الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

50 مقالة نادرة لـ«روزاليوسف»

50 مقالة نادرة لـ«روزاليوسف»
50 مقالة نادرة لـ«روزاليوسف»


«إنها قصة مصر منعكسة على صفحات، فلم تضطهد مصر يوما إلا واضطهدت «روزاليوسف»، ولم تثر مصر إلا ومهدت «روزاليوسف» لثورتها».. هذه السطور التى كتبتها السيدة فاطمة اليوسف فى إحدى مقالاتها، تلخص بصدق بطولة وشجاعة هذه السيدة، جمع الأستاذ رشاد كامل باقة من مقالاتها النادرة، ليقدمها فى كتاب جديد، بعنوان: «مقالاتى الصحفية» ضمن سلسلة تراث «روزاليوسف».

تصدر هذه السلسلة مؤسسة «روزاليوسف»،  يضم الكتاب مقالات نادرة للسيدة «روزاليوسف»، لم يسبق نشرها من قبل، تروى فيها لمحات خاطفة من كفاحها وصمودها ضد قوى الظلام واستبداد الحكومات، ورحلاتها إلى المحاكم والنيابات، بسبب عشرات القضايا التى رفعتها الحكومات ضدها، بسبب كاريكاتير أو مقال أو خبر.
 كما تروى السيدة «روزاليوسف» علاقتها بكل رؤساء الحكومات والأحزاب، وكيف كانوا مع حرية الصحافة وهم فى المعارضة، ثم يصبحون خصوم وأعداء هذه الحرية عندما يصلون إلى الحكم.
 يوم السبت
 ونختار بعضا من مقالاتها للعرض  منها مقال بعنوان (لو كان السبت رجلا لقتلته) وكتبته يوم 13 ديسمبر 1937.. حيث تشكو «روزاليوسف» من وجع الدماغ يوم السبت، والمقصود به تحقيقات النيابة معها قائلة: لا يتكرم علينا البوليس.. بالتفتيش والتقليب وخلع البلاط وهدم الجدران إلا فى يوم السبت، فقسمت الأسبوع إلى ستة أيام بيض ويوم أسود، وهو يوم السبت العظيم والذى وهبته للنيابة والبوليس.. وفى أحد أيام السبت جاء البوليس ليبحث فى المجلة، عن أشياء تتعلق بحادث الاعتداء، على رفعة رئيس الوزراء، وهو ما يثير الدهشة، فكل ذخيرة المجلة ما هى إلا أفكار.. من «روزاليوسف».. باشا إلى صاحب المقام الرفيع، رئيس الديوان الملكى  بتاريخ 7 مارس 1938، مقال جريء للسيدة «روزاليوسف»، وهى تطالب بحقها فى الباشوية، وبطريقة ساخرة تصف كيف تنتظر التليفون الذى سيأتيها ولا يأتى..  تتحدث فيه عن استعدادها لنيل الباشوية، أسوة بزميلها صاحب جريدة البلاغ، وتتهكم «روزاليوسف» بجرأة على ما سمعته من عرف وتقاليد من حرمانها من الباشوية، لأنها امرأة.. وتتتهكم «روزا» فى المقال على زوجة النحاس باشا التى نالت أرفع الأوسمة، مع أنها لم تخرج من دارها إلا للنزهة، وشم الهواء أو للسفر إلى الخارج طلبا للراحة من عناء شم الهواء، أما زوجها رفعة النحاس باشا، فعمله ليس وطنيا ولا حساب له إلا عند الله.. وتتساءل: فكيف تفضلنى عند تقدير الجهود وكيف تسبقنى إلى ما أنا أحق منها به!.
 مفرقعات العيد
 وفى مقال آخر موجه لصاحب المقام الرفيع كتبت «روزاليوسف» فى 3 فبراير 1937 مقالا لا يقل جرأة عن المقالات السابقة وجهت كلامها بحزم لصاحب المقام الرفيع قائلة إن محاربته لـ«روزاليوسف» كمن يحارب بسيف خشبى من داخل المعركة.. والمقصود بالسلاح الخشبى هو الإعلانات القضائية، حيث شبهتها بالسلاح المصنوع من الورق المقوى وشبهت ضربات صاحب المقام الرفيع بأنها أشبه بمفرقعات العيد تدوى فتبعث على الضحك والتسلية.
 (صفحة سوداء نضعها أمام عينى النحاس.. الجميلتين) هذا هو اسم مقال آخر فى عام 1938، زينته برسم كاريكاتيرى مميز للنحاس باشا ممسكا بساطور يقطع به سيدة رمزا للحرية، حيث تحدثت «روزاليوسف» فى هذا المقال عن أكذوبة صحيفة المصري لوقف الدستور والحياة النيابية واستغلال النحاس باشا لتلك الأكذوبة كموضوع لخطبته لانتزاع بطولة.. وتكشف «روزاليوسف» فى مقالتها عن الخطة المرسومة، وتذكر النحاس باشا بأن الدستور فى عهده كان حبرا على ورق وكانت الحرية فى عهده كلمة جوفاء لا معنى لها، وطالبته بأن يكف عن التشدق بالحرية والدستور وليدع الكلام فى هذا لغيره ممن لم تتلوث أيديهم بدماء الحرية ودماء الدستور.
 بعد أربعة عشر عاما.. ماذا يجول بخاطرى و«روزاليوسف» تبدأ عاما جديدا
مقال كتبته «روزاليوسف» وهى تبدأ عامها الخامس عشر فى 28 أكتوبر عام 1939 تعلن ما واجهته «روزاليوسف» من صعاب وما بذلته من جهد.
مقسمة مراحل «روزاليوسف» لعدد من المراحل خاضتها فى جهادها الطويل: مرحلة الفن والأدب وهى التى بدأت بها المرحلة الثانية لسعد زغلول وانضمامها تحت لواء سعد فى خدمة مصر.
المرحلة الثالثة للوفد المصرى، وهو الذى تواكب مع عصر وزارات الانتقال فانتقلت «روزاليوسف» من مرحلة السباحة فى نهر هادئ إلى الضرب فى بحر تهب عليه الأهواء والأعاصير.
المرحلة الرابعة، وهى الاستقلال عن الأحزاب.
أما المرحلة الأخيرة فكانت الحرب، وكان المبدأ هو أن الديكتاتورية التى شرعتها بعض الدول المعادية يجب أن تزول ويجب أن يستقر السلم فى الممالك على أساس الديمقراطية.
 عبدالناصر
وفى 11 مايو سنة 1953 كتبت «روزاليوسف» خطابا مفتوحا لعبدالناصر وجهت فيه التحية لشبابه الذى عرضه للخطر معبرة عن سعادتها برؤية الوجوة الجديدة تزحف وتنال فرصتها لتسير بالوطن بأسرع مما كان يسير.
ووجهت له رسالة مفادها أنه بحاجة إلى الخلاف كحاجته إلى الاتحاد، فكل مجتمع سليم يقوم على هذين العنصرين فالخلاف ليس شيئا تمليه الطبيعة وحدها بل والمصلحة أيضا فلم يبق شيء يمكن أن يتنفس فيه النقد وتتجاوب فيه وجهات النظر غير الصحف، فالحرية هى الرئة التى يتنفس بها المجتمع ويعيش، فأطلق الحريات فالتجربة كلها لا تحتاج على الثقة فى المصريين وأنت أول من تجب عليه الثقة فى مواطنيه.
ورد البكباشى «جمال عبدالناصر» على الخطاب المفتوح الموجه إليه بقوله بالحرف الواحد:
«أنا أكره بطبيعتى كل قيد على الحرية وأمقت بإحساسى كل حد على الفكر.. على أن تكون الحرية للبناء وليست للهدم، وعلى أن يكون الفكر خالصا لله وللوطن»!
لقد قلت أنت بنفسك إنك تعلمين أنى أخشى على موقف البلاد الصلب من إطلاق الحريات خشية أن يندس بين أمواجها دعاة الهزيمة والتفكك، لقد عبرت بهذا عن جزء مما أشعر به، واسمحى لى أن أضيف عليه شيئا آخر، هو أننى لا أخشى من إطلاق الحريات وإنما أخشى أن تصبح هذه الحريات كما كانت قبل 23 يوليو سلعا تباع وتشتري!! ومع ذلك فأين هى الحرية التى قيدناها، أنت تعلمين أن النقد مباح وأننا نطلب التوجيه والإرشاد ونلح فى الطلب بل إننا نرحب بالهجوم حتى علينا إذا كان يقصد منه صالح الوطن وإلى بناء مستقبله وليس إلى الهدم والتخريب ومجرد الإثارة!»