الجمعة 21 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

نجوم الأغنية.. جنود آمنوا.. فأبدعوا

نجوم الأغنية.. جنود آمنوا.. فأبدعوا
نجوم الأغنية.. جنود آمنوا.. فأبدعوا


أرى أمامى شعبا منتصرا، مبدعين يتسابقون للتغنى بالنصر، كلمات ليست كالكلمات، ألحان ليست كالألحان، أصوات تتجلى، ومشاعر تفور كالبركان بالبهجة والانتصار، بالفخر والامتنان، بالوطنية والحميمية تجاه وطن واحد، مصر، عروس أكتوبر المجيد.

كان للنصر مذاقه الفريد فى إبداع أشهر الأعمال الغنائية، كلمات من القلوب خرجت وألحان من الوجدان ظهرت، لتتغنى بالنصر أقوى الأصوات: عبدالحليم، محمد قنديل، وردة، شادية.. الجميع يلتف حول كبار مبدعى الموسيقى فى مصر والوطن العربي: بليغ حمدى، محمد الموجى، منير مراد، محمد عبدالوهاب، واحدا تلو الآخر يجلس على البيانو ليعزف أعذب المقطوعات الموسيقية لأقوى الكلمات الوطنية فى حب مصر، فى رحاب النصر.. كبار الشعراء حاضرون: محمد حمزة، عبدالوهاب محمد، مصطفى الضمرانى، عبدالرحيم منصور، عبد الرحمن الأبنودى، محسن الخياط..  فى الخلفية يتبادل أعضاء فرقتى المايسترو صلاح عرام والمايسترو أحمد فؤاد حسن الأدوار لعزف أشهر الإبداعات الغنائية، إنها حقا خلية عمل، فيها الكل يعمل فى صمت، الكل يبدع فى حب مصر.. بينما كان جنود الوطن يهتفون الله أكبر.. تحيا مصر، يعبرون قناة السويس، ينتصرون لوطنهم ولكل مصرى كان جنود الأغنية الوطنية فى مصر والوطن العربى يتسارعون تجاه استديو 45 و46 بالإذاعة المصرية، يهللون من الفرحة، ما هو إلا الحماس يقودهم، الشعراء يكتبون، والملحنون بألحانهم، والفرق تستعد، والمطربون يترقبون بدء التسجيل، حب وحميمية، حماس وفخر، بهجة واستماتة على تقديم أصدق المشاعر فى أغنية، كانت ساعات العمل طويلة، لا مجال للراحة، للسكون، إنها مصر تنتصر، تحتفل، وتغنى.. وهنا يقول الموسيقار الكبير هانى مهنا: «من العاشرة صباحا حتى الثالثة صباحا الجميع يعمل، خلية نحل، لا مجال للسكون، كبار الملحنين والشعراء والمطربين والفرق الموسيقية، الكل يلتف حول أغنية واحدة يكمل بعضه، كانت الفرحة زادنا، والحماس يروى ظمأنا، كانت الأجواء فنية، مذاقها مختلف، كان هدفنا الوحيد التعبير عن مشاعرنا واحاسيسنا، التى لم نعيشها من قبل، قبل العبور كنا نتقاضى مائة جنيه مقابل اللحن، ولكن عقب النصر وصل أجر كل واحد منا بعد خصم الضريبة مائة وسبعين قرشا، لم تكن المادة غاية، بل وحده الإبداع الذى يسود أجواء المكان، الجميع يتسابق للانضمام إلى منتخب الإبداع ونجومه فى الكلمة واللحن..
لفى البلاد يا صبية
لفى البلاد
لفى البلاد يا صبية بلد بلد
باركى الولاد يا صبية
باركى الولاد..
على مدار سبعة أعوام كانت الكآبة سيدة الموقف، كان الإحباط يتحكم فى نفوس المصريين، اللهم مجرد بعض الأخبار التى تبعث ببصيص من الأمل فى النفوس، للصمود فى وجه الهزيمة وتجاوز مرها، جاء النصر لتدب الروح فى الأجساد، قلوب تنبض بالأمل، عيون تدمع من السعادة، وجدان يشع منه الإبداع، من كلمات الشاعر الكبير محسن الخياط ومن ألحان الموسيقار الكبير محمد الموجى، عبر العندليب الأسمر عن سعادته بالانتصار، فخره بوطنه وجنوده، فغنى «لفى البلاد يا صبية»، ومن كلمات مصطفى الضمرانى ومن ألحان محمد عبدالوهاب غنى «المركبة عدت»، أيضا من الأغانى التى شهدت حرب أكتوبر ميلادها بصوت العندليب كانت أغنية «عاش اللى قال» من كلمات محمد حمزة ومن ألحان بليغ حمدى وأغنية «النجمة مالت على القمر» من كلمات محسن الخياط ومن ألحان محمد الموجى..
حلوة بلادى السمرا بلادى الحرة بلادى
السمرا بلادى
وأنا على الربابة بغنى
ما أملكش غير أنى أغنى وأقول تعيشى يامصر
وأنا على الربابة بغنى وما ملكش غير غنوة أمل
للجنود  أمل للنصر
ليكى يا مصر
من كلمات عبدالرحيم منصور ومن ألحان بليغ حمدى، تغنت وردة بانتصار أكتوبر داخل استديو 46، عقب توقيع بليغ حمدى على اقرار لرئيس الإذاعة المصرية بابا شارو بخط يده بتحمله لميزانية التسجيل.. فإذا حضر النصر، حضر الإبداع، الذى تختفى أمامه أى حسابات مادية، ظلت حرب اكتوبر المجيدة لأعوام طويلة مصدر إلهام كبار وأشهر المبدعين فى سماء الأغنية المصرية والعربية، توالت الأغانى، التى ترجمت العديد من المشاعر واللحظات الصادقة، فغنت «شادية» يا حبيبتى يا مصر، عبرنا الهزيمة، وغنت ياسمين الخيام المصريين اهمه، بينما غنى محمد قنديل أحلى بلد بلدى.. فى الذكرى الرابعة والأربعين  نحتفى معا بأعظم ما أنجبت حرب أكتوبر المجيدة من إبداعات عظيمة فى سماء الأغنية المصرية قد يمضى الوقت، إلا أن الانتصار يظل حاضرا، خالدا بمشاعره، بأحاسيسه، بإبداعه المستمر. أغانٍ كانت الأقدر على وصف مشاعر شعب، أغانٍ كانت الأقدر على التأريخ لمرحلة كانت ولا زالت هى المرحلة الأعظم فى تاريخ هذه الأمة، وختاما يقول الفنان محمد صبحي: «أغانٍ كانت الأشرس فى تناول تلك اللحظات التاريخية فى عمر مصر، شراسة فاقت جميع أشكال الفنون كافة، تليفزيون وسينما ومسرح». •