الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الفنان التلقائى «إبراهيم البريدى» ذكرياتنا.. قصاقيص قماش

الفنان التلقائى «إبراهيم البريدى» ذكرياتنا.. قصاقيص قماش
الفنان التلقائى «إبراهيم البريدى» ذكرياتنا.. قصاقيص قماش


اصنع من ذكريات ملابسك القديمة لوحة فنية.. أعد تدوير قماش مهمل وشاهدته فى أجمل عمل فنى.. تعلم أن من البقايا يمكن إحياء شيء جديد بدلاً من التخلص منه، هذا ما فعله فنان الكاريكاتير «إبراهيم البريدى» مؤسس ورائد فن (المرج خيط) فى مصر، والحاصل على جائزة الدولة التشجيعية فى الفنون هذا العام.
«مرج خيط» هو فن مطور من عرائس الماريونت بشكل فنى جديد، عبارة عن لوحات فنية تنفذ بقصاقيص من القماش القديم أو الجديد على لوحات من الخيش أو البلاستيك، وهو فن السهل الممتنع يمكن للمتخصص بالرسم أو غير المتخصص تنفيذه، شريطة أن يحسن استخدام الألوان والتكوين، ومن الممكن أن نعتبره إعادة تدوير مرة أخرى لبقايا القماش فى شكل فنى جديد.
• سوق المرج
مؤسس فن «مرج خيط» هو رسام الكاريكاتير «إبراهيم بريدى»، وهو من مواليد محافظة الغربية مدينة طنطا عام 1963، حصل على عدة جوائز محلية ودولية فى رسوم «الكاريكاتير» ورسوم «المرج خيط».
رغم كونه فنان كاريكاتير بالأصل فإن فنه الجديد والتلقائى بقصاقيص القماش تفوق على تخصصه فحول حياته، عن ذلك قال: كانت البداية عام 2005 عندما كنت أسير فى سوق المرج ووقعت عيناى على كومة ملقاة على الأرض من قصاقيص القماش أعجبت جدا بألوانها المختلفة والمتجانسة فى ذات الوقت وقررت أخذها، وبدأت من هذه القصاقيص عمل أشكال صغيرة وتثبيتها على لوحة واحدة لتكوين مشهد درامى، جذبنى جمال اللوحة الشديد رغم طريقة تنفيذها البسيطة جدا وقررت عمل أكثر من لوحة لم تتجاوز مساحة الواحدة أكثر من 30*40 سم، وعرضتها على مجموعة من أصدقائى فنانى الكاريكاتير، منهم الفنان القدير الراحل «مصطفى حسين» والفنان «جمعة فرحات» ولاقت الفكرة إعجابهما، حتى إن الفنان «سمير عبدالغنى» رغم كونه رسام كاريكاتير غيورا على تخصصه فإنه شجعنى على سلك هذا النوع من الفن لأكون مؤسسه ورائده فى مصر.
 وبالفعل اتجهت لهذا النوع بجانب عملى كرسام كاريكاتير وكان أول معرض بساقية الصاوى من نفس العام وتحت رعاية السفيرة «مشيرة خطاب»، وبعده أقمت 17 معرضا خاصا آخرها معرض «أغنية فى لوحة» فى قاعة دروب العام الماضى.
سبب تسمية فنه باسم «مرج خيط» يرجع إلى «محل إقامتى بحى المرج بحلوان الذى شهد بداياتى مع هذا الفن، إضافة إلى أهم مكونات العمل الفنى وهو الخيط».
• مخزون الطفولة
لتميز تكويناته الفنية المستوحاة من القصص الشعبية قال: أخاطب بفنى الناس البسيطة فأنا واحد منهم وأختار موضوعاتى من الطقوس الشعبية التى تثرى تراثنا المصرى، فعندى مخزون طفولى من نشأتى الريفية بمدينة طنطا، أستعيد منه الأفراح والموالد وغيرهما أنقلها على سطح اللوحة مع المزج بينها وبين الحياة القاهرية أو الرموز العالمية، فقد نفذت من قبل شخصية شارلى شابلن فى الحارة الشعبية، كما أنى مغرم بتقديم الليلة الكبيرة، أيضا جسدت الأغانى القديمة فى لوحات المعرض الماضى، وسوف أقدم تكوينات عن فرقة «حسب الله» فى معرضى القادم.
تتميز لوحات فن «مرج خيط» ببساطة تنفيذها لذلك شرح البريدى: فى البداية ولمدة 6 شهور كنت أقوم أولا برسم إسكتش صغير للتكوين ثم أنفذه على اللوحة بمقاس أكبر، وبعد ذلك بدأت بالتنفيذ على اللوحة مباشرة بتثبيت قطع القماش وفوقها أضع التفاصيل وآخر مرحلة هى الخيط ولابد أن يكون واضحاً وبارزاً، فهذه اللوحات تعتمد على إظهار الخيوط وليس إخفاءها.
باعتبار فن «مرج خيط» إعادة تدوير مرة أخرى للقماش قال «البريدى»: ممكن نعمل من ذكرياتنا لملابسنا القديمة لوحات فنية نحتفظ بها ونشاهدها أمام أعيننا طول الوقت، وقد قمت بتنفيذ ذلك للكثير من أصدقائى، فكل معارضى تحمل ملابس قديمة لهم. وأذكر ذات مرة أن طلبت منى إحدى الصحفيات بإحدى الصحف القومية الكبرى أن أنفذ لها لوحة كبيرة بواسطة ملابس قديمة لها تعتز بها جدًا.
• معرض «أم إبراهيم»
عن منافسه الوحيد فى هذا المجال وهى والدته المقيمة بطنطا والتى تبلغ 85 عاما تحدث: فى البداية كانت تساعدنى والدتى المقيمة فى طنطا فى أعمال خياطة اللوحات لتسلية وقتها أثناء زيارتها لى فى القاهرة. وعندما وجدتها تحيك الأشكال على سطح اللوحة بمهارة وسرعة تفوقنى بكثير رغم أنها لا تجيد الرسم طلبت منها أن تقوم بتنفيذ لوحات بالكامل بمفردها. وحدث بالفعل أن عادت إلى بيتها فى طنطا ونفذ 20 لوحة رائعة فى وقت قصير عرضت فى ساقية الصاوى بعنوان (معرض الفنانة التلقائية أم إبراهيم) ونجح بشكل كبير وبيعت كل اللوحات تقريبا فتفوقت عليَّ، وسجلت معها قنوات تليفزيونية كثيرة سافرت لها فى طنطا، ويعد هذا هو المعرض الأول والأخير لها، حيث إن ظروفها الصحية الآن لا تساعدها.
• ورش فنية
عن مردود هذا النجاح قال «البريدى»: نشرت لوحاتى فى العديد من الجرائد والصجف اليومية، واستمرت جريدة الشروق لمدة طويلة فى نشر لوحة بالألوان فى صفحتها الأخيرة من كل يوم جمعة، كما تنظم لى وزارة الثقافة فى الكثير من مراكزها الثقافية المختلفة العديد من الورش التى أقوم فيها بتعليم الأطفال والشباب وحتى طلبة ومدرسين من كليات الفنون فن «مرج خيط»، وكانت بداية الورش فى دار الأوبرا المصرية عام 2007 ثم انتقلت إلى مركز طلعت حرب الثقافى، ثم بيت العينى بالأزهر عام 2014، كما أقيمت ورش فى مراكز خاصة كثيرة مثل المركز القومى للطفولة والأمومة بأسوان والكثير من الجامعات.
• تميز مصرى
حصل «البريدى» على العديد من الجوائز بفنه مرج خيط وعنها قال: حصلت على جائزة الدولة التشجيعية فى الفنون فرع المهارات والمعارف الشعبية المرتبطة بحرف شعبية لعام 2016 عن عمل «الليلة الكبيرة». وقد سبقتها جائزة الدولة التقديرية عام 2014 أثناء اشتراكى بمعرض «الشارقة الدولى لرسوم الطفل الاحترافى»، كما عرضت لوحاتى فى الصين ضمن معرض الجناح المصرى عندما احتفلت وزارة الثقافة منذ عامين تقريبًا بمرور 60 سنة على علاقات مصر والصين. وحينها رشح «عماد عبدالمحسن» أعمالى لتشارك فى المعرض لتميزها وانفرادها وغنائها بالبصمة التراثية المصرية، وكان الأهم هو عدم تقليد الصينيين لهذا النوع من الفن لذلك قيل لى أن لوحاتى هى التى أنقذت الجناح المصرى هناك وميزته عن غيره، ورغم ذلك لم تسع وزارة الثقافة مرة أخرى لتنظيم أى معرض دولى لأعمالى!! فأنا أشعر دائما أن معارضهم الدولية تنبى على أشخاص معينة تربطها بهم دوائر مغلقة، ولهذا فأنا أتمنى أن يلف فنى العالم كله.•