنا بزواج أخى من عائشة».
يقول حمدى: أحفاد على الكسار سكنوا شقق العمارة بعد وفاة الأبناء، وبعضهم توفى، وبعضهم ترك العمارة للسكن فى مدينة نصر ومصر الجديدة والقبة، لتظل ثلاث شقق ملك أحفاد على الكسار، أما باقى الشقق فبيعت لغرباء. . «أبناء الكسار لم يعملوا بالفن، وكان شكوكو يزور الأستاذ ماجد ، أحد أحفاد الكسار، فى الستينيات، لأن ماجد كان يجمع تراث جده، ويحتفظ بمجموعة كبيرة من روايات مسرحياته» يؤكد حمدى.
حماتى ومراتى
نجلاء فاروق، ابنة عائشة الكسار، التى تعمل بالتربية والتعليم وتسكن فى حلوان، وباعت أملاكها فى منزل جدها، تقول عن جدها إنه من مواليد السيدة زينب بالقاهرة، وله أصول نوبية، لكن لون بشرته كان قمحيا، وليس كما يظهر فى الشاشة، فقد كان يضع مكياجا يعطيه لونا غامقا، ليتقن دور النوبى، مع اتقانه للهجة النوبية، وسرعة الكلام، وكانت والدتى، تشبهه، قمحية اللون وتتحدث بسرعة.
«قبل أن يتزوج جدى من جدتى الشامية الأصل، التى كانت تتحدث الفصحى، كان قد تزوج من الفنانة زكية إبراهيم، السمراء التى يتذكرها المشاهد بدور حماته المشاكسة فى الأفلام، والتى أحبته وارتبطت معه فى العمل فى فرقته المسرحية، لكنه لم يرزق منها بأطفال، فبقيت زوجته وسكنت فى السيدة زينب، وتزوج بجدتى وعاشا فى البيت الذى بناه فى شبرا.
سمعت نجلاء عن أمها أن فرقة جدها المسرحية التى أسماها «الماجستيك»، ضم إليها كل من أحبهم، مثل إسماعيل ياسين فى بداياته، والفنان على عبد العال، المشهور ببدانته، والذى شارك معه فى فيلم علاء الدين والبحارة الثلاثة.
وتقول الحفيدة نجلاء أنها سمعت أن جدها على الكسار كان يمتلك مخبزا فى السيدة زينب، وقطعة أرض وضعت الأوقاف يدها عليها، لكن العائلة لم تبحث عن حقها فى الإثنين «إحنا عيلة طيبة، ماتحبش المشاكل».
عثمان عبد الباسط
للكسار شارع باسمه فى منطقة العتبة، وله حارة باسمه فى شارع عماد الدين، تخليدا لذكراه، الذى سعى إليه حفيده ماجد، ابن نصر الكسار، الموظف بوزارة الثقافة على المعاش.. تتذكر نجلاء أن الفنان سمير صبرى، جاء إلى منزلهم، وكانت لازالت فى الصف السادس الإبتدائى، ليصور حديثا تلفزيونيا مع والدتها، التى سمعت عنها أن على الكسار، كان يعتمد على أبنائه وأعضاء الفرقة فى قراءة نصوص المسرحيات، لأنه لم يكن يعرف قراءة العربية.
ويتذكر ماجد الكسار، 76 سنة، أن على الكسار لم يكن يستقبل الفنانين فى بيته، لأنه يرى الحياة الأسرية حياة خاصة، وكان شخصية قوية ذات هيبة داخل المنزل، وقليل الكلام وحازما، عكس مايظهر من شخصيته الكوميدية على الشاشة.
يتذكر ماجد، كيف كان يصبغ جده وجهه باللون الغامق، ليتقن شخصية «عثمان عبد الباسط»، ويقدم مسرحيته مرتين يوميا، من السادسة للتاسعة، ومن التاسعة للثانية عشر، فى مسارح عماد الدين، التى مثل فيها 12 عاما، انتقل بعدها لمسارح روض الفرج»وكان يمتلك حنطورا بسائق، يتركه أحيانا فى الحديقة أو فى اسطبل الخيل بباب الخلق، ثم فى مسرح الدولة وتخصص فى المسرح الشعبى. •