الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

سرّ العمر الطويل 100 سنة وأكثر؟!

سرّ العمر الطويل 100 سنة وأكثر؟!
سرّ العمر الطويل 100 سنة وأكثر؟!


هل تحب أن تعيش عمرا مديدا.. 100 سنة وأكثر؟!..  طرأ هذا السؤال على رأسى وأنا أقرأ نتائج دراسة علمية عن ظاهرة جديدة التفت إليها العلماء مؤخرا هى ما يمكن أن نسميه الزيادة الملحوظة فى نسبة متوسط العمر لدى البشر فى العقدين الأخيرين، أى مع نهاية القرن العشرين..

عن نفسى لا أميل إلى ذلك، مئة سنة عمر طويل جدا، وطبعا الأعمار بيد الله، لكن ما فائدة أن تعيش نصف هذا العمر، فى صحة وسعادة وتطلع وأمل، ثم تمضى نصفه الآخر، أو ثلثه، فى انتظار وقلق وجمود وركود وربما أمراض شيخوخة، وتبقى عالة على الآخرين لسنوات قد تمتد وتمتد؟!
طبعا هناك من يختلف معى فى هذا التفكير، وهناك معمرون عاشوا فوق المئة سنة بكثير، لكن هذه حالات نادرة ترصدها الصحف لغرابتها.
لكن ماذا نقول بعد الإطلاع على دراسة علمية كشفت عن أن عدد المعمرين فى بريطانيا ممن بلغوا عمر 100 سنة أو أكثر لم يعد بالعشرات ولا المئات – كما كان قبل 20 سنة فقط – بل أصبح بالآلاف..والرقم بالضبط هو 14 ألفاً و570 ؟!
سنقول طبعا أن تحسن أحوال المعيشة وتوفر نظم الرعاية الصحية والتقدم العلمى فى مجالات الصحة والتغذية وتطور أساليب الحياة وزيادة الوعى بالعناية بالصحة والغذاء واللياقة البدنية وراء كل هذا، وهو صحيح، حتى أن دولا مثل بريطانيا تعانى من أنها أصبحت تضم نسبة ضخمة من السكان من كبار السن مقابل نسبة أقل من الشباب، وأن نسبة واضحة من هؤلاء الكبار»السينيورز» – كما يسمونهم هنا- يتمتعون بقدرات بدنية وعقلية تسمح للدولة برفع سن التقاعد إلى نحو 70 سنة، فيما كان الشائع أن يتقاعد الناس فى سن الستين.
ملخص الدراسة التى اطلعت عليها وأثارت تأملات وأفكاراً كثيرة، هو أن أهم سر العمر الطويل يعود إلى النشاط.. البدنى والعقلى وروح السماحة والرضا والحب.
تشابه مثير فى حياة المعمرين
وهناك دراسة بحثية مثيرة أجريت فى السويد على 855 من الرجال والنساء ممن ولدوا فى غضون عام 1913 وعندما بلغوا سن الخمسين بدأت الدراسة التى انشغلت بالربط بين أسلوب الحياة وطول العمر، واستمرت 50 عاما تتابع أحوالهم وترصد ما جرى لهم وما أقدموا عليه وطرق معيشتهم وتكوينهم البدنى والذهنى والنفسى..و..و.
وتوصلت إلى أن هناك كثير من التشابه فى أساليب حياة ومفاهيم وعادات من عمروا من كل هؤلاء.
ومن بين الـ 855 وصل 27% إلى عمر الـ 80 بينما لم يبلغ الـ 90 منهم سوى 13% فقط، وعاش عشرة منهم فقط ليحتفلوا بعيد ميلادهم المئة، وكلهم لايدخنون ويحافظون على رشاقتهم ويتمتعون بصحة جيدة ومعدل منخفض للكولسترول وضغط الدم.
المعتاد أن تسأل الصحف ووسائل الإعلام الأخرى، المعمرين الذين تجاوزوا المئة عن سر طول العمر، ويتكرر منهم الرد بالاعتدال فى كل شئ والبعد عن التدخين والخمر والإقبال على الحياة.. و..و، لكن هل سألهم أحد عن أفكارهم عن الحياة، عن المتاعب التى لاقوها، عن الملل من هذا العمر الطويل؟!..عن مشاعر الندم.. الفشل، هل تحققت لهم السعادة؟.. لوعادوا للحياة من جديد، ماذا يريدون أن يغيروا فى ظروف واساليب حياتهم؟..
توجهت جريدة «جارديان» البريطانية إلى عدد ممن احتفلوا بأعياد ميلادهم الـ 100 أو أكثر، بهذا النوع من الأسئلة التى تحترم إنسانيتهم ولاتعاملهم كما لوكانوا»فئران تجارب» مطلوب الحصول على معلومات طبية من خلالهم والسلام.
بهذا المدخل توصلت إلى الكثير مما لايرد ذكره فى الدراسات والأبحاث.    
لاتقلق على أى شئ جويس (101)
أنهت المرحلة الثانوية والتحقت بالعمل فى شركة لتجارة القمح خلال الحرب العالمية الأولى واستمرت فيها حتى تقاعدت وخلال ذلك تزوجت لكنها لم تنجب.. لماذا؟
 تجيب: تعارفنا قبل الزواج وقررنا ألا ننجب إلا بعد أن نتزوج فالمجتمع وقتها لم يكن يقبل فكرة الإنجاب قبل الزواج التى نراها هذه  الأيام، وعندما تزوجنا كان ذلك فى وقت متأخر فلم نفكر فى المسألة.
  ونصيحتها لمن يتطلع لحياة مديدة وعمر طويل حتى المئة وأكثر هى ألا يقلق على أى  شئ، مع أنك كإنسان لاتستطيع ذلك. وعموما أنا كنت سعيدة واستمتعت بحياتى، نحن هنا فى هذه الحياة لفترة قصيرة، فلنستمتع، لقد منحت لنا الحياة ومنحت لنا معها الإرادة لأن نعيش كما نحب والأمر متروك لنا لنعيش حياة حقيقية. وعلى الرغم من كل شئ فقد عشت حياة زوجية سعيدة، كنت مخطوبة لشخص آخر، وفشلت العلاقة ولم أضيع الوقت، تعرفت على من أصبح زوجى، كان متزوجا، لكنه لايشعر بالسعادة، وكنت أنا أيضا أعانى من هذا الحال، وقررنا أن نسعد بعضا البعض.
 تعلمت استعمال الكومبيوتر فى الـ 80 جان (101)
لم تتزوج أبدا وبالتالى ليس لديها أبناء وبنات، تقول أنها طوال عمرها كانت تحب الاستقلال، ولم يشغلها فى أى وقت التفكير فى أن تكون أما.. وعاشت سنوات العمل كمدرسة، تقول أمضيت كل حياتى العملية مع أطفال الآخرين!
هل كان لها عشاق؟
تجيب على الفور: طبعا.. وليس على الإنسان بالضرورة  أن يتزوج..تقول هذا ثم تردد أنها فى بعض الأحيان تمنت أن تتزوج، لكن ذلك لم يقلقها كثيرا. هى الآن ومنذ 20 سنة تعيش فى بيت لرعاية كبار السن، عندما جاءت كانت مريضة، أصيبت بأزمة قلبية مرتين.. ثم أجرت عمليات جراحية فى القلب، والآن تبدو فى صحة جيدة وتبدو أصغر 20 أو 30 سنة من عمرها (101) وتخرج  كل يوم للتمشية على شاطئ البحر.. وتعلمت استعمال الكومبيوتر فى سن 88 ولهذا فهى تقرأ الصحف على الانترنت كل يوم ولأن نظرها أخذ يضعف فهى تلجأ لتكبير الحروف على شاشة الكومبيوتر!
وتقول: أعتقد أن الإنشغال والإهتمام بما حولنا من شئون هو أمر مهم جدا، ومع أننى قد لا استوعب كل شئ، إلا أننى أرى أن على الإنسان أن يكون منتبها ومهتما بما يجرى حوله.. يجب أن يكون مشغولا بشىء ما. يجب أن تستمر فى العمل والحركة، يجب ألا تجلس هكذا وتترك العالم يمضى أمامك، لقد أعطاك الله عقلا، فاستعمله.
جوان (100)
شارك فى الحرب العالمية الثانية وبعدها عمل كبقال إلى أن سيطرت شبكات السوبرماركت على الأجواء فاتجه للعمل كحارس أمنى إلى أن تقاعد سنة 1981
ولو سألته ماذا كان يحب أن يكون سيفاجئك بأنه كان يتمنى أن يكون مطربا محترفا!.. ثم يضيف ضاحكا: لكننى لا أمتلك موهبة الغناء. ومفتاح السعادة عنده هو الإكفتاء بما لديك.  وهو لايشعر إطلاقا بالندم على أى شىء.
مارى (101)
 تجيب عما إذا كانت تشعر بالندم، بالإيجاب، فهى نادمة على عدم القيام بمزيد من الترحال فى الخارج والداخل، ونادمة أيضا على عدم تمضية المزيد من الوقت فى العناية بحديقتها.. وسر السعادة عندها هو أن تبقى مندمجا ومشغولا بدنيا وأيضا ذهنيا.
 لا أريد من أحد  أن يبكى علىّ روز (103)
كانت منذ ثلاث سنوات فقط تعيش فى بيتها، لكنها سقطت أرضا وأصبحت قعيدة على كرسى متحرك فانتقلت إلى بيت للرعاية الكاملة. وكانت قد بدأت حياتها العملية كممرضة وتزوجت ولها ابنتان، وخلال ولادة إحداهما فى زمن الحرب العالمية الثانية، لم تتمكن المولدة من الحضور فقامت روز بتوليد نفسها بنفسها!
وهى تقول إنها عاشت حياة رائعة: لومت غداً لا أريد من أحد أن يبكى، لقد عشت حياة كاملة وزواجا سعيدا وليست لدى أى مشاعر بالندم على شئ.
وهى ترى أن مشكلة الناس هذه الأيام وغلطتهم الكبيرة هى أنهم لايستمتعون بماهم فيه ولايرضون بما هم عليه. 
توفى زوجها «كولين» منذ 30 سنة  فإذا سألتها عن شعورها وكيف تمضى الحياة بدونه تجيبك:  لا أحد يعيش إلى الأبد ياعزيزى.
الله سيستدعينا جميعا، كل فى موعده.. وعندما يأخذنى لرحابه سيكون «كولين» هناك، وسيهتف: لماذا تأخرت على كل هذا الوقت ياحبيبتى؟!