السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

تحية للرجال

تحية للرجال
تحية للرجال


دوما مصر غنية برجالها. رغم كل المحن والصعوبات والعوائق. رغم الحروب الدائمة والمستمرة على الدولة المصرية. إلا أن هناك رجالاً يظهرون فى الوقت المناسب. وقت الشدائد. لتقف مصر من جديد على قدمين ثابتين تقود المنطقة إلى الخير والسلام. وكان دور رجال المخابرات المصرية تاريخيًا الأسبوع الماضى عندما تم الصلح - أخيرًا- ما بين ألد الأعداء بينهم وبين بعض. فتح وحماس. وهو الاتفاق الذى سيغير  وجه المنطقة وهو ما سيعطى قبلة الحياة للدولة الفلسطينية ولشعبها المطحون المشتت.


فجأة ظهرت قضية رسام الكاريكاتير الفلسطينى ناجى العلى. أعاد الإنجليز - بضغط من التنظيم الدولى للإخوان الذى يقود حركة حماس -  فتح القضية من جديد. وهى القضية التى وضعت منظمة فتح فى مأزق كبير يمس قاداتها التاريخيين وبعضًا من قادتها الآن. كان فتح القضية وسيلة ضغط ورسالة مشفرة لقادة حركة فتح. وفك القادة الشفرة وجاءوا لمائدة المفاوضات. وفى نفس الوقت تم تجميد كل أموال الإخوان فى المملكة السعودية للضغط على حركة حماس. وقادت المخابرات المصرية مبادرة الصلح. ومصر هى الدولة الوحيدة التى يمكنها أن تجلس وتقود. دولة نظيفة بلا مطامع. كما أنها الدولة الوحيدة التى يثق فيها الجميع حتى الإسرائيلين - رغم كرههم التاريخى لمصر - الأتراك رغم علاقتهم القوية مع إسرائيل وحماس وحتى فتح لا يمكن أن تقود وهى مشغولة بحربها ضد دولة كردستان الجديدة. لكنها فى المقابل أخذت تعويضا للبعد عن القضية ببناء قاعدة عسكرية فى الصومال. وقطر التى صرفت أموالا طائلة لحماس منبوذة ومشغولة فى مشاكلها مع جيرانها. والسعودية لا يمكن الآن أن تظهر بشكل مباشر مع الإسرائيليين. وإيران ترتجف من التهديدات الأمريكية الأمر الذى وصل بها لتقديم ورقة استسلام إلى دولة عمان لتقدمها إلى الأمريكان. ولم يبق غير مصر لتقود هذا الاتفاق التاريخى. وحصلت منظمة فتح على ثلاثة مكاسب كبيرة متمثلة فى حل اللجنة الإدارية وتسليم القطاع إلى حكومة التوافق الوطنى الفلسطينى وتنظيم الانتخابات العامة. لكن فى المقابل لابد أن تحصل حماس مكاسب كبيرة توازى تنازلاتها نتيجة ذلك الاتفاق وهو الاعتراف بحماس ومشاركتها الحكم وهو المطلب التاريخى لحركة حماس. ودخل الإسرائيليون على الخط بعد إعلان الاتفاق بطلبهم بحل الميليشيات المسلحة. 
ورعت المخابرات العامة المصرية التفاهمات الأخيرة بين حركتى فتح وحماس، التى قادت إلى تسلم حكومة الوفاق مقاليد الوزارات فى غزة باستثاء الداخلية والمعابر. ورحبت حركة حماس بقدوم الوفد الأمنى المصرى الذى ضم كلا من السفير المصرى لدى إسرائيل حازم خيرت، واللواء همام أبوزيد، واللواء سامح كامل من المخابرات المصرية لترتيب إجراءات المصالحة وتسليم القطاع لحكومة الوفاق الوطنى الفلسطينى برئاسة رامى الحمد الله، وإدارة شئونه تنفيذا لتفاهمات القاهرة. قيادات حركة حماس على رأسها رئيس المكتب السياسى إسماعيل هنية ورئيس الحركة فى غزة يحيى السنوار كانت فى استقبال الوفد المصرى فى منزل هنية. وتتلخص مهمة الوفد المصرى فى «مراقبة» تنفيذ الأطراف الفلسطينية لما اتفق عليه فى الاجتماعات المكثفة التى جرت مؤخرا فى القاهرة، والتوسط لحل أية خلافات قد تنشأ خلال تسلم الحكومة الفلسطينية مهامها ومسئولياتها فى قطاع غزة. وصل الحمدالله عبر معبر بيت حانون (إيريز) الذى تسيطر عليه إسرائيل، حيث كان فى استقبالهم العشرات من كوادر حركة فتح وعدد من مسئولى حركة حماس وحوالى 2000 فلسطينى تجمعوا أمام البوابة الخارجية للمعبر. وكانت قد ظهرت فى شوارع غزة صورا للافتة يظهر فيها الرئيس عبدالفتاح السيسى وشعار «تحيا مصر» وظهرت هذه اللافتة فى غزة بالتزامن مع وصول الحكومة الفلسطينية إلى القطاع لتسلم مهامها من حركة حماس وعلقت اللافتة فى أحد الميادين قرب دوار أنصار غرب مدينة غزة. وكتب عليها:  «مصر لن تكل ولن تمل من العمل من أجل أن يكون الشعب الفلسطينى بأفضل حال»، وأسفل هذه العبارة كتب «تحيا مصر»، فيما ظهر على الجدار من خلف اللوحة شعار كبير لحركة حماس. وكان رئيس حركة حماس فى قطاع غزة، يحيى السنوار تعهد فى لقاء مع مجموعة من الشباب الفلسطينى فى قطاع غزة يوم الخميس قبل الماضى، بتقديم تنازلات أكبر فى سبيل تحقيق المصالحة، وأشار إلى أن حركته اختارت أن تحل اللجنة الإدارية قبل صعود الرئيس عباس إلى منصة الأمم المتحدة، «لأن حماس تقدر أن الرئيس القوى هو مصلحة لشعبنا وقضيتنا». وفى كلمة متلفزة بثت خلال لقاء مدير مخابراته اللواء خالد فوزى بحكومة الوفاق الفلسطينية فى غزة، قال الرئيس عبد الفتاح السيسي: إن بلاده ستستمر فى دعمها لمسيرة الشعب الفلسطينى نحو الوحدة والوفاق، وستجدوننا بجانبكم على الدوام.
وعقدت الحكومة الفلسطينية برئاسة رامى الحمد الله يوم الثالث من أكتوبر. أول اجتماع لها منذ العام 2014 فى مقر رئاسة الوزراء الفلسطينية بمدينة غزة، فى خطوة أولى على طريق إرساء عودة السلطة الفلسطينية المعترف بها دوليا إلى القطاع الخاضع لسيطرة حركة حماس منذ 2007، وأعلن الناطق باسم الحكومة يوسف المحمود فى مؤتمر صحفى عقب انتهاء الاجتماع أن الحكومة أجرت «مناقشة سريعة لملفات الكهرباء والمياه والإعمار، وأن ملف الأمن والمعابر والموظفين سيتم بحثه فى القاهرة الأسبوع المقبل». وفى تلك الأثناء تظاهر العشرات من الموظفين وأهالى الضحايا الذين قتلوا فى المواجهات بين فتح وحماس أمام مقر انعقاد مجلس الوزراء فى غزة للمطالبة بحل أزمات القطاع وبدفع رواتبهم، ورفعوا شعارات «قطع الأرزاق مثل قطع الأعناق»، و«نريد حياة كريمة».
وخلا بيان حكومة الوفاق الوطنى خلال جلستها التى عُقدت فى مدينة غزة من أى قرار من شأنه التخفيف من العقوبات التى فرضتها السلطة الفلسطينية على قطاع غزة لإجبار حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على تسليم مقاليد الحكم. وقال الرئيس الفلسطينى محمود عباس، إن السلطة الفلسطينية ستقف على المعابر فى قطاع غزة موضحا أن «المعابر والأمن والوزارات، كل شيء يجب أن يكون بيد السلطة الفلسطينية» فى القطاع، وأضاف «لن أنسخ أو استنسخ تجربة حزب الله فى لبنان»، وفيما يخص أسلحة حماس قال «عباس» هناك دولة واحدة بنظام واحد بقانون واحد بسلاح واحد. حيث تمتلك حماس ترسانة عسكرية ضخمة وقوة مسلحة يقدر عددها بـ25 ألف عنصر. وبعد الاتفاق أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، رفضه أى مصالحة فلسطينية من دون الاعتراف بدولة اسرائيل وحلّ «كتائب القسّام» الجناح العسكرى لحركة «حماس»، وقطع الحركة علاقاتها بإيران.
أما «حماس» فلن تشارك فى أى مفاوضات مخطط لاستئنافها قريبًا بين الأطراف الإسرائيلية والفلسطينية، لكنها لن تعارض تلك المفاوضات أيضًا، حيث سبق أن اعترفت بحل الدولتين كأساس لحل القضية الفلسطينية قبل شهور. وثمة آمال بأن تنضوى  حماس فى منظمة التحرير الفلسطينية وتكون جزءاً من المجلس الوطنى الفلسطينى حتى يكون هناك وحدة موقف ملزمة للجميع وبخاصة تجاه العملية السِّلمية وتجاه البرنامج الوطنى المرحلى والاستراتيجى. هذا ما تم تحت رعاية المخابرات المصرية. وهو نجاح عظيم وتاريخى يحسب لرجال هذا الجهاز الوطنى الموجود دائما وقت الأزمات. تحية لهولاء الرجال. •