الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

شحات الغرام

شحات الغرام
شحات الغرام


كتبت: سالي رياض
قال عنه الموسيقار محمد عبد الوهاب:«كان يتسول النغمات فى كل شيء حوله»..
هو شحات الغرام محمد فوزى صاحب الغناء المنساب الكلمات والنغمات ..تتراقص جمله اللحنية مع سلاسة صوته.

صاحب الغنوة المنسابة كرسوم العازفات.. وكنقش مصرى مجرد ومليء بالتفاصيل المنمنمة.
 امتلك أوتار العود كما امتلك صوتًا طربيًا فتميزت ألحانة دراميًا، فكانت جزءا من الدراما فى السينما.
 على الشاشة نراه يغنى ويلحن ويمثل وينتج.. ويكتب أحيانا.
فى 20 أكتوبر تحل الذكرى ال 51 لرحيل فوزى، الذى قد لا نصدق أنه تركنا منذ 1966 بعد معاناة مع المرض، لأن صوته وألحانه لاتفارقنا.
ولد «محمد فوزى عبد العال الحو» فى قرية «كفر أبو جندي» التابعة لمركز «قطور» بمحافظة الغربية فى 15 من أغسطس 1918 ورحل فى «برلين بألمانيا» عن عمر يناهز ال 48 عاما، لكنه مازال حاضرا بيننا بأفلامه وألحانه وخفة ظله الأخاذة.
غنا له العديد من الفنانين، وتتجلى عبقريته فى امتلاكه لأوتار العود، بعد خالد الذكر «سيد درويش» و«بليغ حمدي».
صاحب الألحان الطازجة
ظلت روح فوزى حرة تنتقل بين النغم وتمنحنا غناء ذا نكهة خاصة، مزيجًا من المزاج الشعبى والكلمات البسيطة والراقية، والالحان الطازجة كنداوة الورد البلدى فهو «يهوى اللى يهواه وينسى اللى ينساه».
فى نبرات صوته تلمح تصوف الغناء والموال، حيث تأثر بنشأته فى مدينة طنطا، مدينة «السيد البدوي»  التى تنشد فى ذكرى مولده الابتهالات الصوفية، ويبدو أن هذا الطقس المصرى الخاص قد نحت فى صوت فوزى جمالا متمايزا.
 وفى رحلته من طنطا إلى القاهرة فى عام  1938 عمل ممثلا ومؤديا فى الفرق المسرحية مع بديعة مصابنى وفاطمة رشدى،  التى تحمست له إلى أن التحق بالفرقة القومية للمسرح وغنا لسيد درويش في «مسرحية شهرزاد».
 ألحان مبهجة
استطاع فوزى فى كل مرة غنا فيها أن ينقلك إلى أجواء من الفرح والبهجة، وتلحظ فى ثنايا جمله اللحنية خفة الظل، أحد أهم سمات شخصيته التى تجلت فى موسيقاه، ومنح الحس الشعبى الراقى ألحانه وغناءه حضورًا خاصًا وتميزًا ظل إلى الآن.
 أشهر دويتو
من أشهر الدويتو فى تاريخ الغناء المصرى والعربى يأتى «شحات الغرام» مع ليلى مراد والتى كلما سمعتها شعرت بعذوبة فوزى وليلى.. فالكلمات والمشهد نسيج فنى متكامل.
كتب شحات الغرام «بديع خيري» ووضع لها اللحن فوزي وغناها فى فيلم «ورد الغرام» للمخرج هنرى بركات، وأنتجته شركة فوزى عام  1951.
يا نور جديد فى يوم سعيد
ده عيد ميلادك أحلى عيد
الجملة اللحنية فى الاستهلال  كالنشيد، وهى من أبدع أغنيات المناسبات، فكان غناء فوزى يحمل طقس الحياة بكل تنويعاتها، فغنا للغرام واللقاء والهجر، وغنا لعقد القران والعرس، «ياولاد بلدنا يوم الخميس هكتب كتابى وابقى عريس» هنا الهوية المصرية، جزء من صوت وموسيقى فوزى، كتب الكلمات صلاح فايز وغناها فوزى.
وتأتى أغنية «دارى العيون» كلمات عبد العزيز سلام، لتؤكد على ارتباط الإبداع بالفطرة، وتعبير الفن عن الذات، فالشوق يهيم بالعيون فى كل أدبياته، فتأتى دارى العيون، لتدخلك إلى الوصف والتنوع والاسترسال، وتعد من أبدع الأغنيات التى تغنت بجمال العيون «دارى العيون داريها السحر ساكن فيها».
 ماما زمانها جاية
فى عام 1954 وضع لحن «ذهب الليل طلع الفجر» و«ماما زمانها جاية» ودمج صوت ضحكة طفل خلال الأغنية، مما يدلل على رؤيته الشمولية للموسيقى، التى تجمع بين التعبير و الدراما، وكأن الضحكة جملة إيقاعية، ليحدث فوزى نقلة كبرى فى محاكاة الغناء لوجدان الأطفال ويتسلل بنعومة إلى قلوب الصغار بخفة ظله وصدقه، ليضيف  تجديدا آخر فى استخدام البيانو.
 سينما فوزى
قدم فوزى مايقرب من 30 فيلمًا منذ الأربعينيات، وأول بطولة له كانت أمام نور الهدى فى 1946 فى فيلم «أصحاب السعادة»، ويعد فيلم «الحب فى خطر» عام 1951 الخطوة الثانية لإنتاج فيلم ملون.
وبثت الإذاعة المصرية، التى رفضته كمطرب أغانيه السينمائية، وبعد ثورة يوليو 1952دخل الإذاعة بقوة بأغانيه الوطنية «بلدى أحببتك يا بلدي» والدينية: «يا تواب يا غفور» و«إلهى ما أعدلك».
شركة «مصر فون» أحد أهم منجزات فوزى التى أسسها فى عام 1958 فمن خلالها غنا العالم العربى على أنغام مصر، ولعبت دورًا فى نشر الغناء المصرى، من المحيط إلى الخليج ، واستطاع من خلالها  إقامة ستديو ومصنع لإنتاج الأسطوانات، وفرغ نفسه لإدارتها.
وإذا تأملت فى إبداعات فوزى ستكتشف أن الهوية والتجديد، مساران يميزان كل ماقدم، حتى عندما قدم الفرانكو آراب فى لحن يا مصطفى يا مصطفى غناء «برونوموري».