السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

حصة الأديان على الريق

حصة الأديان على الريق
حصة الأديان على الريق


لم يفهم التلامذة أطفال الحضانة مغزى كلمات النشيد الوطنى، لكن حناجرهم انجرحت من فرط حماس ملاحقة دقات الطبول وهم يرددون «اسلمى يا مصر إننى الفداء».. مدرستهم الجديدة ترويهم الوطنية بالأناشيد مبدئيا.
دخل الأطفال الفصل منشرحين، يستقبلهم أستاذ ومعلمة مسلحين بماجستير فى التربية وعلم الأديان، لأنها حصة «الأديان».. الحصة التى قررها وزير تعليم المستقبل - وهو شخصية كرتونية حتى هذه اللحظة لكن ممكن تدب فيه الحياة-.. دراسة الأديان هدفها محاربة فيروس الطائفية الذى زرعه مستعمرون زمان، ويرويه عملاء وأندال داخل الوطن، لأن البيئة مازالت حاضنة بالجهل والفقر وما يتبعه من يأس.. قرر الوزير الكرتونى المبدع استمرار حصة الأديان طوال كل مراحل التعليم بإصرار لفصل الدين عن السياسة.. وللتأكيد على أن العمل عبادة فى جميع الأديان (وضعية وسماوية).. وأن الأمم تتقدم بصلاة ودعاء أن يكون العمل صالحا، وليس بتعطيل العمل للصلاة.. هدف الحصة أن يثق الأطفال بوجود الله الواحد، وأن يمارسوا الفضائل سلوكا ناتجًا عن فكر سليم، فيخرجون للحياة أشداء خلوا من إعاقات التعصب والتطرف.. وتنجو مصر من طاعون سياسى تمكن منها عقودا لنهب ثرواتها البشرية والمادية.. وتركها موحولة، تهلل لنجاحها فى الاقتراض والديون!!
هذه المدرسة لا تلفظ المسيحيين من الفصل إلى الحوش فى حصة الدين الواحد لأنهم أقلية.. لكن الفصل يحتضن الكل بمحبة، بلا تمييز ولا خوف، لتهذيب السلوك وسنفرة الضمائر، كما تأمر جميع الأديان.. هنا يتعرف التلامذة على الله وعلى أنفسهم وعلى الحياة دون قهر أو خوف.. يتعلمون التساؤل والتفكير، والبحث عن الإجابات، وربط المعلومات واستنتاج النتائج واختبار صحتها.. ليتخرجوا كتائب مصريين قادرة على الاختيار وعلى الرفض وعلى الحلم، وعلى التحدى والانتصار. والأهم، موقعهم على خريطة الوطن.
وفكرة تعليم الأديان طرحها د.وسيم السيسى وأنا أؤيده.. وأطالب بتعليم الأديان الثلاثة السماوية والسبع الإبراهيمية، التى تعترف بإبراهيم نبيا ورسولا (الديانات التوحيدية، وأشهرها السامرية والدرزية والبهائية والبابية) والأخرى التى لا تعترف به مثل الآتونية - الإله المصرى أتون- والزرداشتيه والسيخية.. وأيضا الديانات الوضعية، وأشهرها الهندوسية والبوذية التى ظهرت فى الحضارة الهندية القديمة قبل الميلاد، وتعتقد فى تناسخ الأرواح.
لو علمت الدولة الأطفال مبادئ كل الأديان.. بدءا من تقديم الآيات والروايات والحكايات المشتركة بين الأديان الثلاثة عن ربنا القوى الرحيم، خالق الكون والكائنات وراعيها.. ومثل قصة إبراهيم أبو الآباء ونبوته، لاستقر قبول الآخر فى وجدانهم مبكرا فتحرروا من تعاسة الجهل وتقدم بهم الوطن.    
افتحوا النوافذ تهرب الجرذان والخفافيش.. لا نحتاج قروضًا ولا مليارات لإنقاذ مصر بالتعليم.. نحتاج تعليم كل الأديان لتنقية العلاقة ما بين اليهودية والمسيحية والإسلام.. والتى طالتها خناجر السياسة وآخر ثمارها المسمومة هم الدواعش.. وكل هذه الدماء.
مدرسة تعيسة المظهر والتعليم نعرفها من نتائجها التى تملأ السوق قبحا وسوء أخلاق وفهلوة وغياب ضمير.. اسمها مدرسة «لم ينجح أحد» الحكومية لصاحبتها وزارة التعتيم.. خسارة فيها الجهد والمال المسلوب ضرائب والمقروض ديونا، إلا فيما ندر.. حصة «الأديان» هى الترياق، وصراع الأديان هو الخراب.. فهل تدب الحياة فى وزير التعليم الكرتونى! ربنا كبير. •