(قادة أكتوبر) المشير محمد على فهمى.. حائط الصواريخ

صباح الخير
فى تاريخ مصر رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، دافعوا عن الوطن وضحوا من أجله بكل غالٍ ونفيس، لم يكترثوا لابن أو لزوجة، كل ما كان يشغلهم هو الأرض، فالأرض عرض، والمصرى لا يفرط فى عرضه ولو ضحى بدمه.. ومن خيرة هؤلاء الرجال المشير محمد على فهمى ..
مهندس معركة الدفاع الجوى فى حرب أكتوبر ومنفذ حائط الصواريخ الذى كان من الأسباب الرئيسية فى نصر أكتوبر1973 فلقب بـ«أبو حائط الصواريخ».
ولد المشير محمد على فهمى بالقاهرة فى 11 أكتوبر 1920، وهو الذى أنشأ حائط الصواريخ بالضفة الغربية للقناة ورئيس أركان حرب القوات المسلحة عام 1975. تخرج فى الكلية الحربية فى نوفمبر 1939 شارك فى الحرب العالمية الثانية وحرب 1948 وحرب 1956 وحرب 1967 وحرب الاستنزاف وحرب 6 أكتوبر 1973.
دخل البطل المشير محمد على فهمى التاريخ العسكرى من أوسع أبوابه، فبعد ظهر يوم الثالث والعشرين من شهر يونيو عام 1969م أصدر الرئيس جمال عبدالناصر قراراً جمهورياً بتعيين اللواء محمد على فهمى قائدا لقوات الدفاع الجوى، ليكون ذلك إيذاناً بمولد القوة الرابعة فى القوات المسلحة بقائد وقيادة منفصلة، بجانب القوات البرية والبحرية والجوية.
دراسة.. وبناء
قام البطل (محمد على فهمى) بدراسة أسباب نكسة 1967م ، والدروس المستفادة منها ثم أعاد تأهيل الجندى المصرى معنوياً وجسمانياً وذهنياً، وقام بإنشاء نظام دفاع جوى جديد فى منطقة الجيشين الثانى والثالث بالجبهة، وأعقبها بناء حائط الصواريخ الذى أدى إلى ابتعاد طائرات الاستطلاع الإسرائيلية شرق القناة إلى مسافات كبيرة.
وفى التاسع من شهر سبتمبر عام 1971م وبناء على تكليف قوات الدفاع الجوى بمنع العدو من استطلاع القوات البرية شرق القناة تم تنفيذ العملية (رجب)، حين أسقطت طائرة استطلاع إلكترونى ضخمة شرق القناة ، واحتجت إسرائيل على إسقاط الطائرة الذى أدى إلى فقدانها مجموعة من خيرة ضباطها ومهندسيها.
وفى اليوم التالى قامت إسرائيل بهجمة جوية بقوة 34 طائرة تحمل كل منها صاروخين من طراز( شرايك ) المضادة للرادارات، وتم إطلاق الصواريخ الثمانية والستين على مواقع الدفاع الجوى غرب القناة، وأعلنت إسرائيل أنها دمرت قوات الدفاع الجوى فى الجبهة، ولكن كانت الخسائر المصرية لا شىء تقريباً، فلم تحدث أى خسائر فى الأفراد أو المعدات.
واستمر البطل (محمد على فهمي) فى أعمال التطوير حتى أكتوبر 1973م، وفى وقت قياسى استطاع البطل تأسيس سلاح الدفاع الجوى الذى لعب دوراً حاسماً فى معارك أكتوبر 1973م.
لحظة فاصلة
وكانت لحظة فاصلة فى تاريخ العسكرية المصرية عندما انطلقت الصواريخ المضادة للطائرات التى زرعت الرعب والخوف فى قلوب الطيارين الإسرائيليين، واستطاع البطل محمد على فهمى القضاء على أسطورة التفوق الجوى الإسرائيلى، وأطلق عليه (حارس السماء المحرقة ).
ولا ينسى تاريخ يوم السادس من أكتوبر 1973م، وكانت الساعة الخامسة مساء، أى بعد ساعات قليلة من الهجوم المصرى المتواصل ..
التقطت الأجهزة الخاصة المصرية إشارة لا سلكية مفتوحة، تحمل أوامر صادرة من الجنرال (بنيامين بليد) قائد السلاح الجوى الإسرائيلى إلى طياريه، يأمرهم بعدم الاقتراب من القناة لمسافة لا تقل عن 15 كيلو مترا شرق القناة.
ومعنى هذه الإشارة أن قوات الدفاع الجوى بقيادة البطل اللواء محمد على فهمى، نجحت فى تأمين عملية الاقتحام والهجوم بكفاءة عالية ليلاً ونهاراً، وقدمت الحماية للمعابر والكبارى مما أتاح للقوات المصرية أن تستخدمها فى أمان .
وبعد نهاية حرب أكتوبر 1973 تولى البطل المشير محمد على فهمى رئاسة أركان حرب القوات المسلحة، وفى عام 1978م اختاره الرئيس محمد أنور السادات مستشاراً عسكرياً له، ثم توفى يوم الأحد 12سبتمبر 1999 فى لندن.
شهادات من قلب إسرائيل
شهد عنه حاييم هيرتزوج- رئيس إسرائيل الأسبق فى كتابه الجولات العربية الإسرائيلية قائلا: «لم يكن إنشاء حائط الصواريخ المصرى فى عام 1970م بفرض حل مشكلة المصريين فى حماية قواتهم غرب القناة، وإنما كان تحولاً استراتيجيا لم نفهم معناه إلا بعد 3 سنوات .. فى أكتوبر 1973م»
وقال عنه إليعازر- وزير الدفاع الأسبق فى مذكراته: «إن الحقائق بدأت تتضح أمامنا شيئا فشيئا، فالإشارات تذكر أن أكثر من ثلاثين ألفاً من الجنود المصريين أصبحوا يقاتلون فى الضفة الشرقية، وما زالت المعدات الثقيلة تعبر الكبارى إلى الضفة الشرقية.
وأكمل إليعازر: إن التلاحم بين جنودنا والمصريين معناه أن يفقد سلاحنا الجوى فاعليته، وأصبح مجموع ما سقط لنا من طائرات حتى الساعة العاشرة وعشر دقائق مساء يوم 6 أكتوبر هو 25 طائرة، ولقد أصبح القتال يسير ضاريا شرساً، والدلائل تشير إلى أننا نواجه خطة دقيقة ومحكمة لا نعرف مداها أو أبعادها ).
كما وصفته مجلة (أرميه) العسكرية الفرنسية بأنه من أبرز الشخصيات العسكرية فى العالم، وأحد كبار المتخصصين فى النواحى الفنية العسكرية.
وقال عنه (هودز) رئيس مجلة أسبوع الطيران وتكنولوجيا الفضاء الأمريكية: «إنه مهندس معركة الدفاع الجوى فى حرب أكتوبر 1973م ».
وسام الشرف
حصل على وسام التحرير ووسام النجمة العسكرى، ووسام نجمة الشرف العسكرى، ووسام الشرف العسكرى من سوريا، ووسام الملك عبدالعزيز من المملكة العربية السعودية، ووشاح النيل والعديد من الأنواط والميداليات فى المناسبات القومية.